سلامات يا "تذبذب التيار"!
كلف المهندس إبراهيم محلب رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون عصام الأمير بإحالة المتسببين في تسويد شاشات التليفزيون المصرى إلى النيابة. الصح، أن رئيس الوزراء كان يحيل عصام الأمير نفسه إلى القضاء.
في مثل تلك الأمور، لا معنى لشىء اسمه تحقيقات داخلية، ومجرد استفسارات من رئيس الوزراء. ثم إن العادة في التحقيقات الداخلية، أنها عادة ما لا تسفر عن نتائج.. ولا متهمين.. ولا ضمانات لعدم تكرار"الكوارث".
"كوارث" ؟ نعم.. كارثة ومصيبة.. وملمة.. وأى من الألفاظ الصعبة في اللغة توصف الحالة. ليست فقط المرة الأولى في تاريخ التليفزيون المصرى أن تنقطع الكهرباء عن المبنى، فتسود القنوات.. إنما المرة الأولى في تاريخ التليفزيونات الرسمية في العالم. التليفزيون الرسمى أمن قومى. الإذاعة الرسمية أمن دولة.. البث الرسمى، ليس لعب عيال.. خطوط الأثير الرسمية مفترض أنها محمية من حماقات الموظفين، أو إهمالهم.. مفترض أن آليات البث مصانة، حتى من رئيس التليفزيون نفسه. مفترض أنه لا إهمال في " قضايا الأمن القومى".
نكتة أن تنقطع الكهرباء عن مبنى التليفزيون، فينقطع البث. نكتة أخرى ما قاله عصام الأمير، أن تذبذب التيار، هو الذي أدى إلى "احتراق الأجهزة " فاوقف البث. سلامات يا تذبذب التيار.. سلامات يا تليفزيون بلادى الذي يوقف بثه تذبذب التيار. سلامات يا رئيس تليفزيون مصر الرسمى، الذي يرفع قبعة الكارثة بابتسامة صفراء، وأى كلام، ليقلى بمسئولية ما حدث بعيدا عنه، ببساطة، ويضعها، بسلاسة على " تذبذب البث ".
ثم سلامات على التحقيقات الداخلية التي قال التليفزيون إنه فتحها لمعرفة المتسببين في الواقعة !!
تحقيقات داخلية في كارثة قومية ؟ طامة كبرى، وشاشات دولة تسود فجأة، ثم يبعث رئيس الوزراء بالاستفسار، ليأمر رئيس الاتحاد بالتحقيق؟ إذن متى ينتقل رئيس الوزراء والنائب العام فورا إلى ماسبيرو، وتبدأ تحقيقات قضائية؟ ما هي إذن طبيعة الكوارث التي تقوم عليها البلد رأسا على عقب، إذا كان تسويد الشاشات الرسمية، فجأة وبلا قصد، وقع.. فانقطع البث عن تليفزيون الدولة، ويذهب رئيس الاتحاد إلى بيته آخر النهار، وينام، ويستيقظ صباح اليوم التالى.. عادى ؟!
صغرت " المناصب " إلى هذا الحد ؟ لما تصغر المناصب، تصغر ردود الأفعال، وتصغر الإجراءات، وتقل بالتالى..في المستقبل احتمالات تكرار المصايب.
قالك تحقيق داخلى !! طيب ما الذي أسفرت عنه التحقيقات الداخلية في تفجير برج الكهرباء المغذى لمدينة الإنتاج الإعلامي ؟ لم نسمع عن مسئولين متهمين بالإهمال طلعوا على النيابة العامة في ملابس بيضاء، ولا تابعنا، مسئولي الأمن الفنى في مدينة الإنتاج، بذقون منبتة، قبل المثول أمام قاضى التحقيق، بعدما أكدت التحقيقات الداخلية تخاذلهم..واستهتارهم، وتقصيرهم في الحماية.
طيب.. اهو طلع موضوع أبو تريكة، فغطى على تسويد الشاشات، وطلع موضوع الشاشات، فغطى على انفجار برج مدينة الإعلام.. ثم جاء هرى الحديث في تصريحات وزير العدل، فغطت على انقطاع الكهرباء عن التليفزيون.. ثم لا نتائج هنا.. ولا إجراءات هناك.
صحيح تفجير برج مدينة الإنتاج عملا إرهابيا، لكن هذا لا ينفى مسئولية رجال المدينة، وتخاذلهم في تدابير واحتياطات مواجهة الإرهاب. صحيح الكهرباء "عليت ووطيت" فجأة فأثرت على أجهزة التليفزيون، ليتوقف بث جمهورية مصر العربية فجأة.. لكن هذا لا ينفى مسئولية أعلى الهيئات الإدارية في التليفزيون عن " البلوى ".
أكثر إثارة من توقف البث الرسمى للدولة، هدوء إبراهيم محلب.. ثم إحالة عصام الأمير الأمر للتحقيق الإداري. لما تتضاءل المناصب، وتكبر الكراسى على المسئولين..تجىء ردود الأفعال كسيحة، عاجزة.. تتراوح بين مجرد استفسار، ورد إداري بتشكيل لجنة.. للتحقيق الداخلى.
سلامات يا لجنة التحقيق الداخلى.. سلامات يا تذبذب التيار !!
Twitter: @wtoughan
Wtoughan@hotmail.com