رئيس التحرير
عصام كامل

وزير المالية: إرادة سياسية تعيد تشكيل الاقتصاد للأجيال القادمة..موازنة العام المالي المقبل ترفع الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي إلى 7.5%.. توجه نحو تعديل مواد من قانون ضرائب المبيعات



أكد هاني قدري دميان وزير المالية أن إعادة تشكيل الوضع الاقتصادي لمصر يستند لرؤية وإرادة سياسية وقوة في اتخاذ القرار لبناء مستقبل أفضل ليس فقط على القصير والمتوسط ولكن آثارها ستمتد لأجيال قادمة، مدللا على ذلك بالمشاريع القومية العملاقة والإصلاحات غير المسبوقة بملف الطاقة وتدعيم البعد الاجتماعي وتحسين الخدمات العامة.


وقال إن مشروع تنمية محور القناة بكل ما يضمه من مشروعات وقناة جديدة يؤكد على النقلة النوعية التي تنتظر الاقتصاد الوطني، فنحن نبني الآن من أجل أن نورث للأجيال القادمة ثروة ولا نترك لهم أعباء.

جاء ذلك خلال لقاء الوزير مع مجلس الأعمال المصري الكندي برئاسة معتز رسلان وبمشاركة عدد كبير من أعضاء المجلس في حضور د.عمرو بدوي مساعد أول وزير المالية للتطوير المؤسسي وحنان سالم مساعد أول وزير المالية للسياسات المالية والاقتصادية والسفير أيمن القفاص مساعد وزير المالية للعلاقات الدولية وخالد نوفل مساعد وزير المالية.

وشدد وزير المالية على حرص الحكومة على اتخاذ قرارات الإصلاح الاقتصادي بصورة متوازنة تراعي مصالح جميع الأطراف مجتمع أعمال والمواطنين وبما يضمن استفادة جميع فئات المجتمع من ثمار التنمية خاصة الفئات الأولى بالرعاية.

وقال إن هذا التوجه هو الذي يحكم السياسة المالية للحكومة التي تعمل على إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام لتتجه للبرامج ذات البعد الاجتماعي والتي تخدم القاعدة الأوسع من الشعب، ومشيرًا إلى أن موازنة العام المالي الجاري شهدت لأول مرة زيادة الاعتمادات الموجهة للصحة والتعليم مقارنة بالدعم الموجهة للطاقة هو ما يعكسه أيضا التزامنا بتنفيذ الاستحقاقات الدستورية الخاصة برفع الإنفاق العام على قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2016/2017، رغم أنه أمر شديد الصعوبة ويحتاج لموارد كبيرة، لافتا إلى أن موازنة العام المالي المقبل ستشهد زيادة ملموسة في مخصصات القطاعات الثلاث لتصل إلى 7.5% من الناتج المحلي.

وأكد الوزير أن هذه الزيادة في المخصصات سترتبط برفع كفاءة الخدمات العامة في التعليم والصحة بصفة خاصة وبجميع الخدمات الحكومية بوجه عام بما يساعد على رفع جودة الحياة وتحقيق مستقبل أفضل لمصر، معلنا عن إجراء مباحثات مع البنك الدولي اليوم الأربعاء بخصوص الحصول على مساعدات وقروض لتطوير قطاع الصحة والمستشفيات العامة التي نتجه لاعتمادها دوليا بما يضمن تقديمها خدمات صحية تواكب المقاييس العالمية، حيث سيتم البدء بتطوير المستشفيات التي تخدم المناطق الفقيرة أولا.

وأكد أن ثمار الإصلاح الاقتصادي بدأت تظهر بالفعل حيث ارتفع معدل النمو الاقتصادي من نحو1.25% خلال العام المالي الماضي إلى 5.6% في النصف الأول من العام المالي الحالي وهو ما يظهر أن هناك حركة كبري تجري بالأسواق والاقتصاد كي ترتفع معدلات النمو بهذا القدر خلال عام واحد فقط كما نأمل في انخفاض عجز الموازنة العامة خلال العام المالي الجاري إلى ما يتراوح بين 10.5% و11% من الناتج المحلي، مشيرا إلى أنه باستبعاد البنود الخاصة بالمنح والمعونات الخارجية والبرامج التي مولتها من هيكل الموازنة العامة فإن العجز سينخفض عن هذه الأرقام بنحو 4%.
إصلاحات الاقتصادية
وأضاف أن السياسة المالية تستهدف زيادة معدلات نمو الاقتصاد لما يتراوح بين 6%و7% خلال السنوات الخمس المقبلة مع زيادة متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما يزيد على 5 آلاف دولار سنويا وخفض معدلات عجز الموازنة العامة إلى نسبة 8.5% من الناتج المحلي ونسبة الدين العام الداخلي والخارجي إلى 85% من الناتج مقابل 96% حاليا.

