الظواهر السلبية بعد الثورة
نلفت النظر بشدة، من وجهة نظر العلم الاجتماعى، إلى الظواهر السياسية والاجتماعية والثقافية التي ظهرت، في المشهد المصرى بعد ثورة 25 يناير.
وقد حاولنا أن نبرزها ونحللها بعد وصفها وصفا متكاملا، وبتطبيق منهج نقدى لم يتوان عن إبراز الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها الأطراف السياسية المتعددة التي لعبت أدوارًا أساسيًا في المرحلة الانتقالية بعد الثورة.
وأولى هذه الأطراف المجلس الأعلى للقوات المسلحة والذي تولى السلطة بعد تنحى الرئيس الأسبق "مبارك"، وكذلك فئة الناشطين السياسيين سواء منهم من قاموا بأدوار بارزة في إشعال فتيل الانتفاضة التي أدت إلى اشتغال الثورة أو إلى المجموعات المتعددة من هؤلاء الناشطين التي نمت بكثرة عجيبة ووصلت إلى أكثر من ثلاثمائة ائتلاف ثورى! أو إلى الأحزاب السياسية التقليدية.
وكان من أبرز الظواهر السلبية التي أعقبت ثورة 25 يناير اختلاط الثورة بالفوضى. وأصبحت أي مجموعة يمكن أن تقوم بمظاهرة سياسية أو تنظم مظاهرة اجتماعية أو مطلبية دون أدنى اعتبار للصالح العام.
وبرزت ظاهرة اختلال القيم التي ترجمت عن نفسها في ظاهرة عدم الاعتراف بالوظائف الرئاسية أو الإشرافية وعدم احترام المكانات الاجتماعية، مما أدى إلى تجاوزات غير مقبولة في مجال السلوك الاجتماعى.
لكن لعل أبرز ظاهرة سلبية كانت الخلط المعيب بين الدين والسياسة التي قامت بها جماعة الإخوان المسلمين وجماعات السلفيين المتعددة. فهذه الجماعة استغلت الشعارات الدينية لتسويق مشروعها السياسي التخريبى والذي يتمثل في "أخونة الدولة وأسلمة المجتمع"، وكذلك السلفيون الذين أساءوا رفع الشعارات الدينية حتى يضمنوا دخولهم المجالس النيابية.
وقد وقعت الكارثة فعلا حين حصلت جماعة الإخوان المسلمين والسلفيون على الأكثرية في مجلسى الشعب والشورى. ومن هنا بدأ زحفهم على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور حتى يصوغوه وفقا لاتجاهاتهم الأيديولوجية المنحرفة التي لا تعكس إلا فكرا سياسيا تكفيريا، وقيما اجتماعية متخلفة.
وبعد 30 يونيو أصبح المشهد يتلخص بعد انتخاب "السيسي" رئيسا للجمهورية في دولة أخذت تتعافى بالتدريج بحكم السياسة الفعالة للرئيس، والذي جعل مصر تسترد مكانتها دوليا وعربيا، ومجتمع مأزوم يسوده الجمود السياسي نظرا لتشرذم النخب الحزبية وجمود فكرها وافتقارها للخيال السياسي.