رئيس التحرير
عصام كامل

البيان والتبيين في قتل القضاة


قبل أن أكتب هذه السطور، حاولت أن أبحث عن كلمة أصف بها خسة وجبن الإرهابيين الذين قاموا بقتل قضاة العريش الثلاثة فلم أجد، وقد سألت نفسي سؤالًا "هل هناك وصف أصف به الإرهابي أقوى وأشد من الإرهاب؟"، وهل هناك وصف أقوى من الخسة والندالة والجبن؟

قد يكون هناك وصف، لكن شعور الغضب الذي بداخلي سيطر على تفكيري، ولم أستطع الوصول لوصف أوصف به هؤلاء القتلة الذين أعتبرهم خارج بني جنسنا، فأفعالهم الخسيسة لا تمت ليس فقط للأديان السماوية أو غير السماوية بصلة، بل لبني البشر والإنسانية بأي صلة، وعندما شاهدت صور شهداء القضاة في سيارتهم التي كانوا يستقلونها اتضح أمامي كيف تمت عملية القتل بكل غل وحقد وخسة، فآثار الغل والحقد واضحة من أماكن الإصابات برصاص الغدر.

ولا أخفيكم قولًا إنني كنت أتوقع مثل هذه الاغتيالات، فماذا تنتظرون من جماعة باعت وطنها ودينها؟؟، هل تنتظرون منهم احترام القضاء والقضاة؟، هل تنتظرون منهم احترامكم وعدم المساس بدمائكم وأعراضكم وأموالكم؟، ساذج من اعتقد غير ذلك، ولن تكون عمليتهم الأولى ضد القضاء بل أتوقع اغتيال سياسيين ووزراء ومسئولين أيضًا، فهكذا هو تاريخهم الأسود الذي كتبوه بدماء المصريين، فمن يعتقد أنهم فقط يستهدفون الجيش والشرطة لطبيعة عملهم في الخطوط الأمامية لمواجهة الإرهاب، فهو أيضا ساذج؛ لأنهم يستهدفون الوطن بكل أركانه ومشتملاته.

ففي عام 1948، بدأ تاريخهم في اغتيال القضاة عندما قال كبيرهم الذي علمهم السحر "حسن البنا" على القاضي الخازندار "ربنا يريحنا من الخازندار وأمثاله"، فالتقطها منه عبد الرحمن السندي - كبيرهم الذي علمهم العنف قائد تنظيمهم الخاص - على أنها تكليف من مرشدهم إلى الضلال لقتل القاضي الخازندار، وعندما قتلوه وتم إلقاء القبض على المنفذين وانكشف أمرهم وانتماؤهم إلى جماعة الإخوان، استدعت النيابة في وقتها حسن البنا، الذي كذب أمام النيابة وأنكر معرفته بالأساس بالمنفذين، وعندما أفحمته النيابة وأثبتت له أن أحد المنفذين هو سكرتيره الخاص، تراجع عن كذبه واعترف بأنه يعرفهم لكن لم يكن يعرف أنهم سيفعلون ذلك.

كانت هذه فعلتهم الأولى بالقضاء المصري، وتوالت بعدها قتل القضاة في التسعينيات، أما في الألفية الجديدة فيكفي أن يقول مرشدهم المتواجد في السجن حاليًا أو رئيس مكتبهم الإداري الجديد المتواجد في حضن أجهزة المخابرات في الخارج "ربنا يريحنا من القضاة"؛ حتى يعيد التاريخ وتبدأ خلاياهم في التنفيذ.

لكني أقول لهم جازما: لن تجدوا للراحة أي عنوان، فالثأر والقصاص منكم قادم لا محالة، وأن كل يد امتدت أو شاركت في قتل المصريين مقطوعة لا شك، ولا تظنوا أبدًا أن حصونكم ومخابرات الدول في الخارج أو الداخل مانعتكم عن غضب المصريين وثأرهم، ولا يسعني إلا أن أقول لأسر الشهداء من القضاة والجيش والشرطة: لستم فقط أهالي وأسر شهداء الوطن، بل نحن أيضًا كمصريين أهلهم وأسرهم ونفتخر.
الجريدة الرسمية