رئيس التحرير
عصام كامل

الانهيار البطى


لست من هؤلاء المؤمنين بفكرة الفشل الذريع وسقـوط الدولة والمؤامرت من قبل المعارضة، بل إننى دائما ما كنت أطرح التفاؤل عنوانا والأمل منهج حياة؛ ولم يعد هذا ممكنً الآن.. فالوضع يجعلنى أقول إن الدولة تنهار بأسلوب يجعل المواطن يكفر بالثورة ويسمح لأصحاب المصالح المستغلين التواجد على الساحة؛ وما نواجه ليس انهيارا سريعا بل هو بطئ كالسلحفاة.

وإذا كان لابد أن نختار، فالانهيار السريع أفضل ولا تتعجب أنى اخترت الأول على الآخر، فالأول يجعل الناس تعلم حقيقة من فى الحكـم وحقيقة الأزمة التى نواجهها وكيف أن الحكومة ليس لديها أبواب للخروج، والتأكيد على أن من يحكم لا يعرف كيف يصبح مسئولاً، والثانى يجعلنا نعيش حالة يأس وإحباط بل يجعل الناس تكره الثورة وإحياء فكرة فينك يا مبارك، كل هذا يجعلنى أقول الانهيار السريع أفضل من البطئ، فإذا أردت قتلـى فاقتلنى على الفور لا تعذبنى ثم تعطينى بسمة أمل ثم تغلق الأبواب وتجلعنى أموت ببطء.
وإذا لم تؤمن بأن الدولة تنهار فانظر إلى الأحداث وردود الفعل... حالات من العصيان المدنى فى بورسعيد والحل لا شىء.. اعتصامات من قبل أفراد الشرطة والحل لا شىء... غياب أمنى ورعب فى الشوارع تصريحات من قبل أتباع الرئيس تجعل الشعب لا يعلم إلى أين يذهب.
أضف على ذلك القمع الجسدى والفكرى وإضرابات ومشاكل تلو الأخرى، وإذا سألت يا رئيس مصر أين الحل؟ تجده على الفور يخرج بخطابات لا نفهم منها شيئا إلا جملة الفاسدون والمخربون ولدى مستندات وسوف نقف لهم بالمرصاد، لا أعلم إلى ماذا سوف يقف الرئيس فهو لديه قدرة على التحمل تفوق الجمال فى الصحراء.
فالأزمات تنهال علينا كما لو أنها أمطار فصل الشتاء، والحلول تهل علينا كالمطر فى الصحراء والمسئولين مشغولون فى "مصمصة شفافيهم"، وإعداد كلمات رنانة عن الشعب والمحاربة ونحن نحاول والنتيجة سوف نراها عندما يزرع المشمش فى البيوت.
بل إن الأمر الأكثر سوءا أننا نشاهد هؤلاء المبررين الأغبياء يقفون مساندة للرئيس كى يؤكدوا له أنه ليس هناك أى أزمة حقيقية تحدث فى مصر، وأن هؤلاء هم المخربون ويريدون إسقاط الدولة العظيمة وهدم المشـروع.
والطريف أن الرئيس يسمع لهم وكما لو أننا ليس لدينا أجهزة أمن تعطى تقارير للرئيس عما يحدث فى مصر أو أن الرئيس بذاته لا يقرأ ولا يشاهد إلا جرائد وقناة حزبه وحينها تكـون كارثة، فبعد أن ارتحنا من مخلوع يسمع لحزبه الحكام يأتى إلينا رئيس يسير على فكر الإخوان بحكم تواجده داخلها لسنين ويسمع لقنـوات الإخـوان.
إن الشعب المصرى يعلم حقيقة ما يحدث وهناك من يؤمن بهذا الكلام وهناك من يريد أن ينكر، لكن يبقى أنك أيها الرئيس من يتحمل المسئولية ولن ينفعك حزبك عند السقوط، بيدك أن تختار إما النظر إلى الانهيار البطئ أو التحرك واتخـاذ قرارات تصلح ما تبقى من حطام أو سر على بركة الإخـوان وانتظر الهلاك الأعظم.
lovers.fares@yahoo.com





الجريدة الرسمية