رئيس التحرير
عصام كامل

أبو تريكة الأصفراوي.. وإعلام البامية


لا أبالغ في أن البرادعي لا يصحو من "سكرته" إلا عندما يجد ثغرة ينفث من خلالها سم الأفعى في مصر، لذا تلقف تصريح وزير العدل بشأن أبناء عمال النظافة وغرد عليه: "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: لكل شخص بالتساوي مع الآخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده.. عندما يغيب مفهوم العدالة عن وطن لا يتبقى شيء".. إذا كان يعرف مبادئ حقوق الإنسان والعدالة، فلماذا يصبح أعمى وأصم وأبكم أمام التمييز وقتل السود في أمريكا، وقمع الحرية في قطر، والدولة البوليسية في تركيا، وفظائع الولي الفقيه في إيران؟! 


كان يفترض بالإعلام المصري الرد على هذا المتآمر، لكن لم يحدث كالعادة، لتأتيه الصفعة من نقيب الزبالين شحاتة المقدس بقوله: "إن تصريحات البرادعي تعقيبا على رأي وزير العدل، هدفها ضرب الرئيس وحكومة محلب، وإحنا ناس محترمين وهنبني مصر مع الرئيس السيسي، وعشان البرادعي ينسى اللي بيفكر فيه أنا سامحت وزير العدل، ومسامح أي وزير يخطئ في حق الزبالين؛ لمنع أي شامت من ضرب الحكومة النشيطة".

بساطة وصدق ووطنية نقيب عمال النظافة أخرست البرادعي والشامتين، حتى استقال وزير العدل طوعا أو مجبرا؛ لرفض رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء التمييز ضد أي مصري، فالجميع سواء في الحقوق وأمام القانون.. لكن ماذا عن دور الإعلام؟!

ساهم أغلب الإعلام في تضخيم تصريحات الوزير لتصبح أزمة، رغم أنها في النهاية رأي شخصي.. صحيح أن الوزير أخطأ في كشف قناعته، لكنه دفع الثمن باهظا بالخروج من الوزارة.. وكان يفترض على الإعلام حكوميا ومستقلا، إبراز موقف الرئاسة والحكومة المشرف في رفض التمييز والإساءة للأيدي العاملة، مثلما تسابقت في تأجيج الرأي العام.

تلعب معظم الميديا دورا سلبيا ضد الدولة، فالإعلام مرئيا ومقروءا وإلكترونيا يبرز أمورا صغيرة يمكن تجاوزها، أو حتى الإشارة إليها دون مبالغة أو إثارة؛ مراعاة لأن الدولة في حالة حرب داخليا وخارجيا، ويفترض تلاحم الجميع ليكون ظهيرا وعضيدا للرئيس السيسي الذي يسابق الزمن لإعادة بناء مصر وتجنيبها المؤامرة الكونية التي تهدف إلى تقسيمها.

انشغل الإعلام مؤخرا في تبرير تطاول متهمة المطار على ضابط الشرطة، وحسن فعلت الداخلية والنائب العام برفض الوساطات وترحيلها إلى سجن النساء، كما جعل الإعلام من ارتفاع سعر البامية والطماطم قضية مصيرية، رغم أن البامية "فروزن" متاحة بسعر معقول وكذلك الصلصة، ومع هذا تدخل الرئيس ودفعت الحكومة بسيارات متنقلة لبيع الفواكه والخضراوات بأسعار مخفضة 25%، لكن لم يبرز الإعلام سرعة مواجهة المشكلة مثلما بالغ في نقل زيادة الأسعار!

أما ثالثة الأثافي فهي قضية "أبو تريكة"، وبما أنني لست كروية أسأل: من يكون أبو تريكة حتى تنبري كثير من وسائل الإعلام دفاعا عنه وتعتبره "خط أحمر"؟!.. أبو تريكة يا سادة وإن حقق بطولات، فهو مجرد لاعب في فريق ولم يحقق إنجازا منفردا.. ثم من هاج وماج مطالبا بمحاكمة وزير العدل على رأيه الشخصي، كان حريا به تأييد حرص الدولة لتطبيق القانون على الجميع، فالإخوانجي "تريكة" ليس أفضل من الرئيس الأسبق مبارك الذي حوكم بالسجن مع ولديه وأركان حكمه، وكرويا خضع حسن حمدي والخطيب وغيرهما لأحكام القضاء ولم يمنحهم أحد "خط بأي لون"!!

سلمى بنت حمدين بتقول إن "أبو تريكة طول عمره طاهر"، لكنني أراه نموذجا للنفاق منذ أن كشف في الملعب عن دعمه لغزة وحماس الإرهابية، ثم ظل قريبا من أسرة مبارك ليستفيد من المال والسلطة، وعندما قفز الإخوان على السلطة سارع بدعم الجاسوس مرسي علنا، وكانت مكافأته الإفراج الرئاسي عن الإرهابي النصاب ابن عمه، وفي هذا الوقت أسس شركة السياحة مع إخواني آخر لتكون ستارا لتمويل الإرهاب ضد الدولة.

"تريكة" أخفى أنه إخوانجي حتى لا يخسر ملايين ينالها من إعلانات "اتصالات" الإماراتية عدوة الإخوان و"كوكاكولا" اليهودية، لكنه كشف عن وجهه الكريه، وأنه "رابعاوي أصفر اللون" وقت اعتصام رابعة العدوية؛ حيث زاره مرات عدة، وتكفل بشراء مولدات كهرباء ومعدات طبية للمعتصمين، ثم رفض بإصرار حل روابط الألتراس التي يحركها لإثارة الشغب ضد الدولة.. "تريكة الأصفراوي" لم يندد مرة واحدة بقتل أبناء الجيش والشرطة، لكنه زار أسرة مجرم شارك في مذبحة كرداسة ضد ضباط الشرطة، كما تطاول لفظا على ضابط جيش، ورفض مصافحة وزير الرياضة طاهر أبو زيد وقال إنه وزير الانقلاب، وقال لضباط الجيش الذين ذهبوا لتأمين المنتخب "اللي بيقتلونا جايين يأمنونا".
 
وفي عز التآمر القطري، تعاقد تريكة مع "الجزيرة" لتحليل المباريات وكأن مصر ليست بلده.. مع هذا سكتت الحكومة عن مواقفه المخزية، إلى أن ثبت أنه يمول الإرهاب فتم التحفظ على أمواله.

الرئيس السيسي أنجز الكثير خارجيا، وحان وقت ترتيب الوضع الداخلي، ولتكن البداية من محاكمة "أبو تريكة" ومصادرة أمواله، وتأديب المتطاول، والتعجيل بضبط انفلات "إعلام البامية" الذي ينخر في الدولة، وتقويم الإعلام الرسمي لإبراز إنجازات الرئيس والحكومة.
الجريدة الرسمية