فلسطينى عائد من سوريا: أعيش غريباً فى وطنى
نشرت وكالة أنباء الأناضول تقريرا حول قصة فلسطينى عائد من سوريا والظروف المعيشية للفلسطينيين العائدين من سوريا.. بدأ الفلسطينى المرحّل من سوريا أحمد بدح (50 عاماً)، حديثه لمراسل الوكالة قائلا "بعد ترحيليَ من سوريا، عنوةً، شدّنى الحنين إلى الوطن، هرولَتْ كل مشاعرى إلى غزة، قلتُ إننى سأعتبرها تمرّناً على العودة إلى يافا، بلدى الأصلية، سألملم ما فرقته الغربةَ من حبّ الوطن، لكن أخوتى بغزة فاجئوني، وأطلقوا عليّ لقبَ (اللاجئ) فى وطني، فلجأتْ مشاعرى -مرةَ أخرى- إليّ مذلولةً".
وقال بدح: "فى البداية سأذكر سبب ترحيلى من سوريا، حيث أتت حافلة المدرسة التى تتعلم فيها ابنتى الصغيرة، لتقلها وزميلاتها إلى مجمعٍ للمظاهراتٍ المؤيدة للنظام السوريّ".
غير أن بدح رفص ذهاب ابنته فى تلك المظاهرات سيرا على منهج الحياد الفلسطينى تجاه الثورة السورية، وهو السبب الذى جعل الجيش النظامى السورى يعتقله فى سجن "المزة" العسكرى القريب من العاصمة دمشق لمدة 6 أشهر، وفق روايته.
وأضاف بدح أن النظام السورى أبلغه بعد فترة الاعتقال أنه "تم سحب" إقامته فى سوريا، وسيتم "ترحيله" فوراً إلى غزة، فخرج بدح من سوريا مع أفراد عائلته المكونة من 14 فردا، إلى قطاع غزة، بملابسهم "فقط".
ولفت إلى أن "مصر لم تعامل النازحين من سوريا إلى غزة، أو المرحّلين، معاملةً جيدة، تليق بالمواطن العربى خاصةً وأنه مغربٌ عن بلاده، بحيث تركت السلطات المصرية النازحين ينتظرون لمدة أيام على المعبر".
وعن "بطش" عناصر الأمن السورى فى سجن "المزة"، قال بدح إنه شاهد أفراد الأمن "يضربون الفلسطينيين والسوريين على السواء"، مضيفاً: "بعد ضرب أحد المعتقلين، صرخ السجان فى وجهه وطلب منه أن يسجد لبشار الأسد" رئيس النظام السوري.
وقال بدح إن الشعب الفلسطينى بسوريا "معاناته مضاعفة، بحيث يتعرضون للخطف والقتل من قبل شبيحة النظام السوري".
وأشار إلى أن "النظام السورى يطلب فدية عن المخطوفين، وإن لم يتم دفع الفدية، يقتلونهم ويضعوهم فى أماكن مجهولة".
وبعد ترحيله إلى غزة، فوجئ بدح بتعدد المسميات التى يُطلقها "الغزييون" عليه وعلى القادمين من سوريا كـ: "لاجئ، نازح، سوري"، بشكل "زاد" من وقع معاناته فى غزة، مستغرباً من "تفرقة" هذه المسميات بينهم وبين الفلسطينيين غزة، رغمَ أن أصل اللاجئين الفلسطينيين فى سوريا، من فلسطين.
وأوضح بدح أن الفلسطينيين القادمين من سوريا "يعانون من اللا اهتمام المؤسساتي" بغزة، بحيث "لم تقدم المؤسسات المحلية والاهلية والحقوقية المساعدات لهم بالشكل المطلوب"، مضيفاً:" مقومات حياة فلسطينى سوريا معدومة بغزة، فلا وظيفة ولا مسكن".
ووفرت وزارة الشئون الاجتماعية بحكومة غزة عملاً مؤقتا لبدح لمدة "شهرين"، براتبٍ يقدر بـ 250 دولار، علماً أن بيته الذى "استأجره" يكلّفه 240 دولار-حسب قوله .
وأضاف:" عائلتى تتكون من 14 فردا، معى أختى الأرملة وأطفالها، حيث استشهد زوجها فى أحداث درعا بسوريا، وأب زوجتى المقعد، وأمى المريضة، كذلك ابنتى طالبة جامعية، أما ابنتى التى تصغرها سنّاً فهى محرومةٌ من الدراسة نظراً للوضع الاقتصادى الصعب، بالإضافة إلى زوجتى وأطفالى الصغار".
وأشار إلى أن راتبه من العمل المؤقت "لا يكفي" سداد أجرة المنزل، مستغرباً كيف له أن يوفّر قوت يومه، من مأكلٍ وملبس، ومتطلبات الحياة اليومية لأطفال، ودواء أمه ووالد زوجته، بالإضافة إلى تكاليف جامعةِ ابنته.
ولفت بدح إلى أنه تقدم لمؤسسات بطلبِ منحةٍ جامعية لابنته، إلا أن طلبه "لم يتم قبوله حتى الآن".
وناشد بدح ومجموعة أخرى من العائلات السورية بغزة الرئيس الفلسطينى محمود عباس لتقديم المساعدات لهم، لكنّه لم يتجاوب معهم، حسب قوله.
وطالب بدح المسئولين بقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، بتحسين ظروف العائلات السورية بغزة، وتوفير مسكنٍ لهم يأويهم أو توفير فرصةِ عمل "ثابتة" لأفراد الأسر ذوى الشهادات.
ويقدر عدد الفلسطينيين المتواجدين فى سوريا، قبل اندلاع الثورة السورية قبل عامين بقرابة 581 ألف نسمة يتمركزون فى مخيم اليرموك بدمشق، بالإضافة إلى مخيمات ومناطق أخرى.
لكن القتال الدائر منذ نحو عامين دفع عشرات الآلاف منهم للنزوح إلى لبنان، والأردن، فيما تمكنت مجموعات تقدر بالمئات من الوصول لقطاع غزة، فيما لا توجد إحصائيات دقيقة حول العائدين للقطاع.