الانتهازيون والمحرضون!
وهكذا، وعلى غير توقع، انقسم الإعلاميون بين فريق من الانتهازيين وقلة بائسة من المحرضين!
أما الانتهازيون فهم هؤلاء الذين يمارسون بانتظام، نفاقا رخيصا للرئيس "السيسي" ويطلبون ويزمرون بشكل تبدو فيه المبالغة الحمقاء!.. مع أن الرئيس لا يحتاج لنفاقهم؛ لأنه اكتسب شعبيته الطاغية منذ أن وقف ضد المشاريع التخريبية الضارة بالأمن القومي المصري حين كان وزيرا للدفاع، ثم بعد ذلك حين تصدى بجسارة لدعم الانقلاب الشعبي الذي قامت به جماهير المصريين ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.
وعلى العكس من هذا النفاق الرخيص والانتهازية الظاهرة التي يمارسها هؤلاء المنافقون بالنسبة لكل رئيس لتحقيق مصالحهم، كان من المتوقع منهم ومن كل إعلامي شريف أن يمارسوا تقييم سياسات وقرارات الرئيس "السيسي"، ما نسميه النقد الاجتماعي المسئول.
ونقصد بذلك على وجه التحديد، الكشف عن السلبيات وإعطاؤها التكييف الصحيح، وأبعد من ذلك، إن كانوا قادرين، اقتراح الحلول البديلة للسياسات الخاطئة حتى لو لجأوا في ذلك إلى استطلاع آراء الخبراء أصحاب المعرفة بأصول المشكلات وطرق مجابهتها بصورة فعالة.
غير أنهم آثروا الاندفاع في نفاق الرئيس وفي مدح كل قرارات السلطة، وذلك فيه ما فيه من تنكب لطرق الممارسة الإعلامية الصحيحة.
أما الفريق الآخر، فهم هؤلاء الإعلاميون الذين أصبحوا اليوم يقومون بالتحريض المباشر على النظام، ومستغلين في ذلك المشكلات التي تراكمت عبر ثلاثين عاما من الحكم الفاسد "لمبارك"، وكأن "السيسي" لديه عصا سحرية يستطيع بها أن يحل كل مشكلات مصر في لحظة واحدة!
وغالبية هؤلاء من أذناب رجال الأعمال الفاسدين الذين سيطروا على الصحف الخاصة وعلى القنوات التليفزيونية، التي أصبحت أداة رئيسية في بلبلة الرأي العام، وتزييف وعي الملايين ببرامجهم التافهة التي يقدمها إعلاميون من الجهلة وأنصاف المتعلمين، الذين يغدق عليهم رجال الأعمال الملايين كأجور سنوية وكأنهم مجموعة من العباقرة مع أنهم نماذج صارخة للتفاهة والجهل والادعاء.
مطلوب منظومة إعلامية جديدة، لا تقوم على أساس المنع أو المصادرة، لكن على أساس الشفافية والكفاءة المهنية والمحاسبة.