رئيس التحرير
عصام كامل

كرامة مصر والمعاملة بالمثل


هل استعاد المصريون فى الخارج كرامتهم بعد ثورة يناير؟ أم أن حالهم لا يختلف كثيرًا عن أهلهم بالداخل ؟ هل يحصل المصريون بالخارج على الحقوق التى كفلتها مصر لمن يعيش على أرضها من العرب وغيرهم من الجاليات ؟ أن أنهم يلقون من الذل والهوان والإهانة ما لا تلقاه الجاليات الأخرى فى أى مكان من العالم ؟ تُرى من السبب فى ضياع كرامتنا ؟؟ ولماذا يُفعل بالمصريين فى الخارج الأفاعيل ولا نرد الصفعات لمن بادرنا بها بعشر أمثالها ؟؟ هل أضاع المصريون كرامتهم بأيديهم ؟؟ أم أنهم أجبروا على ذلك رغمًا عنهم ؟


الحقيقة أننا أمام مسألة "حياة أو موت" ، وقضية كرامة شعب من أعظم شعوب الأرض على الإطلاق، شعب شهد له القاصى والدانى بعظمته وقدرته على صنع المستحيل وتجاوز الأزمات...

ولكن .. إلى متى يظل "قهر الفقر والإفقار" الذى أجُبر المصريون على تذوقه خلال العقود الماضية جاثما على الصدور ؟؟

فخلال العقود الثلاثة الأخيرة انتشر الفقر وعمّ الشح فى الفرص الاقتصادية وضعفت الخدمات الاجتماعية، وهو ما دفع كثيرين من أبناء هذا الشعب العظيم للهجرة عن أرض الوطن، باحثين عن الرزق والعيش الكريم. فى الوقت الذى لاقى فيه المصريون إهدارًا لكرامتهم وتفريطًا فى حقوقهم وحرياتهم الأساسية، بل ازداد الوضع سوءًا بشيوع إحساس فى أوساط المصريين بأن كرامتهم مهدرة وأن آدميتهم مستباحة. وهو شعور غذاه أداء الدولة الذى اتسم بالإهمال الجسيم والتراخى المميت .

ورغم أن زائرى مصر وقاصديها سواء كانت زياراتهم لغرض التجارة أوالسياحة أو طلب العلم أو العلاج يلقون من كرم الضيافة والنبل والشهامة وحسن الاستقبال مالا يلقاه المصريون خارج وطنهم سواء بالدول العربية أو الأجنبية، فإن المصريين بالخارج يلقون من الذل والمهانة فى بعض البلدان العربية مالا يلقاه أشقاؤهم فى الدول الغربية والأوربية، إلا أن المصريين لم يفكروا فى طريقة تعاملهم مع من يسىء إليهم ولم يفكروا فى التعامل مع من يهدر كرامتهم بالمثل ، وليس ذلك لضعف أو قلة حيلة، وإنما من منطلق "العفو عند المقدرة" و" المسامح كريم " .

ولكن ..ألا وقد " فاض الكيل وبلغ السيل الزبى" فلا مجال إذن للعفو مع من أساء إلى مصر وأهلها ، فكل يوم نسمع عن تشييع مصرى إلى مثواه الأخير أو معتقلٍ بلا ذنب أو تهمة أو أسيرٍ فى قبضة بلطجية الأنظمة الحاكمة قتل على أيديهم لأنه يبدو أن البعض اعتقد أن التسامح والعفو عمن أساء ضعف، لذلك لا مجال للتسامح، إذن، على الدولة المصرية أن تبادر بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع كل الدول والحكومات رعايا وجاليات وبعثات دبلوماسية وكما تدين تدان، لكى يدرك الجميع أن المصريين قادرون على مقابلة الإساءة بالإساءة والحسنى بالحسنى، وعلى الباغى تدور الدوائر .

الجريدة الرسمية