رئيس التحرير
عصام كامل

أبو تريكة.. تاريخ من الإنجازات يحاولون محوه من ذاكرة المصريين


قبل عدة أعوام مضت، كان محمد أبو تريكة نجم كرة القدم الأوحد في مصر، مالك قلوب الجماهير، ومتربع على عرشها من القليلين الذين أجمع على حبه جمهور الأهلي والزمالك على السواء، لقبوه بالساحر والماجيكو وصانع الفرحة وصانع السعادة وصاحب الأرقام والإنجازات التاريخية.


لكن دائما الحلو ما بيكملش فمع مرور السنوات وتحديدا بعد الثورة، طاردته الشائعات، والاتهامات بالانتماء للإخوان، تحمل وأكمل المسيرة دون أن يتحدث، وعندما ازداد الخناق عليه قرر الانسحاب من حياة الشهرة والأضواء، والجلوس على مقاعد المتفرجين لكن البعض لم يرق لهم ذلك لم يتركوه، ذهبوا وراءه ينغصون عليه حياته، وكأنهم يعاقبونه على ما حققه لمصر من بطولات، يعاقبونه على حب الجماهير وإسعادهم، يعاقبونه على أنه لم يكن واحدًا من الفاسدين.

أبو تريكة الذي كان يجرى وراءه الإعلاميون كبيرهم وصغيرهم، ويتمنون فقط لو يحل ضيفًا على برنامج أحدهم، وجدوا أن الفرصة مناسبة للحديث عنه، ليس عن تاريخه وبطولاته، ولكن.. للتقطيع فيه وركوب الموجة.

لغة الأرقام

انتقل أبو تريكة للأهلي، في 2004، وحقق معه ومع منتخب مصر الإنجازات التالية:
– بطولة الدوري المصري الممتاز: (2004–2005)، (2005–2006)، (2006–2007)، (2007–2008)، (2008–2009)، (2009–2010)، (2010–2011)
– بطولة كأس مصر: (2006)، (2007)
– بطولة كأس السوبر المصري: (2005)، (2006)، (2007)، (2008)، (2010)
– بطولة دوري أبطال أفريقيا: (2005)، (2006)، (2008)، (2012)، (2013)
– بطولة كأس السوبر الأفريقي: (2006)، (2007)، (2009)، (2013)
- برونزية كأس العالم للأندية: (2006)
- بطولة كأس الأمم الأفريقية: (2006)، (2008).

50 ألف جنيه جعلت طريقه "أحمر"

في يناير من عام 2004 وصل أبو تريكة إلى الأهلي، كان في طريقه للزمالك ولكن 50 ألف جنيه زيادة طلبها نادي الترسانة الذي كان يلعب له وقتها حولت وجهة اللاعب إلى القلعة الحمراء، ولم يكن دخوله إلى الجزيرة بهذه السهولة، حيث إن اللجنة الفنية في الأهلي عندما شاهدت اللاعب رفضت ضمه، ولكن حسام البدرى مساعد المدرب وقتها، أقنعهم بضرورة التعاقد مع اللاعب، وقد كان.


النهضة الأهلاوية

مر أربع سنوات، ولم يستطع الأهلي الفوز بالدوري، فاز ببطولة أفريقيا مرة وكأس مصر، ولكن الزمالك كان مسيطرًا ومن ورائه الإسماعيلى، وجاء أبو تريكة في موسم صعب على الأهلي ولكن في العام التالى تعاقد الأهلي مع كتيبة من النجوم استطاعوا، بمساعدة أبو تريكة، السيطرة على البطولات المحلية والقارية لسنوات طويلة، وعلى رأسهم محمد شوقى، حسن مصطفى، جلبرتو، عماد النحاس، محمد بركات.

أبو تريكة والمعلم

منذ عام 1998، وبعدما استطاع المنتخب تحقيق المفاجأة والفوز ببطولة الأمم الأفريقية بقيادة حازم إمام وحسام حسن وعبد الستار صبرى، ظل المنتخب يترنح حتى عام 2006، عام شهد تحطم آمال الجمهور المصرى بالصعود إلى كأس العالم في نفس العام، بعدما وقع المنتخب في مجموعة الموت مع كوت ديفوار والكاميرون.

وحل ثالثًا، لكن المعلم حسن شحاتة تولى قيادة المنتخب في المباريات الأخيرة من التصفيات، ونجح في تكوين فريق يهابه الجميع، ففاز ببطولة أفريقيا 2006، ليأتى عام 2008 ويفوز المنتخب بنفس البطولة في غانا، ويكرر نفس الإنجاز في أنجولا 2010.

