الإجابة الخطأ للسؤال الصحيح !
الكلمة نور وبعض الكلمات قبور.. بعض المسئولين من وزراء ومحافظين كلماتهم قبور.. كلماتهم تفتح عمل الشيطان وتزرع اليأس والإحباط في النفوس.. كلماتهم تثير الجدل وتزيد اللغط وتحرض على الكراهية وتهدد السلم الأهلي ولا مبالغة في ذلك.
وزير العدل حلقة في سلسلة مسئولين كانت كلماتهم قبورا.. وزير العدل لن يكون الأخير، فربما يأتي بعده الكثير من المسئولين، فالأمر يبدو أنه ثقافة أو فلسفة أو منهج، وإن لم يكن كذلك فهو تعبير عن غياب رؤية سياسية واجتماعية وأخلاقية، وإن كنت متشائما أكثر يمكن أن أقول إنها مؤامرة مقصودة.. وكنت قبل ذلك لا أؤمن بنظرية المؤامرة أو التفسير التآمري للأحداث حتى تحققت المؤامرة وأصبحت واقعا نراه ونعيشه ويلقي بظلاله على كل شيء!!
إجابة وزير العدل عن سؤال هل يمكن لابن جامع القمامة أن يكون قاضيا أو يعمل في القضاء فتحت عليه أبواب جهنم وكشفت عن رؤية طبقية وتمييز عنصري لا يجب أن يكون في وزير في حكومة ما بعد 30 يونيو التي ترفع شعار العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وكشفت أيضا عن ضعف وقلة خبرة الوزير في مخاطبة الرأي العام في فترة تتسم بالارتباك والتحول وإعادة الحسابات، وأكدت انحياز الوزير لطبقة بعينها وهو وزير في حكومة تعبر عن المصريين جميعا.
كان يمكن للوزير أن يرد ببساطة عن السؤال ويقول ليس هناك في الدستور ما يمنع ذلك، وكان يمكن أن يقول إن الوظيفة تحتاج إلى الكفاءة والنبوغ، وكان يمكن أن يقول لكل المواطنين الشرفاء الحق في التقدم لأي وظيفة وفق شروطها ومعايير قبول المتقدم لها.. لكن الوزير لم يقل ذلك ولم يفكر وقال بابتسامة فيها الكثير من استنكار السؤال واستحالة قبوله أو حدوثه ( مش قوي كده ) ! وأضاف أن مثل هذا الشخص سيصاب بالاكتئاب ولن يستمر في الوظيفة، وأن الوظيفة تحتاج للشخص الشبعان ومن أسرة ذات مستوي اجتماعي لائق يحميه من الزلل، والحقيقة أن كلام الوزير مرفوض شكلا ومضمونا لأسباب كثيرة منها.. من قال إن ابن الفقير البسيط سيكون بالضرورة جائعا ونهما ومرتشيا وفاسدا ؟ ومن قال إن ابن الغني الشبعان سيكون بالضرورة ملاكا طاهرا وعفيفا ؟
نعلم جميعا أن في القضاء آلية لمحاسبة الفاسدين ومن يخالفون القانون منهم، ونعلم أن العديد يخرج عدم صلاحية للوظيفة وهو من كان من أسرة لائقة اجتماعيا وماديا، ويحدث ذلك في كل الوظائف المهمة، ولا عيب في ذلك.. لكن العيب أن يقول وزير مسئول عن تحقيق العدل ومراعاة المساواة بين الناس هذا الكلام.
الوزير قدم استقالته بإرادته أو تمت إقالته تحت ضغط الرأي العام فهذا تحصيل حاصل وما يجب أن يكون، ويبقي التأثير الأخطر على تصريحاته وكلامه غير المسئول الذي أثار القلق والجدل وأظهر عنصرية في المجتمع وكشف عن حالة انفصام عندنا ادعوا الله أن نبرأ منها حيث لا نمل ولا نكل من رفع شعار العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية ثم نكتشف أننا مجرد أبواق لشعارات جوفاء دفع الوطن بسببها فاتورة باهظة !
إذا استطاع أحد أن يجيب عن السؤال: مين بيختار أبوه وأمه.. وقتها نقول ابن مين ينفع في إيه وابن مين مينفعش في إيه !!
m.elazizi@hotmail.com