اختيار الزند.. بين الشيطنة والهبل
قال لي صديقي منفعلا.. هل رأيت النظام الذي تؤيده اختار الزند وزيرًا للعدل؟
قلت: لا أوافق على الاختيار..
قال: أكيد.. فلا يمكن أن توافق على اختيار رجل مبارك وزيرًا !
قلت: لا أعرف أن الزند كان رجلًا لمبارك.. وما أعرفه ويعرفه الكل أنه قاضٍ.. لا يعمل بالسياسة ولا ينتمي لأي حزب.. وهناك كثيرون عملوا مع مبارك تعاملتم معهم وقبلتوهم.. هناك شيخ الأزهر وهناك محافظ البنك المركزي السابق الدكتور العقدة لا وهناك من تقبلهم المعارضة التي تسمي نفسها ثورية مثل زياد بهاء الدين وعصام شرف.. إنما أنتم للأسف تابعون لإعلام الإخوان يحرككم كيف يشاء!
قال: لا يحركنا أحد.. الرجل "حرامي" والكل يعرف ذلك !
قلت: يمكنني الآن أن أذهب وأحرر لك محضرًا وأتهمك أي اتهامات.. ستظل بريئًا حتى يحكم القضاء بيننا.. لكن في بلادنا أي متهم مدان حتى يثبت العكس.. وأحيانًا هو مدان حتى لو ثبت العكس.. وهذه سمات الدول المتخلفة للأسف.. الشعوب التي تريد أن تبني دولة متقدمة وللمستقبل يكون القضاء وحده.. أكرر وحده.. من يقول هذا لص وهذا قاتل وذاك مرتشٍ والآخر بريء.. والزند فيما أعلم برَّأه القضاء وبعد كلمة القضاء لا ينبغي أن يتكلم أحد حتى لو معه أطنان من المستندات !
قال: وهل يمكن يا مولانا أن يدين القضاء قاضيًا كبيرًا؟!
قلت: أدان القضاء قضاة كثيرين وهو أكثر الجهات التي تطهر نفسها أولًا بأول!
قال: لكن كيف تقبل من أهان مصر كلها ووصفها بالعبيد؟
قلت: يا رجل اتق الله.. قلت لك أرفض تعيين الزند وزيرًا ولكن لأسباب عاقلة ومعقولة.. الرجل قال ذلك عن الإخوان وكان يتكلم عن فريقين "المصريين والإخوان"، وأعتقد أنكم تصفون الإخوان بأسوأ مما وصفهم به الزند !
قال: هذه بطولة زائفة منه.. لقد قال إنه يتمنى التوفيق لمرسي وأنه دعا له في عرفات !
قلت: كلامك يؤيد كلامي.. وأن الإخوان وراء كل هذا الهجوم الكاسح عليه.. وأن الناس تسير خلفهم كالقطيع وكل منهم يسب الرجل ويشتمه دون أن يدري لماذا.. كما أنني لا يمكنني أن ألغي عقلي وأنسى عنوة أشهر من التصدي قام به الزند ضد الإخوان.. وتصدى ومعه قضاة مصر العظماء لحاكم جائر وجماعة متجبرة.. ولولاهم ربما ما استنهضت مصر همتها ضدهم أبدًا!
قال: إنها لمكاسب تخص القضاة وليس شعب مصر!
قلت: استقلال القضاء يعني أن العدل مصان.. ولم يقف القضاة ضد الإخوان لزيادة معاش أو لشقق ومصايف.. إنما هو رفض لإقالة النائب العام كنائب عام.. وليس وقوفًا مع شخص ضد سلطة!
قال: إذن لماذا ترفض الزند إذن ؟
قلت: الدولة أرادت أن تعزي القضاة تعزية كبيرة وأن تأت بشخص ناضل من أجل استكمال استقلال القضاة وهو أدرى بهذا الملف وهو موقف يحسب للدولة إن قصدت أن يستكمل القضاة استقلالهم في هذا الوقت.. كما أن الزند تدرب على الاتصال بجمعيات ومراكز واتحادات القضاة في العالم وقادر على مواجهة هجوم الإخوان على مصر في الخارج بسبب أحكام الإعدام والإدانة، لكنني أرى أنه وأنت تعزل وزيرًا أهان الفقراء في حقهم الدستوري لكي يصبحوا رجال نيابة وقضاء لم يكن من الصحيح أن تات برجل يؤمن بالمنطق ذاته؛ لأنها إشارة إلى أن العدل في هذه المسألة سيتأخر إلى ما شاء الله له أن تأخر.. إلا أن كانت الدولة تقصد أن تكلف الزند نفسه بإصلاح هذا الملف لأنه قادر على تمريره بين القضاة..
وأرفض الزند ثانيًا لأنه لا يصح أن تأتي بقاضٍ وزيرًا وهو له منافسه مع قطاع آخر من القضاة بسبب ترشحه رئيسًا لناديهم.. ولم يكن القرار موفقًا أيضًا لأنه حتى وإن الرجل حصل على البراءة في كل القضايا التي حاولوا تشويهه بها فكان من الأفضل أن يكون وزير العدل بلا اتهامات حتى لو كانت كيدية أو خاطئة.. وزير العدل من الأفضل أن تكون صفحته بيضاء حتى من غرامات المرور.. وهكذا إن أردتم اتخاذ موقف من أحد فاتخذوا موقفًا موضوعيًا.. منطقيًا.. وليس بكل هذا الهبل وكل هذا العبط الذي تسيركم به جماعة الإخوان خلف شياطينها !!