"أبو تريكة" مش إرهابي!
لم أصبر على أمر، قدر ما صبرت ومنعت نفسى من التعليق على ما يجرى لـ"محمد أبو تريكة" نجم الأهلي ومصر السابق، وأحد أهم أساطير ورموز الكورة المصرية عبر تاريخها، انتظارًا لوضوح المزيد من الحقائق، خاصةً وأن اللغط الشديد الذي ينتج عن التداخُل الإعلامي السيئ، مع التشويه أو التلميع السافل من جانب مواقع التواصل، واستغلال كُل ذلك من الجماعة الإرهابية وأذيالها، كُل ذلك أدى للتخبُط أكثر وأكثر، فقررت الانتظار حتى حين، وها قد حانت الفُرصة!
الحسم كان مع حوار"أبو تريكة" المنشور على صفحات الأهرام اليوم، والحقيقة أننى أثق جدًا في الزميل العزيز "علاء عزت" سواء كصحفى مهنى صادق، لا يعرف الكذب أو الجرى خلف المصلحة التي تتطلَّب أصولها اللعب في الأخبار والحوارات، أو كصاحب علاقة وثيقة بـ"تريكة"، ما سيُمكنه من الوصول مع النجم الشهير لحوار مُثمر وفارق، وقد كان!
والحقيقة أن الحوار أكد براءة النجم الأسطورى من تُهمة الالتصاق بالجماعة الإرهابية، وعن نفسى عندما يتحدَّث "تريكة" فأنا أصدقه، وعندما يتبرأ من علاقته بهذه الجماعة الإرهابية الآثمة، ويؤكد أنه لم يتواجد سواء بنفسه، أو بالمُساعدات من أي نوع في الاعتصام الإجرامى، الذي ألقى خلاله قادة الجماعة ببعض البلهاء ليكونوا ضحايا لأفعالهم، وزيَّنوا لهم حلاوة قتل وتعذيب الآخرين، أو الشهادة في سبيل افتداء رئيس معتوه، صار يُمثل الإسلام بالنسبة لهم كبلهاء، والفُرصة الأخيرة للتواجد في السلطة أو التفاوض عليها بالنسبة للقادة قبل الزج بهم في السجون، أو الهروب كالفئران للخارج، أقول إن ابتعاده بكُل الأشكال عن هذا الاعتصام، لهو في حد ذاته أمر رائع، ويجعل"أبو تريكة" عند حُسن الظن دائمًا، كونه نجمًا يعتز به كُل المصريين، لا كُل الإرهابيين!
عندما يؤكد "تريكة" أنه لم يتحدَّث في السياسة مُنذ نهايات 2013، فأنا أصدقه، وعندما ينفى نفيًا قاطعًا وجود أية علاقة بينه وبين والدة أحد المُجرمين المُعتدين على قسم كرداسة، فأنا أصدقه، وعندما ينفى ـ من جديد وهو أمر هام للغاية ـ وجود أي صلة بينه وبين الاعتصام إياه، فأنا أصدقه، وهو يعلم أن تصديقى وتصديق الملايين غيرى لن يُبرئه أمام القانون، لكنه يبرئه أمامنا كجماهير تعشقه، ويغسل سيرته الطيبة من شبهة الانتماء لهذا التنظيم الإرهابى!
والحقيقة أن صمت اللاعب الأهلاوى كان قد طال أكثر من اللازم، وصنعت تغريداته نوعًا إضافيًا من الجدل، لم يحسم اتجاهًا مُعينًا لتفكيرنا، فصرنا أكثر تخبطًا، وناهيك عن إعلامنا وما يصنعه من شائعات وأكاذيب تفوق ما ينقله من أخبار صحيحة بنسبة 99 إلى واحد بس يادوب، والحقيقة كمان أن حديث "علاء عزت"مع اللاعب جاء أمرًا تاريخيًا بكُل المقاييس، ويكفى جماعة الإخوان ذلك القفا الذي تلقته على سهوة، وهى تُتاجر بكُل ما يمس اللاعب، ظنًا من المسئولين عنها أو السائرين في ذيلها أنه أحد أهم قياداتها عبر تاريخها، أو يمكن يكون المُرشد كمان، قبل أن يؤكد اللاعب أنه لا علاقة له بكُل ذلك، سواء بالرأى، أو بالمُشاركة ـ كما قيل وتردد لعامين مُتتالين ـ في الاعتصام الذي حوى خلاصة الإرهاب والكذب والتدليس في بَر مصر.. والحمد لله!
ولو كان "أبو تريكة" مُتعاطفًا مع الجماعة اجتماعيًا أو دينيًا أو حتى سياسيًا، فهو أمر يخصه وحده، لكن أن يُشارك في فعالياتها التي كانت إرهابية مستترة، وصارت إرهابية فاجرة سافرة، فهو المرفوض تمامًا، وهو ما لم يفعله اللاعب والحمد لله، وما شققنا عن قلبه، ولو كان يحب الجماعة أو يتعاطف معها، فهذا أمر ـ أكرر ـ يخصه وحده، وطالما لم يقُم بالتمويل المادى أو المعنوى، فهو ليس إرهابيًا!
أما القضية المنظورة أمام القانون فهى أمر آخر، ويؤكد "محمد أبو تريكة" أيضًا عبر الحوار الذي أثق في صدقه تمامًا، أنه يمتلك المستندات التي ستكشف براءته، إذن علينا أن نحمد ربنا كمان مرَّة أن "أبو تريكة" برىء من كُل التهم، سواء أمامنا أو أمام القانون بإذن الله.. وربما يكون ذلك درسًا للاعبينا بعدم التداخُل بعد ذلك في أي أمر له علاقة بالسياسة، فجمهور الكورة الذي يجتمع بكامل انتماءاته حول موهبة فذة للاعب خلوق، لا يُمكن أن يجتمع بنفس الكَم والكيف حول لاعب يُمارس السياسة شفهيًا أو عمليًا؛ فالسياسة غير الكورة تمامًا، خاصةً عندما يتعلَّق أمرها بجماعة قتالين القُتلة اللى يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته، والحمد لله "أبو تريكة" مش إرهابى!