موسم الهجوم على الرئيس
ليس هناك مبرر للانزعاج من الأصوات المعارضة لبعض سياسات الرئيس حتى لو لم يثبت جديتها، فالمعارضة جزء مكمل للنظام، إذا غابت لا يتحقق الإصلاح المنشود.. كما أنه لا يوجد في مصر بعد ثورتي يناير ويونيو مسئول فوق النقد.
لكن عندما تتجاوز المعارضة حدود النقد الموضوعي.. وتتحول إلى الهجوم على الرئيس الذي اختاره الشعب المصري بما يشبه الإجماع في انتخابات حرة نزيهة، وعندما يتناغم الهجوم من بعض الصحفيين والإعلاميين والسياسيين مع حملات إعلامية دولية معادية لمصر، فلا يمكن استبعاد النوايا التآمرية، خاصة عندما يتم اختيار التوقيت بعناية مع اقتراب نهاية عام من حكم الرئيس، وبالتوافق مع إعلان الجماعة الإرهابية عن اقتراب عودتها لحكم مصر! ودفع عناصرها للتصعيد من العنف في الشارع المصري، والتنسيق مع الجماعات التكفيرية في سيناء لمواصلة عملياتها الإجرامية.
والحوار مع المتآمرين لن يفيد، لأنهم يعملون وفق مخطط إقليمي ودولي يسعى إلى هدم الدولة المصرية، ولكنه يبدو ضروريا عندما ينطلق من الأصوات المعارضة الوطنية التي لا ترتبط بالمخططات الخارجية التآمرية، ودون أدنى حساسية من انتقاداتهم السياسة الرئيس.. طالما أن الهدف في النهاية تحقيق الصالح الوطني.. وممارسة الإعلام على دوره الرقابي على الأجهزة التنفيذية والسياسية.
وعلى سبيل المثال عندما لا يرى البعض أن التركة الثقيلة لنظام مبارك يصعب إصلاحها بسرعة، ويتجاهلون حالة التردي في جميع المجالات من التعليم والصحة والفساد الذي استشري في مؤسسات الدولة واختلاط المال بالسياسة، ويصرون على أن النظام يستخدم تلك الحج التافهة والمكررة التي لا تضع أحدًا، ليداري فشله في الإصلاح، ويرددون أن تلك الحجج تقدم كدليل براءة الرئيس السيسي من نظام مبارك وتحميله مسئولية كل شيء في البلد!
وهذا الرأي إما أنه ينطلق من أن مبارك لم يترك مشاكل لا حصر لها، كان وراء ثورة يناير التي خلعته، أو أن تلك المشاكل بسيطة، بمقدور السيسي علاجها بين عشية وضحاها.. وأن عامًا واحدًا من حكم الرئيس يكفي لحلها.. والحقيقة أن المشاكل أكثر تنفيذًا.. والتركة ثقيلة بحق يمكن ادراكها في تردي كل مؤسسات الدولة، وانهيار مرافقها.. وغياب الكفاءات.. وندرة المبدعين، ورغم ذلك فالرئيس يردد في كل أحاديثه أن تلك المشاكل قابلة للحل.. وأن الشعب المصري قادر على العبور عليها نحو مستقبل أفضل.
ويتجاهل البعض شراسة الحرب التي نخوضها معرض الإرهاب، وكأن ما يجري في مختلف محافظاتها من قتل وتدمير وقنابل تزرع في كل مكان، والمعارك الشرسة في سيناء ضد جماعات تكفيرية تقتدي بما يجري في العراق وليبيا وسوريا واليمن من هدم لكيانات تلك الدول.. لنقله إلى مصر بدعم من قوي إقليمية ودولية تمدها بالمال والعتاد.
ويحمل البعض الرئيس مسئولية أحكام البراءة التي أصدرها القضاء لصالح مبارك ورجاله، ويحذرون من تحركهم لاستعادة الحكم، ويطالبونه بأن يتحرك بسرعة حتى لا يمكن خصومه من رقبته على حد قول أحدهم.
ويتجاهل هؤلاء أن المجتمع ارتضى أن يخضع الرئيس الأسبق للقضاء، وأن الرئيس أعلن منذ توليه المسئولية أنه لن يتدخل في شئون القضاء أو الإعلام.. وليس من الإنصاف تحميله مسئولية الإفراج عن مبارك وفق أحكام القضاء.
يعارض آخرون الرئيس في موقفه من حزب النور السلفي.. ويحذرون من إمكانية فوز مرشحيه في انتخابات مجلس النواب، وبدلا من دعوة الأحزاب المدنية بأن تسعى لمنافسة الحزب السلفي، يطالبون الدولة باتخاذ قرارات إدارية تخلي الساحة للأحزاب المدنية.. والتي تفتقر للوجود الفعال في الشارع الانتخابي.. ويتجاهلون أن حزب النور السلفي حصل على أحكام قضائية بمشروعيته وأحقيته في خوض الانتخابات القادمة.
ويبقى أن هناك العديد من الانتقادات التي أثارتها المعارضة والتي يستوجب الحوار حولها.. طالما أنها تسعى إلى إعادة بناء الدولة لا هدمها.