وقال الوزير إن أحد أهداف الإصلاحات الاقتصادية هو الضبط المالي بما يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي واستعادة الثقة في اقتصادنا الوطني وهو أحد أهم عوامل جذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل لتحقيق السلام الاجتماعي، وهو ما لا يحدث في يوم وليلة، مشيرا إلى أن تحقيق الانضباط المالي لا يركز فقط على تنمية الإيرادات الضريبية وإنما الأهم العمل على زيادة الإيرادات غير الضريبية خاصة عوائد أصول وممتلكات الدولة والهيئات الاقتصادية حتى تحقق عوائد مجزية للمجتمع، وموكدا أن خفض عجز الموازنة ضروري لانخفاض معدلات التضخم.

حفز الاقتصاد
وأكد قدرى أن السياسة المالية حريصة على حفز الاقتصاد وزيادة معدلات التشغيل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وهو ما يتطلب أيضا اتخاذ سياسات لتحسين بيئة الاستثمار وممارسة الأعمال تركز على تحسين فرص التشغيل وإتاحة الأراضي للأنشطة الاقتصادية عبر إجراءات بسيطة مع تركيز الحوافز على القطاعات كثيفة استخدام العمالة لا الطاقة.

وقال إن المشكلات التي تواجه المجتمع حاليا لها حلول متعددة لكن الأهم أن نستعيد الثقة في الاقتصاد وبما يعمل على تحسين درجة التصنيف الائتماني للاقتصاد وهو ما يعني مخاطر أقل للمؤسسات والشركات المصرية في تعاملاتها بالخارج.

وأشار إلى أن الوزارة بصدد الانتهاء من إجراءات طرح سندات دولارية بقيمة 1.5 مليار دولار كما تدرس إصدار نظام للصكوك بعد تعديلها كأداة مالية جديدة للتمويل موضحا أن الحكومة لا تستبعد أية آلية للتمويل وإنما تسعي للاستفادة من كل الآليات المتاحة.

وقال إن 25% من إجمالي أذون وسندات الخزانة العامة المطروحة قبل عام 2011 كانت تستثمرها صناديق تأمينات ومعاشات أوربية وأمريكية حيث كانت أحد روافد بناء احتياطي مصر من العملات الصعبة.

وكشف وزير المالية عن دراسة اللجنة الوزارية الاقتصادية لبرنامج متكامل لاعادة احياءالمصانع المتوقفة لأسباب غير تجارية خاصة بسبب التوترات الأمنية أو هجرة العمالة أو نقص التمويل مع اعادة تشغيل الطاقات العاطلة والاصول العامة غير المستغلة، لافتا إلى أن وزير الاستثمار يطبق بالفعل برنامج لتشغيل الطاقات العاطلة بقطاع الغزل والنسيج وبقطاعات أخرى وهناك العديد من الحالات لمصانع عادة للعمل مرة أخرى.

 خطة لتطوير
وقال إن دور وزارة المالية في دعم تلك البرامج يتمثل في الاستمرار في سياسات مكافحة التهريب وتشديد الإجراءات التي تتخذ في هذا المجال حيث بدأنا بمناطق شرق بورسعيد ونويبع والأدبية والعين السخنة إلى جانب تفعيل نظام الأسعار الاسترشادية للسلع الواردةمن الخارج لمكافحة ظاهرة الفواتير التي ترد بأسعار غير الحقيقية. كما ننفذ خطة لتطوير جميع المنافذ الجمركية حيث سنقوم قريبا بنشر أجهزة جديدة للفحص بالأشعة بكل المنافذ لإحكام الرقابة على المنافذ.

وحول تساؤلات الأعضاء حول مشروعي قانوني القيمة المضافة والجمارك الجديد أكد وزير المالية أن الضريبة على القيمة المضافة أمر مطبق بالفعل جزئيا من خلال قانون ضريبة المبيعات حيث نتجه إما لتعديل جوهري أو إدخال بعض الإضافات تتمثل في نحو 20 مادة من مواد القانون لاستكمال نظام الضريبة على القيمة المضافة الأكثر عدالة ضريبيا.