البطل الأول في جُل هذه الإنجازات كان أبو تريكة الذي قدر له أن يكون صاحب المشهد الأخير في تلك البطولات، بعد أن أحرز ضربة الجزاء الأخيرة في بطولة 2006 عندما وصلت المباراة النهائية بين مصر وكوت ديفوار لضربات الترجيح، وهو الذي أحرز هدف الفوز على الكاميرون في نهائى 2008 قبل نهاية المباراة بقليل، ومنعته الإصابة من مشاركة زملاؤه فرحة الفوز باللقب الإفريقي الثالث على التوالي في أنجولا 2010.

وحتى نكون منصفين هذا لا يمحى مجهود زملائه، فقد كان معه نجوم كبار ساعدوه على تحقيق هذه الإنجازات، ولكن ظل العامل المشترك في كل تلك الإنجازات والأرقام هو محمد أبو تريكة.

القديس يتحول إلى شيطان

كان يكفى أن تفتح أي برنامج رياضى طوال السنوات الماضية لتجد الجميع يغنى باسم أبو تريكة، حتى لو كانوا يحللون مباراة كرة قدم في الدوري النيجيرى، المذيع والضيوف وحتى المعدين بالبرامج. الجميع يتحدث عنه بمناسبة وبدون، ولكنه الآن تحول إلى شيطان رجيم، كانوا يتمنون أن يحل ضيفًا عليهم في حلقة من الحلقات وقت أن كان نجمًا ولكنه الآن أصبح شخصًا غير مرغوب فيه. 

وأصبح مادة للسخرية في تلك البرامج أحيانًا، ومادة للهجوم في أحيان أخرى، تلك المهزلة التي بدأت منذ ما يقرب من عامين بعد اتهامه بالانتماء لتنظيم الإخوان، لن أنفى التهمة عن أبو تريكة، ولكن هل رأها أحد وهو يشارك في أي مظاهرة؟، وهو يضرب أحد المعارضين؟، وهو يسب النظام الحاكم؟، وهو يفعل أي شيء يضر أمن الوطن أو المواطن؟.. الإجابة بالطبع لا.. إذن فما التهمة؟ لا شيء، فقط التمسك بمبدأه أمر يجب معاقبته عليه.


جمهور الأهلي.. ما تبقى له

زاد الخناق على أبو تريكة في سنواته الأخيرة بالأهلي، خاصة في ظل وجود حسن حمدى رئيس النادي ووسط اتهامات متتالية من الإعلام بانتمائه للإخوان، وزادت الأزمة عندما رفض خوض مباراة السوبر بين الأهلي وإنبى تضامنًا مع الألتراس، لتزيد المشاكل بينه وبين مجلس إدارة ناديه، وبعض زملاؤه بالفريق، وكان ذلك في نهاية عام 2012، ليتم حل الأمر ويعود أبو تريكة للفريق، ولكنه وفى ظل مقدرته على اللعب لسنوات أخرى فاجأ الجميع بإعلان اعتزاله رسميًا في ديسمبر 2013 وعقب خسارة مصر فرصة التأهل لكأس العالم 2014.

وجد أبو تريكة أن الجو العام لا يساعده، خلافاته مع مجلس الإدارة والهجوم المستمر من الإعلام، فكان قرار الاعتزال، وظل يتذكره فقط جمهور الأهلي خاصة وجمهور مصر بصفة عامة، الذي لطالما أسعدهم وزاد من أفراحهم.

أبو تريكة.. فقط

مخطئ من يظن أن أبو تريكة قديس، ربما كانت هذه الصفة هي السبب في الهجوم عليه كثيرًا بعدما توقع منه البعض أن يعيش راهبًا زادهًا لا يلوى على شيء، ولكن الحقيقة التي تنساها البعض أنه إنسان، له الكثير من الأخطاء داخل الملعب وخارجه، ربما يكون قد خدع الحكم في كرة، ربما يكون قد أخطأ في شيء خارج الملعب، فهذه صفات بشرية موجودة فينا جميعًا، لكنه لم يكن متكبرًا يومًا ما، لم يؤذ أحدًا، لم ير الجميع منه سوى الخلق الحسن والمعاملة الجيدة.

هو ليس قديسا.. لكنه لا يستحق هذا الهجوم، هو ليس قديسا.. ولكنه لا يستحق هذا التشويه، هو ليس قديسا.. لكنه يملك ما هو أغلى من ذلك، يملك قلوب الجماهير.
الجريدة الرسمية