رئيس التحرير
عصام كامل

تجسيد الأنبياء والصحابة سؤال متجدد !


إننى في هذا المقال سأتطرق إلى مسألة تجسيد الشخصيات الإسلامية في المسلسلات الدينية والأفلام العالمية والتي تكثر فى الوقت الحالى وهل التجسيد جائز حتى لو كان من باب نشر التاريخ؟

فإننى أخذت جولة بمواقع الأزهر وهيئة كبار العلماء والأوقاف، وهناك شبه إجماع على حرمة التجسيد مع وجود اختلافات بتفصيل التجسيد بين الصوت والوجه والجسم والظل... فيلم الرسالة جاء بعد اتفاق بين الأزهر والمجلس الشيعي الأعلي في لبنان على تجسيد حمزة بن عبدالمطلب عم النبي وبلال وخالد بن الوليد وغيرهم في حين عدم السماح لظهور وجه النبي وبعض الصحابة الكبار فكان الممثل عبدالله غيث هو من قام بدور حمزة كانت بداية موفقة لمثل هذه الأعمال الفنية الرائعة التي تتحدث عن حقبة مهمة من التاريخ الإسلامي ولاقت صدى كبيرا بين الناس وكان محل اتفاق للغالبية.

فمسلسل مريم المقدسة ويوسف الصديق تم من خلاله تجسيد السيدة مريم ونبي الله يوسف والعمل من الناحية الفنية والتقنية العالية متميز جدًا وكأنها من إنتاج إحدي الدول المحترفة بالسينما وليست إيران وكانت مكلفة حتى أنجز العمل بهذا الرقي ففي مسلسل مريم المقدسة تم وضع هالة من النور على وجوه الأنبياء وكان المسلسل جس نبض لمثل هذا النوع من الأعمال الفنية ولكن كيف تم السماح لظهور وجه النبي يوسف في المسلسل الآخر ؟ على الرغم من أنها مسألة محرمة ولاتجوز حتى بالفقه الجعفري.

ثم يأتي من أراد تجسيد الحسن والحسين وتم إيقاف المسلسل برغبة من الجميع وأيضا الأحداث التاريخية لم تكن متضابقة أو مقربة للواقع فكان يريد تسيير المشاهد على فكرة معينة قد تكون سببا في إثارة موضوع طائفي وقد طلب المنتج من بعض المتعصبين دعمه في نشر وإكمال المسلسل مستندًا كما يقول على فتاوي من الطرفين.

فالقضية ليست فقط محصورة بالمسلمين ففيلم آلام المسيح لاقي الكثير من ردود الفعل الغاضبة على تجسيد نبي الله عيسى في ذلك الفيلم وقد تعرض المخرج والمنتج لسيل من القضايا والانتقادات.

فبعدما اجتاحت السينما الأمريكية موضة السينما ثلاثية الأبعاد والتي ارتبطت بها قصص أبطال القصص الخيالية والأبطال الخارقين أصحاب القوى غير الطبيعية ربما حان الدور على الأنبياء للظهور على شاشة السينما ويجد المخرجون الأمريكيون الآن في قصص الأنبياء قصصًا ملحمة كبيرة حيث يظهر النجم النيوزيلندي ((راسل كرو )) في دور نبي الله "نوح" عن فيلم مأخوذ عن قصة النبي نوح المذكورة في التوراة وما فيها من أحداث ملحمية كالطوفان وفناء البشرية.

وعلى خطاه سار النجم ((كريستيان بيل)) الذي يقوم حاليًا بتصوير فيلم "الخروج" أو Exodus والمأخوذ عن سفر الخروج بالتوراة مجسدًا فيه شخصية النبي "موسى" والذي يواجه فرعون مصر ويهرب بقومه ويخوض بهم مغامرة مثيرة مع مطاردة فرعون وجنوده لهم مع تغيير في القصة جعل موسى هو شقيق رمسيس بالتبني.

الفيلم يخرجه الإنجليزي الشهير ((ريدلي سكوت )) وقد ظهر ((كريستيان بيل)) في مجموعة من الصور المأخوذة من موقع التصوير وهو يرتدى ملابس تعود إلى عصر موسى وأطلق لحية كثيفة وشاربًا عظيمًا بينما أمسك في يديه بقوس وحمل على ظهره جعبة سهام بدائية ومعه ظهر الممثل الأسترالي جويل إدجرتون والذي يقوم بدور فرعون مصر "رمسيس"في زي فرعوني وبملامح أقرب لملامح المصريين القدماء بينما تشارك النجمة سيجوني ويفر في الفيلم من خلال دور "تويا" أم رمسيس بينما يؤدي دور أبيه "سيتي" الممثل جون تورتورو كما يشارك النجم الإنجليزي الكبير بن كينجسلي.. وكان قد سبق أن قدم دور موسى في فيلم تليفزيوني عرض عام 1995 الفيلم من المقرر عرضه في الثاني عشر من ديسمبر 2014..


إن فيلم النبي نوح يثير جدلًا في هوليوود عند عرضه وذلك بسبب تجاوز بعض مشاهده للرواية الدينية الخاصة في الطوفان وفناء البشرية.

وقد صور في أيسلندا ونيويورك كما أنه يثير ضجة في هوليوود بسبب ما يتضمنه من مشاهد قد تعتبرها الطبقة المتدينة مسًا في قدسية الأنبياء وهو من إخراج ((دارين أرونوفسكي ))والذي حاول أن يضع بصمته الشخصية على القصة رافضًا ضغوطات شركة باراماونت المنتجة للعمل بتكلفة تزيد عن 150 مليون دولار والتي أصرت على استقاء الأحداث من الإنجيل فقط.

وردًا على هذا النقد يقول ((أرنوفسكي)) إن الفيلم يقوم بتقليل البعد الديني في العمل ويحوله لفيلم "حدث" كبير حول كارثة فناء البشرية مركزًا على البعد النفسي للنبي نوح والذي يتوجب عليه وحده إنقاذها وقال ((أرنوفسكي)) عن فيلمه في تصريحات صحفية إنها قصة لا تحمل معاني دينية فقط إنها تتحدث عن نهاية العالم البيئي وهي فكرة تشغلني وتشغل الكثيرين الآن خاصة في ظل الكوارث البيئية التي يشهدها هذا الكوكب في عصرنا الحالي فالعالم يموت ونحن نموت داخله.

ففيلم "نوح" يثار حوله الجدل منذ نيله الضوء الأخضر للإنتاج إذ كشف العمل أن المخرج يصور النبي كمناصر للبيئة ويعتبر الفيضان التاريخي عقوبة إلهية على مخالفي النبي ممن لا يأبهون للنظام البيئي.

وفى النهاية أقول لك عزيزى القارئ إن هناك سباقا فنيا وتاريخيا وخصوصًا إذا أخذنا الموضوع بحسن النية وهناك طاقات ومبدعون يريدون نشر الثقافة وبعض القضايا الدينية والتاريخية عن طريق الفن فالفن رسالة ولاشك إنه سريع المفعول والتأثر.

إننا نحتاج كمسلمين لرؤية موحدة لهذه الموجة الفنية الآخذة بالازدياد وأن نضع خطوطا عريضة وواضحة للتجسيم بالمسلسلات والأفلام حتى نضع النقاط على الحروف لمن يأتي مستقبلًا ويريد تجسيد أي شخصية لايجوز تجسيدها.
الجريدة الرسمية