عَوْدَة شفيق.. والليل وسماه ونجومه وقمره!
اشتد اللغَط حول التضارب غير المسبوق بشأن استحقاق الانتخابات البرلمانية..المراقبون يسلطون الضوء على رغبة محمومة لقوى وجماعات ضغط ومصالح للسيطرة على البرلمان المقبل أو على الأقل ضمان وجود قوى "ومُنَغِّص".. وفجأة تظهر في شوارع القاهرة ملصقات عليها صور الفريق أحمد شفيق!
الصراع عنيف..هذا هو عنوان ما يصلنا من تسريبات..رموز عهد مبارك يدقون أبواب الحياة السياسية مجددًا..من آلاف الأميال تتوالى معلومات عن دور للفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك والمرشح الرئاسى الذي خسر بنسبة ضئيلة عن منافسه محمد مرسي، ورئيس حزب الحركة الوطنية..ثم تظهر بشوارع القاهرة الآن ملصقات تحمل صوره..ويتجدد السؤال هل يعود شفيق؟..أجيب بالقطع لا..وأورِد السبب بعد برومو سريع عن رحلته عقب إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة التي بددت آماله.
حمل عصاه وغادر البلاد، ليحط الرحال بدولة الإمارات..طالت مدة إقامته، وطال صمته، إلى أن كسر حاجز الصمت بعد مدة طويلة..منذ اللحظة الأولى لخروجه عن صمته، كان واضحًا أنه يقوم بدور ما في إطار تطلعه للعب دور قوى ورئيسى في الحراك السياسي بمصر..من هناك أعلن عن تشكيل حزب الحركة الوطنية، والتقى شخصيات ونشطاء على مدى الأشهر الأولى من ظهوره.. وقتها أكد أنه عائد.. تمر الأيام والشهور والسنون ولا يعود شفيق، ثم يختفى تمامًا من المشهد.
كان التبرير الجاهز لعدم العودة أن "القيادة السياسية" قد امتنعت عن تقديم أي ضمانات له، وهو تبرير يدحضه شفيق نفسه، فهو القائل إن القضاء في مصر مستقل تمامًا.
ربما نبتلع التبرير لو أن القضية لم تنته..لكنه لا يمكن أن يمر بعد الفصل فيها..إذ أصدر المستشار محمد عامر جادو رئيس محكمة جنايات القاهرة حكمًا ببراءة شفيق وعلاء وجمال مبارك من تهم الاستيلاء على مساحة 40 ألف متر من أراضى منطقة البحيرات المرة والمخصصة لجمعية الضباط الطيارين..إذن فقد زال مصدر الخوف من العودة فلماذا لم يعد حتى اللحظة؟
في تقديرى إن الرجل أدرك "متأخرًا" أنه توهم أن الـ13 مليونا الذين انتخبوه في معركة الرئاسة باتوا رهن إشارة إصبعه الصغير وسوف يزحفون كالسيل الهادر نحو مطار القاهرة لاستقباله، كما توسم خيرًا فيمن اختارهم كأعمدة لحزبه الوليد، إلى أن صدمته الحقيقة المرة واكتشف كما يقول المصريون أنهم "بيشتغلوه" واستمتعوا بإقامة سعيدة وممتعة ومصروف جيب على نفقة الزعيم.
إذن موضوع عدم العودة ليس الخوف من القضاء، وإنما لقلة أصل الشركاء.
سيادة الفريق شفيق.. ورب الكعبة لو أننى في مكانك لاخترت الركون إلى الراحة والرحرحة حيث أنت.. مع الليل وسماه ونجومه وقمره.