ابن الكئيبة على الـ«CNN».. استرها يا رب
لم أدرك إحساس الملبوس إلا في الآونة الأخيرة.. يسرى في جسدى ما يشبه التيار الكهربائى من الأخمص إلى الرأس وتضربنى قشعريرة كالفلاش، فأوقن أنه يوم طين.. وقد اعتدت في السنوات الأخيرة عندما يداهمنى طعم الأيام الطين أن أهرع إلى الميديا الأمريكية، لعَلِّى أتعثر في تفسير، أو أجد على سطورها هُدى.
ذات صباح ضربنى إعصار ذلك الهاجس اللعين عقب ليلة عشت فيها قصة حب مضروبة في منام بكيت فيه على حالى من قليلة الأصل التي باعتنى وأنا أسير غرامها، واستيقظت وأنا أنوح مع أحمد بك شوقى ومحمد عبد الوهاب "مُضْنَاكَ جَفاهُ مَرْقَدُهُ / وبَكَاهُ ورَحَّمَ عُوَّدُهُ".. وأرجو أن تنتبه إلى أن "مضناك" بالضاد.
وكما اعتدت في هذه الحالة لجأت إلى نَبْش الإعلام الأمريكى.. وكانت الصدمة في تقرير عن حديث بثته قناة "سي إن إن" لمفكر سياسي أمريكى وثيق الصلة بدوائر اتخاذ القرار، وهو "ريتشارد هاس" الذي يرأس حاليًا مجلس العلاقات الخارجية أحد أهم مراكز الأبحاث الأمريكية على الإطلاق، وتصدر عنه المجلة الشهيرة فورين أفيرز، التي تَنْحَت ملامح السياسة الخارجية لأمريكا.
تصريحات الرجل مرعبة.. وإياك والقول إنها "طق حنك" لا يستدعى التهويل، لأن "هاس" ممن ينبغى أن تقف عند كل حرف ينطق به.. فهو معروف بمشاركته في صناعة القرار الأمريكى الذي يعرف طريقه إلى حيز التنفيذ، وبوجه خاص على صعيد الصراعات في الشرق الأوسط.
قال هاس: إن الشرق الأوسط كله سيكون مسرحًا لحرب دينية "سنية شيعية" قريبة الشبه بالحرب الدينية التي شهدتها أوربا بين الكاثوليك والبروتستانت على مدى 30 سنة "1618ــ1648م" وربما تمتد أكثر.. وقال سنشهد عقودًا عديدة من الصراعات داخل حدود كل دولة وخارجها، وحروبا بالوكالة، وكل ذلك سيندلع في آن واحد.
لم يكتف ابن الكئيبة بذلك بل أكد أن نيران تلك الحروب لديها "الحطب الوفير" القادر على تغذيتها، ولذا يمكن أن تستمر طويلًا.
وعن موقف أمريكا قال لن يكون بمقدورها أن تفرض تسوية بقوة السلاح، مشيرًا إلى أن أمريكا تعلمت من تجاربها بالعراق وأفغانستان أن التدخل العسكري ربما يعجز عن فرض تسوية.
أما أخطر ما جاء بالتقرير أنه أورد مقتطفات من مقال له بـ "فورين أفيرز" عام 2006.. يؤكد أن أمريكا ستضطر إلى التعامل مع من يفرض نفسه على الأرض، وأن أمريكا ستعجز عن إلحاق الهزيمة بالروح الجهادية العارمة المتجسدة في التنظيمات الجهادية، ودعا إلى ضرورة التفاهم مع الإسلاميين المؤمنين بالديمقراطية.
واضح أن بوصلة كلام ابن الكئيبة تشير إلى أن العم سام سيترك المنطقة تشتعل، بيد أنه عند بزوغ ملامح جديدة حال اقتراب النهاية سوف يتدخل للتعامل مع الواقع الجديد.. استرها يا رب.