رئيس التحرير
عصام كامل

مصر حامل فى سنتين وكام شهر


قالت الدكتورة باكينام الشرقاوى، مساعد رئيس الجمهورية للشئون السياسية، إن المسئولين الأمريكيين أكدوا خلال لقائهم بالوفد الرئاسى، الذى ترأسته سيادتها فى زيارتهم للعاصمة الأمريكية واشنطن، تفهمهم لما يجرى فى مصر من أحداث، بعد أن كانت تسيطر عليهم حالة من المخاوف المركبة، وقالت إن الأمريكيين تفهموا أن ما يحدث هو حالة مخاض للعملية الديمقراطية وتطورها.


وبشرتنا بالبشرى الخير أن أشقاءنا فى واشنطن يتابعون حالة المخاض، وينتظرون ظهور الحبل السرى للجنين القادم، وزفت إلينا أن القلق المسيطر على إخواننا فى الإدارة الأمريكية قد تبدد، بعدما رأوا بأم أعينهم أن قوات الشرطة تضرب عن العمل للإسراع فى تطور المخاض، وأن دماء المشيمة التى تظهر فى صورة قتلى بشوارع بورسعيد، والسويس، والقاهرة إنما هى حالة طبيعية، فكما قال الراحل العظيم صلاح جاهين "عشان حاجات تعيش لازم حاجات تموت".

ونبهتنا الأستاذة الدكتورة باكينام الشرقاوى، بارك الله فيها وبارك عليها منصب المساعد، إلى أن الإدارة الأمريكية ترى أن إضراب قوات الشرطة، وامتناع المصالح الحكومية عن أداء أعمالها، وأزمة السولار، وطوابير الخبز، وحالة الجوع المتفشى، وظهور عصابات الخطف والقتل من أجل لقمة تسد الجوع إنما هى تطور طبيعى تعيشه المجتمعات المقدمة على حالة ازدهار ديمقراطى.

ومعنى ما قالته وما أدلت به من تصريحات مبشرة بالخير الوفير أن رفاقنا فى واشنطن مهتمون بما يجرى، وقد كانوا يتصورون فى بادئ الأمر أننا، لاسمح الله، مقدمون على ثورة جياع، غير أن الدكتورة ووفدها رفيع المستوى قد أظهروا لأبناء عمنا فى الإدارة الأمريكية أن الخير يعم البلاد، وأن أزمة السولار، أو الخبز، أو انهيار الدولة إنما لأننا قررنا بناء دولة حديثة، ولم نعد بحاجة إلى شرطة، فالشرطة هى علامة من علامات الدول غير الديمقراطية، وأن الاستهلاك المتزايد من المواد البترولية من شأنه التأثير على البيئة، وكما تعلمون فالإخوة فى واشنطن يقفون بحزم ضد الدول التى تلوث البيئة.

وسيادة المستشار طمأنت الشعب المصرى أن ما يحدث من تقتيل للمتظاهرين ضرورة ملحة من أجل عملية المخاض، فكما تتألم الأم عند الولادة، لابد أن يتألم الوطن عند المخاض، وبثت فى نفوسنا قناعة أن كبير الرحيمية قبلى، الساكن فى البيت الأبيض قد استوعب ما يحدث، بعد أن قامت سيادة المستشار وزملاؤها من مناضلى الفريق الرئاسى بشرح الموقف بالصوت والصورة.

وقد اطمأن الكبير على أحوال البلاد والعباد، وربما يقيم لنا حفلا ساهرا فى القريب العاجل، بعد أن تظهر رأس الجنين الحبيس خلف حالة المخاض، غير أن ما يهمنا هنا هو أننا أدركنا من تصريحات الست باكينام أن مصر التى انتفضت لتصنع ثورة، ثورة ضد التبعية، وثورة ضد الخضوع، وثورة ضد الخنوع إنما كانت ستذهب فى خبر كان، لو مضت بثورتها فى ذات الاتجاه، فشعار جماعة مرسى "الإيد اللى ما تقدر تضربها بوسها".

وعلى هذا الأساس، لابد أن تدركوا أن المخاض الحالى سيخلف لنا جنينا أمريكيا بشعر أصفر وعينين خضراواتين، ولكنة أمريكية، وسنعيش على الهامبورجر، وكنتاكى المقرمش، وبيتزاهت، وعلى الجميع أن يعلنها صريحة مدوية، ففى عصر مرسى ومساعديه، سنودع الفول إلى الأبد، وكل هذا مرهون بتطور حالة المخاض، فادعو لنا ألا يكون ثمن المخاض شعبا بأكمله، ووطنا بكامل ترابه يتم تسليمه تسليم مفتاح للأخ القلق علينا السيد باراك أوباما!!

وحتى لا تتعجلوا الأمور، فإن عليكم أن تدركوا أن مصر حامل فى سنتين وكام شهر، بينما حملت فرنسا بلد الحريات عشر سنوات حتى مضى قطار المخاض، وولدت فرنسا العجيبة !!

الجريدة الرسمية