وقال قدرى إن التعديلات المنتظر تطبيقها خلال شهر يوليو أو أغسطس المقبلين بعد الاطمئنان على سلامة التطبيق تشمل توحيد السعر العام للضريبة ورفع قيمة حد التسجيل مع إخضاع باقي الخدمات للضريبة مع الإبقاء على الإعفاءات الحالية للسلع والخدمات ذات البعد الاجتماعي مثل خدمات التعليم والرعاية الصحية، إلى جانب تخفيض فئة الضريبة على السلع الرأسمالية من 10% إلى 5% فقط مع ردها بالكامل مع تقديم أول إقرار ضريبي وهو ما يمثل نقلة نوعية في الفكر الضريبي.

وأضاف أن وزارة المالية ستقوم أيضا خلال الفترة المقبلة بتفعيل الفاتورة الضريبية حيث ندرس منح حوافز للمواطنين للمطالبة بالفاتورة تتمثل في استرداد 15 أو 20% من قيمة ضريبة المبيعات المسددة بما يضمن عمل القطاع الإنتاجي في ظل مناخ من المنافسة العادلة.

وحول مشروع قانون الجمارك الجديد أوضح الوزير أنه سيتم وضع مشروع القانون على الموقع الإلكتروني للوزارة مع إجراء حوار مجتمعي موسع حوله، لافتا إلى أن أهم التعديلات التي تم إدخالها على مشروع القانون تشمل تشديد عقوبات التهريب تطبيقا لسياسة الحكومة في حماية الصناعات الوطنية.

وحول تعديلات قانون الضريبة على الدخل الأخيرة والتي تضمنت فرض ضريبة على التعاملات بالبورصة أوضح الوزير أن التعديلات تعفي توزيعات الأسهم المجانية من الضريبة مما يحفز الشركات المسجلة بسوق المال المصرية على تخفيض توزيعاتها النقدية الخاضعة للضريبة لتصرف الأرباح في صورة اسهم مجانية وهو ما سيسهم في زيادة معدلات الإدخار وتوسيع القاعدة الرأسمالية للشركات.

وحول اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار أكد الوزير أن وزارة الاستثمار تقوم بإعداد اللائحة بمشاركة عدة جهات حاليا وأن وزارة المالية تساند بقوة نظام الشباك الواحد لاستخراج جميع الموافقات والتراخيص المطلوبة من المستثمر.

وكشف وزير المالية عن أن وقف إنشاء مناطق حرة خاصة جديدة جاء لأنها أضرت في كثير الحالات بالاقتصاد القومي، حيث استخدمها البعض كمجال للتخطيط الضريبي للتهرب من سداد الضرائب المستحقة على أنشطته والبعض الآخر استغلها في عمليات تهريب نظرا لصعوبة الرقابة عليها، مشيرا إلى أن الإعفاءات الضريبية ليست الحل لجذب الاستثمارات وإنما تسهيل ممارسة الأعمال.
خدمات لوجستية
وحول أسباب ارتفاع أسعار الخضر والفاكهة مؤخرا قال الوزير إن هناك فاقدا في السلع الغذائية يتراوح بين 30 و40% أثناء عمليات التداول وهو الأمر الذي يؤثر على معدلات ارتفاع الأسعار (التضخم) خاصة مع عدم وجود شبكة خدمات لوجستية للتعامل مع هذا الوضع، لافتا إلى أن هذه المشكلة تعد فرصة استثمارية يمكن أن يستفيد منها القطاع الخاص لإنشاء تلك الشبكة وحل مشكلات النقل والتوزيع للسلع الغذائية بحيث يحصل المستهلك على سلع ذات جودة عالية وسعر مناسب والمزارع يحصل أيضا على دخل مناسب.

وحول دعم الطاقة قال إن الحكومة لديها رؤية واضحة للتعامل مع هذا الملف ومن خلال تشريعات لتحرير قطاع الكهرباء وفتح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة في إنتاج وتوزيع الطاقة من المصادر الجديدة والمتجددة على أن تستمر الدولة في سياسات حماية المواطن ورقابة جودة الخدمات.
الجريدة الرسمية