رئيس التحرير
عصام كامل

بوتين وتوازن القوى


الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، خلال ولايته الثالثة بدأ يرى نفسه كروسى محافظ، الأمر سينعكس على مستقبل البلاد حيث إن تبنى بوتين للأفكار المحافظة له علاقة بصورة جزئية بالتطورات التى يشهدها العالم.

يقول الفيلسوف والمفكر الأمريكى فرانسيس فوكوياما، إن النهج اليمينى لا الرايكالى اليسارى استطاع النجاح فى خضم الأزمة الاقتصادية، ولا تستطيع روسيا اليوم العودة إلى أيام الاتحاد السوفيتى، فالحكومة يسيطر عليها المعتدلون برئاسة ديمترى ميدفيديف، ورغم وجود أقلية من الليبراليين فى البلاد إلا أن لهم تأثيرهم فى البلاد، ومبدأ توازن القوى هو المفتاح لفهم النهج المحافظ الذى سينتهجه بوتين فى ولايته الثالثة وربما الرابعة أيضاً.
كما أن بوتين سيسعى إلى تحقيق المصالح الوطنية والقوة الإقليمية والعالمية وحماية الناتج الوطنى والاقتصادى، فى حين أن روسيا ستحاول تطوير نفسها بجميع الوسائل الممكنة.
لقد تحول بوتين إلى محافظ على الطريقة الروسية الحديثة، وهى طريقة تناهض للشيوعية والليبرالية على حد سواء، وهى تختلف فى كثير من جوانبها عن إصدار الولايات المتحدة، فهنا نجد أنها لا تفرق بين القائمين على إدارة السلطة السياسية غير المجزأة، إن روسيا لا يمكنها العودة إلى النموذج السوفيتى سوى من الناحية الرمزية مثل إحياء النشيد السوفيتى أو تصعيد حدة الخطابة الاشتراكية، وبالمثل فإننا لن نرى ولادة جديدة للامبراطورية القيصرية مع التقاليد المسيحية الأرثوذكسية والأيديولوجية الرسمية، خاصة أن المجتمع الروسى اليوم هو مجتمع متعدد الأعراق فى ظل تنامى عدد السكان المسلمين.
وبوتين هو نتاج بيئته صنعته الخبرات التى اكتسبها فى بلاده، وهو مركب من هويات متعددة تنبع من التجارب التى مر بها، والتى تساعد على تفسير انضمامه إلى الاستخبارات السوفياتية (كى. جى. بى)، وتعيينه نائب رئيس بلدية سان بطرسبرج، ليصعد منها إلى قمة السلطة الروسية، الرئيس الرابع لجمهورية روسيا الاتحادية. خريج كلية الحقوق جامعة لينينغراد فى عام 1975، وأدى خدمته العسكرية فى جهاز أمن الدولة وعمل فى جمهورية ألمانيا الشرقية بالفترة من 1985 – 1990، وتولى منصب مساعد رئيس جامعة لينينغراد للشئون الخارجية منذ عام 1990، ثم أصبح مستشارا لرئيس مجلس مدينة لينينجراد.
تولى منصب رئاسة لجنة الاتصالات الخارجية فى بلدية سانت بطرسبورج، وفى الوقت نفسه تولى منصب النائب الأول لرئيس حكومة مدينة سانت بطرسبورج منذ عام 1994، وأصبح نائبا لمدير الشئون الإدارية فى الرئاسة الروسية منذ أغسطس 1996، ثم أصبح نائبا لمدير ديوان الرئيس الروسى ورئيسا لإدارة الرقابة العامة فى الديوان منذ مارس 1997 وفى مايو 1998 أصبح نائبا أول لمدير ديوان الرئيس الروسى، وعين فى يوليو 1998 مديرا لجهاز الأمن الفيدرالى فى روسيا الاتحادية، وتولى فى الوقت نفسه منصب أمين مجلس الأمن فى روسيا الاتحادية منذ مارس 1999، وفى أغسطس 1999 أصبح رئيساً لحكومة روسيا الاتحادية وذلك باختيار من الرئيس بوريس يلتسين، وتولى اختصاصات رئيس روسيا الاتحادية بالوكالة منذ 31 ديسمبر 1999 بعد استقالة الرئيس بوريس يلتسين، وانتخب فى 26 مارس 2000 رئيسا لروسيا الاتحادية، وتولى منصبه فى 7 مايو 2000، وأعيد انتخابه للرئاسة فى 14 مارس 2004 قبل أن يتولى رائسة الوزراء تاركاً رئاسة روسيا إلى صديقه الوفى ميديديف كفترة انتقالية عاد بعدها إلى منصبه كرئيس لروسيا.
* نقلاً عن فاينشال تايمز

الجريدة الرسمية