عذراً سيادة وزير العدل...
جاءت التصريحات الأخيرة التى أدلى بها المستشار أحمد مكى –وزير العدل- لوكالة الأناضول التركية، لتعرب عن الاتهامات التى وجهها لكل من القوى المعارضة والقوى الخارجية بالقيام بمحاولات لجر مصر إلى مفهوم "الدولة الفاشلة"، متناسيًا أن مصر بالفعل أصبحت دولة فاشلة.
نعم سيادة وزير العدل، فمصر بالفعل أصبحت دولة فاشلة، ولكن ليس بفضل دعم القوى المعارضة، وتمويل القوى الخارجية -كما صرحت- أنت، بل بفضل النظام الذى قررت أن تنضم اليه، وتسوق كل التبريرات لقراراته، والتى انتهت بجر مصر إلى مفهوم "الدولة الفاشلة".
فمصطلح "الدولة الفاشلة" لم يكن مصطلحًا عفويًا أو عشوائيًا، نصرح به فى لحظة غضب على الأوضاع التى وصلت إليها الدولة، بل هو مصطلح سياسي، له مؤشرات ودلالات، جميعها أصبح وللأسف متوافرا فى مصر، وله أيضا تقارير تُصدر سنويًا عن مراكز أبحاث عالمية، وأتوقع أن التقرير الذى سيصدر هذا العام سيشهد وجود مصر فى المراكز الأولى للدول الأكثر فشلًا على مستوى العالم، وذلك بفضل النظام الحالي.
فألم يكن يا سيادة وزير العدل، النظام الحالى مسئولا عن تسخير المؤسسة الأمنية لخدمة مصالحه، من خلال قتل وسحل معارضيه على مرأى ومسمع من الجميع، مما جعلها عاجزة عن القيام بوظيفتها الرئيسية المتمثلة فى خدمة الشعب، وتوفير الأمن له، وبالتالى صدور تصريحات -من قبل رموز محسوبة على النظام- بتشكيل فرق شعبية كبديل للشرطة، وصدور قرارات من النيابة العامة بمنح الضبطية القضائية للمواطنين، مما يسمح لتكوين بيئة مهيئة تمامًا لظهور الميليشيات المسلحة التى تعد أهم مؤشرات الدول الفاشلة؟!
وألم تكن يا سيادة وزير العدل الحكومة الحالية -التى أجمع الشعب على فشلها- مسئولة مسئولية كاملة عن غياب أدنى الخدمات والاحتياجات اليومية البسيطة للمواطن، من كهرباء وسولار وخبز، وغيرها من الخدمات الأخري، التى حينما يعجز النظام عن توفيرها لمواطنى الدولة، تكون دولة فاشلة؟!
وألم يكن يا سيادة وزير العدل، رئيس الجمهورية أول من جرّ مصر إلى مفهوم الدولة الفاشلة حينما تعمد هدم ما تبقى من المؤسسة القضائية حينما أصدر إعلانًا دستوريًا جعله فوق القانون، وسمح لجماعته بمحاصرة المحكمة الدستورية العليا، فى مشهد يبدو فيه غير آسف على القانون ، والذى يعد غيابه كفيلًا لانهيار الدولة، وتحولها إلى دولة فاشلة؟!
فعذرًا سيادة وزير العدل، فقيامك اليوم -كرمز للعدل- بتضليل العدالة، عن طريق إصدار اتهامات بدون أدلة -فى واقعة ليست الأولى من نوعها- يجعلك أنت نفسك مظهرًا من مظاهر الدولة الفاشلة.
nour_rashwan@hotmail.com