رئيس التحرير
عصام كامل

الإرهاب والإرهابيون


الإرهاب مقصود به استخدام كل الوسائل الناعمة (ثقافية وفكرية ونفسية)، والخشنة (عنفًا، وتخريبًا، وتدميرًا، واغتيالا) لتحقيق هدف سياسي.. والراصد لمعركة الإرهاب التي تواجهها مصر، يجد أنها متضمنة كلا النوعين، الناعمة والخشنة؛ ولكل وسائله وأدواته وآلياته، وبالتالي اختلاف طريقة وأسلوب مواجهته.. ويحاول الإرهابيون الاستعانة بكل الوسائل الظاهرة والخفية، الناعمة والخشنة، للوصول إلى أهدافهم.. وهذا كله يصعب من مهام المواجهة..


من الواضح أن الإرهابيين يعملون وفق خطة متعددة الجوانب، من أعمال اغتيال لأفراد من الجيش أو الشرطة في معسكرات أو كمائن سواء من خلال هجوم انتحاري أو قذف بمدافع الهاون أو..أو، مرورًا بتفجير عربات مدرعة تحمل ضباطًا أو جنودًا، إلى تفجير أبراج الضغط العالى ومحولات الكهرباء ووضع قنابل في أماكن معينة بالقرب من أقسام الشرطة، أو تحت الكبارى، أو أسفل السيارات، وهكذا.. هذا إضافة إلى أعمال الرصد والمتابعة والتصوير..إلخ، فضلا عن عملية التجنيد والشحن العقدى والنفسى للأفراد.. والهدف من وراء هذا كله هو إثبات فشل وعجز نظام الحكم القائم، وعدم قدرته على حماية الأفراد والمنشآت، وبالتالى إسقاطه..

والحقيقة أن هؤلاء الإرهابيين يراهنون على شيء لا يمكن أن يحدث، فلا يعرف أن هناك عصابات إرهابية استطاعت أن تنتصر على دولة، وبالتالى فالمسألة مسألة وقت، قد يطول وقد يقصر.. لكن، لنفترض جدلا أنهم أسقطوا النظام، فهل من الممكن أن يتسلموا زمام الأمور في البلاد؟ وما هو شكل البلاد حينئذ؟ ثم هل يقبل الشعب بهم أم يتمرد عليهم؟! نحن إذن أمام مجموعة من الحمقى والبلهاء الذين لا عقل لهم، فضلا عن الإجرام الذي يتصفون به..

إن فهم الأسلوب الذي يعمل به الإرهابيون، يعين كثيرًا على مواجهتهم.. والسؤال: هل ثمة تخطيط وتنسيق وتعاون بين هذه الأعمال جميعا، بمعنى هل نحن بصدد قيادة مركزية تتبعها خلايا عنقودية مبثوثة في أماكن مختلفة، وكل خلية أو مجموعة من الخلايا تجيد عملا معينا أو على دراية به أو تم تدريبها عليه؟ المتأمل والمتابع للأحداث التي وقعت، لابد أن ينصرف ذهنه إلى وجود هذه القيادة المركزية، وأن ثمة اتصالا بينها وبين عملاء لدول أجنبية من مصلحتها زعزعة أمن واستقرار مصر.

وإن هؤلاء العملاء يقدمون لها الدعم المالى والفنى واللوجستى.. وتقوم القيادة بوضع الإستراتيجية وإصدار التعليمات والتكليفات لهذه الخلايا، سواءً في توقيتات متزامنة مع بعضها أو على التوالى، وهكذا.. ومن المعروف أن الخلايا العنقودية، خلايا منفصلة لا يتصل بعضها بالبعض الآخر، وذلك إمعانا في التخفى والهروب، بعيدًا عن رصد وملاحقة الأجهزة الأمنية، حتى إذا تم إلقاء القبض على خلية، لم تستطع الأجهزة كشف الخلايا الأخرى.. وترتبط الخلايا بعنق واحد ممثل بالقيادة المركزية، وهذه تجتمع عندها كل الخيوط.. من المؤكد أن هذا يتطلب أجهزة أمنية على مستوى عالٍ من الكفاءة والقدرة، من حيث الوصول المبكر إلى المعلومات الخاصة بخطط الإرهابيين ونشاطاتهم، والحركة السريعة.

إن بعض الوسائط الإعلامية ترتكب خطأ جسيمًا عندما تذيع على الجماهير شرائط الفيديوهات التي تم تصويرها لبعض الأعمال الإرهابية، وهى بذلك تشارك - من زاوية ودون أن تدرى - في الدعاية والترويج لأعمال هؤلاء الإرهابيين، فتتحقق بذلك أهدافهم وهى إعطاء انطباع أنهم قوة لا تقهر، ناهينا عن التفزيع والتخويف.. كما أن عرض التقارير المصورة لأهالي الشهداء والضحايا من الجيش أو الشرطة وهم يصرخون ويولولون يعطى الإرهابيين إحساسًا بالقوة والفخر والزهو، وأنهم حققوا مرادهم.. ما أريد أن ألفت الانتباه إليه هو أن هذه الوسائط تنسى أننا في حرب مع الإرهاب، وأن من أهم مجالاتها الحرب النفسية، وهؤلاء يريدون هزيمة الشعب نفسيًا، وإصابته باليأس والإحباط، فضلا عن عدم الثقة في قدرة الأجهزة الأمنية على الوفاء بمسئولياتها، وهذا وذاك لهما أبلغ الأثر السلبى في المواجهة للإرهاب.
الجريدة الرسمية