إرباك مخطط الانتخابات
أربكت محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة يوم الأربعاء 6 مارس 2013، مخــطط انـتخـابـات مجلس النواب بعدما أمرت بوقف تنفيذ قرار الرئيس محمد مرسى بدعوة الناخبين لانـــــتخـاب أعضاء المجلس، فالانتخابات البرلمانية كانت تمثل مخططاً يجرى إدخال البلاد فى نفقه المظلـم حتى تزداد حالة الغموض السياسى عمقاً وإظلاماً، إلا أن الحكم قد كشف مدى العـــوار الفكرى الذى يقف وراء هذا المخطط.
فالقواعد الأصولية تقضى بأن "التحلية لا تكون قبل التخليـــة"، وأن "درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة"، وأن "ما لا يقــوم الواجب إلا به فهو واجب"، ففضلاً عما اعترى الدستور من تشوهات ستفسد على الشعب المصرى حياته ومستقبل أجيالـــه، وعنت الإخوان بشأن إعادة النظر فى نصوصه التى أجمع عليها خصومهم فضلاً عمن شـارك فى وضع هذه النصوص من أشياعهم، فوجئنا بقانون انتخاب مجلس النواب وقد جرى تفصيل نصوصه على مقاس فئة بعينها.
ثم فوجئنا أن النص الخاص بالرقابة السابقة على قوانــــــين الإنتخابات ما وضع إلا لإقصاء المحكمة الدستورية عن رقابة هذه القوانين، إذ كان المقصــود من وضع النص الدستورى على هذا النحو هو أن تقول المحكمة ما تريد بشأن مدى مطابقــــة النص للدستور، ثم يفعلوا ما يريدون طالما أن النص الدستورى لا يلزمهم بإعادة القانون مــرة أخرى إليها، ولا يحق لها وفقاً لهذا التفكير أن تعيد النظر فيه لاحقاً لسقوط حقها فى الرقابــــة اللاحقة.
فتقرير الرقابة السابقة لم يكن لوجه الله أو لضمان خروج القانون كامل الأوصاف قبل العمل به، توفيراً للنفقات والمجهودات والوقت الذى يضيع هدراً من عمر هذا البلد، وإنما كان تقريرها قيدا فى يد المحكمة يغل يدها عن التصرف، وقيدا على عقلها يغلها عن التفكير والنظر.
ليس هذا فقط وإنما قيد على إرادة المجتمع بأسره فى أن تكون إرادته حرة فى اختيار ممثليــــه على نحو حقيقى بعيداً عن مفاسد التزوير والغش والتدليس والتزييف، وتزيين الباطل ليدحض الحق فإذا كان تزييف الإرادة بالأمس هو التفاف على القانون والعمل من وراء ظهره فــــــى فى الخفاء دون أن يشعر أحد، وإذا شعر أحد لا يتسنى له إثبات ما يشعر به لعدم وجود بيــنــة أو قرينة دالة على ذلك، فالذى كان مراداً بالقانون الحالى هو تزييف الإرادة بالقانون. ويظهــر ذلك جلياً فى مادتين الأولى وهى الخاصة بتقسيم الدوائر، والثانية وهى الخاصة بالتــجــنيــد.
فقد جرى تقسيم الدوائر بالمخالفة للدستور ــ وهم واضعوه ــ بحيث يخدم فصيل سياسى بعينه دون بقية الفصائل، وقد جرى تفصيل مادة التجنيد لإدخال العناصر التى تم استبـــعــادها مـــــن التجنيد الإلزامى لأسباب تتعلق بأمن الوطن، وهى عناصر الجماعات الإسلامية التى طفت على السطح السياسى متصدرة للمشهد بأكمله دون رغبة منها فى مزاحمة الآخرين لها، فهــــاتين المادتين هما الأصل فى تزييف الإرادة وهما كذلك مخالفتين للدستور الذى وضعوه على نحو يكشف بوضوح مدى التشوش والعوار الفكرى الذى يقف وراء القانون والدستور معاً.