قصة الأمن المركزى
فى قصة الدولة والحكم ولعبة السياسة، هناك ضحايا مجهولون ومعلومون فى بعض الأزمات عندما يحتدم الصراع على السلطة فمن هم الأمن المركزى؟
لا تتسرع فى الإجابة فتقل إنهم أداة السلطة وذراعها فى قمع الشعب وفى الدفاع عن الحكم.. ومنع الشعب أو بتعبير أكثر إيجابية هم أداة الدولة فى حفظ النظام ومقاومة الخارجين على القانون.. الإجابة الدقيقة قد كانت النشأة ذات بعد سياسى وذلك لقمع أية أعمال شغب أو أية خروج وعصيان ضد النظام..
أياً كان الأمر فهؤلاء أناس منا هم أبناؤنا، إخواننا عندما يقومون بمهامهم فليس سوء النية هو محركهم ودوافعهم ولكن حب الوطن وأداء وتنفيذ الأحكام وليس أى شىء آخر.. هم فى الأول والآخر صحبة وما بين شقى رحى ما بين أدائهم لواجبهم المطلوب منهم والذى من أجله جاءوا على اعتبار أن ذلك خدمة وطنية والذى قد يجبرهم على المواجهة بالعنف تنفيذا للأوامر والتعليمات أو حتى كرد فعل لما قد يقابلوا به من عنف وهنا فماذا عليهم أن يفعلوا؟
القانون الطبيعى هو أن لكل فعل رد فعل مضاد له فى الاتجاه، وأيضاً ذلك ما يحدث ولكنهم فى النهاية قد يتصادف أن يكون من معه فى المواجهة هو قريبه أو صديقه أو أحد أفراد أهله.. وهنا تقوم الدنيا ولا تقعد حول ذلك الكيان الأمنى ومدى إمكانية استمراره فى ظل المفاهيم الجديدة لممارسة السياسة وحقوق الإنسان.. وعلى رأسها حرية التعبير وحرية التظاهر والتعبير عن الرأى، فهل لابد أن تنتهى أم لابد أن تستمر؟ لاسيما مع ارتفاع موجات العنف أو سيادة العنف فى التعامل مع العديد من المواقف كما نرى فى هذه الأيام.
لقد كان من إحدى سلبيات هذه الظاهرة بداية تكوين هياكل وأشكال للعنف المنظم فى المجتمع، وقد عرفنا الكثير من الظواهر والحركات مثل "الألتراس" الذى بات أحد مصادر العنف ومجموعة "بلاك بلوك" وأيضاً "الجرين إيجلز"، وغيرها من الجماعات وهذه كلها أحد مصادر العنف والتى عند التعامل معها فهى ترد بذلك الأسلوب وهنا تحدث المواجهة مع الأمن المركزى وقواته والذى قد يحد كلا الطرفين نفسه فى المواجهة.. فقوات الأمن المركزى فى هذه العبارة للعنف ليسوا فاعلاً ولكنهم مفعول به وقد يكون الطرف الآخر فى المواجهة معهم فى عمليات المواجهة وقد يكون قد آن الآوان لإعادة تغيير منظومة التعامل مع التظاهرات ولابد أن يتم استبعاد القوة أو على الأقل التقليل منها قدر "الإمكان"، حتى لا تتم عملية استعداد المجتمع وتولد حالات العنف والمقاومة أياً كانت.
لذلك لم يكن إضراب الأمن المركزى إلا نتيجة الشعور بالقهر وأنهم يجدون أنفسهم فى مواجهة ليس لهم يد فيها.. قد يكون الخطأ راجع للفلسفة التى قام عليها الأمن المركزى منذ البداية فى ظل مفهوم الدولة البوليسية كأداة لقمع الشعب وبغرض سيطرة وهيمنة الدولة، ولكن علينا أن ندرك أن تغير الظروف لابد أن يتبعه تغير فى المفاهيم والآليات والأساليب فلم يعد من المقبول الآن بعد ثورة يناير أن يسود العنف أو يصبح القمع هو لغة التعامل مع الشعب.