قل للربيع متى الربيع؟
إذا كان عدم البناء نظيراً للهدم، إن لم يكن أقبح وأفدح فإن علينا أن نتأمل النتائج الوخيمة المترتبة عن إهمال التنمية الشاملة. سأضرب أمثالاً لا تخلو من الدعابة، لأن الموضوع فى حدّ ذاته "يسدّ النفس" ويدمّر الأعصاب.
سنة 2005 أثارت صحيفة الجارديان البريطانية، زوبعة لاتزال منقوشة على عشرات المواقع فى الشبكة العنكبوتية، اكتشفت الرقابة على المستوردات مستحضرات تجميل صينية، استخلص العفاريت الكولاجين فيها من جثث آدميين حكم عليهم بالإعدام، يعنى عملية إعادة تدوير، والمستحضرات باهظة الثمن وغايتها التخلص من التجاعيد وجعل المحيّا صبيحاً غضاً نديّاً.
يمسى ملك الموت شاهداً على اللحظات الرومانسية، وكوكب الشرق تغفر لى: "يسهر المصباح والأشباح والذكرى معى"، بريطانيا العظمى اكتشفت المقلب بعد فترة، فما بالك ببلاد العرب.
أعطينا النصف الحلو يوماً فى العام، وتخلّف صناعة المستحضرات حوّل بشرته إلى خلايا جثث أو خنازير.
فلذات الأكباد، زينة الحياة، لا نجد لهم فى الأسواق لُعباً عربية، فأمطرتهم الصين بالدمى التى تتجاوز فيها نسبة الزئبق الحدّ المقبول، ولماذا يدخل الزئبق أصلاً؟ ولماذا لا يصنع العرب حلوى نقيّة سليمة للأطفال، فلا يظفرون بغير السكاكر المكسوّة بالملوّنات السامّة، وإن لم تكن قاتلة؟
لا يستطيع العرب تغطية أسواقهم بملابس الصغار، فلا تكسوهم إلا الثياب التى هى أعشاش عقارب كيمياوية تورث أمراضاً أخفها الحساسية، أوَ ليس إهمال التنمية خيانة للأوطان والأمة؟ وحين يشبّ الصغار عن الطوق يجعلهم فقدان الصناعات الغذائية السليمة مدمنى وجبات سريعة تهجو أضرارها الجهات الست.
الكبار العرب يضرب بهم تخلف الزراعة عرض الحائط، ويستورد لهم النظام العربى الحبوب المعدّلة وراثياً، والأصحّ المتلاعب بها وراثياً، والنتائج غير معروفة بعد، ولكن تلك الحبوب غير قابلة للزراعة من جديد، إلا إذا توافرت لها الأسمدة من المصدر وهنا ألوان من الابتزاز وما يسمّى "التسهيلات" أو "مت بغيظك"، أوَ ليس إهمال التنمية خيانة للأمة والأوطان؟
هذه مجرد مقدّمة، على القارئ الآن أن يقوم بجولة فى أى سوق، وأن يسأل نفسه: لماذا نرى العالم كله ولا نرى أثراً أو شبه أثر لمنتجات العرب؟ أكثر من ثلاثمائة مليون عربى، ألا يملّون أو يكلّون من الجلوس مكتوفى الأيدى؟
لزوم ما يلزم: على المرأة العربية أن تحوّل بيتها إلى هالوين إلى أن يدخل الزوج وفى يده مستحضرات وأغذية وثياب عربية سليمة. عندئذ يكون الربيع.
نقلاً عن الخليج الإماراتية