رئيس التحرير
عصام كامل

إعلام الرئيس!


لا بد من الاعتراف بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي، يواجه أزمة في الإعلام، إرسالا، وربما استقبالا، نراها بقدر وهو يراها بقدر آخر، والقدران متباينان وفق موقعينا!!


نحن نرى بعيون المواطن المحب المشارك في ثورة الشرفاء في الثلاثين من يونيو، وربما يراها الرئيس بعيون المسئول عن كل كبيرة وصغيرة في وطن تسلمه تكليفا، وهو - الوطن - طريح ينزف الدماء بفعل مدبر من خونة عاونهم سذج في أبسط وأخف توصيف احتراما لحسن النوايا.

الجسد مليء بالجروح، والكدمات، والطبيب يعالج، والإعلام يشوه.

هل التشويه والتجاهل والتركيز على كل ما هو تافه أو جارح أو شاذ أو محرض، هو فقط آفة وفيروس إعلام العصابة الفضائية المهيمنة على السماء المصرية منذ عشر سنوات، أشعلتها نارًا على مبارك، وجاءت بالقرين لهم، محمد مرسي العياط،، ولما علقت لها المشانق في النهضة ورابعة والتحرير، أشعلوها على الإخوان، ولما جاء الشعب بالسيسي، يواصلون بلا هوادة ولا حياء إنتاج الوساخات اللسانية، ممتزجة بطابع تراثي، مقترن بسذاجة وانتقاء مبتسر وسماجة وثقل دم؟!

أقول.. هل الخطأ هنا عند هؤلاء المناشير الإعلامية التي هي طالعة واكلة نازلة واكلة، حققت الملايين على حساب مصلحة البلد، ولا تزال تتحدث بدون حياء عن الفقر والفقراء، وتحرض، وتسكب البنزين، وهم الوقود القادم بلا تأخير، أم أن الرئيس لم يحسن اختيار إعلامه؟!.. وهل لدى الرئيس إعلام أصلا؟!

النغمة الشائعة الآن أن الرئيس ممسك بتلابيب كل صغيرة وكبيرة في مصر، في إشارة خبيثة إلى نغمة يريدون إلصاقها بالرجل، وهي الانفراد بالرأي، أي الاستبداد، أي ضد الثورتين، أي وجب خلعه، أي وجب الركوع لتركيا وقطر وأمريكا، أي عودة الفرعين النطعين، فرع الإرهاب وفرع العملاء، سيدهم وراعيهم وثعبانهم البرادعي الفحاح!

من المفيد أن يعلم الرئيس أن خطبه الشهرية، أو حواره مع الشعب شهريًا، يمكن أن يكون أكثر دفئا لو تم الإعداد له جيدًا، فلا يجوز أن يعمل الرئيس مذيعا، بل هو بحاجة لمذيع يستفزه، ويستخرج مشاعره ومعلوماته.. من المفيد أن نقول للرئيس إن الإعلام الذي يدعو إليه، يبدأ بأن يلجأ إلى إعلام الدولة ليجهز له برنامجه، إخراجا وتصويرا وتقطيعا وموسيقى، إن كان ثمة حاجة لمؤثرات، لا أن يلجأ لقطاع خاص، لم يحسن عمله، ولم يكن على قدر الثقة الرئاسية.

الإعلام بالقطعة لا يفيد الدولة، والمطلوب وضع إستراتيجية إعلامية متكاملة، على يد خبراء ومتخصصين وأكاديميين، ومخلصين، وسياسيين، تضع للدولة نشيدها الإعلامي ولحنها المميز، بحيث يصير الإعلام الجديد تعبيرا عن كل إيجابية، ولا يتصيد الأخطاء.. لا أدعو إلى إعلام يترفع عن الواقع، ويغمض العين عن العيوب، فلنفعل ذلك، لكن بأسلوب وصوت وطني عاقل هادئ يعالج ولا يذبح، بعيدا عن إعلام "هلموا هلموا شوفوا الفضيحة، شوفوا المصيبة، مصر بتنباع يا رجالة!!".

نجح عبد الناصر في صنع إعلام الدولة، ولم يضع الربح المادي نصب عينيه؛ لأن الربح الوطني كان مهولا، تحقق في تجنيس الناس بالفكرة الوطنية، والحفاظ على القيم والثوابت، ولم يخلق طائفية سياسية، أو انتماء للخارج.

مصيبة التعليم في مصر، في الثلاثين سنة الأخيرة، وهذه منسوبة للرئيس مبارك، أن أبناءنا كانوا يتلقون التعليم من متآمرين كبيرين: مدارس الإخوان، ومدارس العولمة.. بينما تراجعت مدارس الحكومة، وصار النشيد الوطني باهتًا في مواجهة كل من النشيد الإخواني، والنشيد الأمريكاني.

لا تتعجبوا إذن من أن الجيل الحالي "مش ولادنا، هم ولادهم.. علاقته بمصر علاقة مصر مش أمي، مصر مرات أبويا.. لعن الله أباك الإخواني والأمريكاني يا أخويا!!".

اصنع إعلام مصر يا رئيس مصر؛ لأن الموجود حاليا لا يعبر عنك ولا عن الوطن، يعبر أعمق وأحمق، عن جيوب وأجندات أصحابه، يبتزونك، لتسكت عنهم، أو تلبي نوازعهم وما أكثرها!
الجريدة الرسمية