رئيس التحرير
عصام كامل

الدعوة بالتسويق ركيزة إيمانية فى مواجهة استبلاء العلمانية ( 1 )


" اندهش ... استرجل ... اتجنن ... صاحبته ... خليك أسد " هكذا يبدأ الإسفاف لترويج منتجات اختلفت شركاتها، واتحدت فى الطريقة المخلة والإسفاف الذى تعرضه ليحدث ذلك خروجًا عن قيم ومعتقدات وأخلاق شعب شرقى عربى مسلم، تسير به نحو السفاهة ليقتدى بالغرب فى طرق التسويق والترويج والدعاية والإعلان والتنازل فى ذلك عن قيَمُنا، والتغافل عن ريادتنا لعلم التسويق ابتداءً من كتاب ربنا جل وعلا .

وقد يظن "علمانيو هذا الزمان وسوادهم" ممن يسيطرون على عالم الإعلام والدعاية أن علم التسويق بما يكتنفه من الترويج والدعاية والإعلان هو علم غربى خالص، ولذلك لا حرج عندهم ولا مانع لديهم من نقل التجربة الغربية التسويقية بكل ما تحويه من العهر و الاستهزاء والمجون والغزو النفسى والفكرى لطبيعة الإنسان المسلم وفطرته، لتُحوِلهُ إلى نمط الغرب الذى يتسم بالعلمانية الصرف فكرًا وثقافة وأسلوبًا ومظهرًا حتى تصل به الحال إلى معتقد الغرب ليبراليًا وعلمانيًا، بحرية مُدعاة تصل بالمسلم الوراثى إلى تحقيق أركان الجاهلية فى الواقع من تبرجٍ سافرٍ، وحميةٍ غوغاءٍ، وظنٍ باطلٍ بالله، وحاكميةٍ لغير الخالق جلَّ وعلا.
بيد أن الحقيقة شيء آخر:
فهذا العلم " علم التسويق " بما يحويه من دعوة إلى فكرة أو منتج ( بالترويج و الدعاية والإعلان ثم التنفيذ ) هو ركن ركين من أركان الدعوة الى الله تعالى التى هى وظيفة الأنبياء و الرسل ومهمتهم ومهمة أتباعهم إلى يوم الدين ..و من يحمل هم هذا الدين لابد له من تسخير كل ما يتاح له من وسائل الدنيا من علوم إنسانية وطبيعية وتطبيقية واجتماعية .. ليستخدمها فى تحقيق غايته، وهي تعبيد الناس لرب الناس الذى خلقهم وفطرهم على منهجه القرآنى فى تسيير معايشهم وصولًا إلى الانتقال للحياة الحقيقية فى جنة الخلد وهذا هو التسويق " الدعوة " لدينه و شرعه.
ولقد فطر الرب سبحانه وتعالى الناس على سننه الكونية القدَرية وشرَّع لهم السنن الكونية الشرعية، وجعل استجابة الناس لهذه السنن لتحقيق واقع التكامل والتوافق بينهما؛ هو كمال تمام الفطرة بعناصرها الثلاثة " الكون والإنسان والمنهج " كما جاء فى كتاب " قَدَرُ الدعوة " للعلامة "رفاعى سرور" عليه رحمة الله، ولذلك كان الأمرُ الربانى للنبى صلى الله عليه وسلم فى بداية الدعوة هو:
"يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ * فَإِذَا نُقِرَ فِى النَّاقُورِ" ( المدثر )
وهوأمر ربانى صريح فى دعوة الناس:
بإنذارهم ترهيبًا، وتعظيم الرب إجلالًا، واستحسان المظهر تشريفًا، والترفع عن النقائص نزاهةً، والثبات على الصبر قوةً ويقينًا.
و تحذيرًا من أمر الآخرة، ونهاية وقت الامتحان وبداية المحاسبة والجزاء .
وما سبق كله هو من أساليب " التسويق للدعوة للاستجابة لها " ؛ وهذا النص الربانى هو كمال التسويق بالدعوة ترهيبًا وترغيبًا وتحذيرًا وتعظيمًا وتنزيهًا لَلداعى إلى الله وتثبيتًا له على مهمته، ولم يكن هذا الأمر للنبى خاصة بل هى دعوة و منهج جميع الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم.... ولذلك سنجد أن نبى الله " نوح " عليه السلام هو من تحققت له جميع وسائل الدعوة وطرق بيانها، لذلك عندما ذكر الله تعالى تجربة نوح عليه السلام وفتنته فى قومه فى سورة العنكبوت والتى تدعى بسورة " الابتلاء او الفتنة " ومن منظورى أنا فأرى أنها نموذج كامل " للمجاهدة ":
قال جل و علا: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا) لأنه ظل يجاهد فيهم بالدعوة طيلة هذا العمر .
MOSTAFAALASHKER@HOTMAIL.COM
الجريدة الرسمية