رئيس التحرير
عصام كامل

البنك الدولى يصدر تقرير المراقبة الاقتصادية المقدم للجنة الارتباط الخاصة.. التقرير يشير إلى تباطؤ النشاط الاقتصادى تباطؤًا كبيرًا فى 2012.. ويؤكد استمرار تقديم الدعم المالى لفلسطين

البنك الدولى - صورة
البنك الدولى - صورة أرشيفية


أصدر البنك الدولى، اليوم الثلاثاء، تقريرًا عن المراقبة الاقتصادية، والذى سيرفع إلى لجنة الارتباط الخاصة تمهيدًا لعرضه فى اجتماع المانحين الذى سيعقد فى 19 مارس الجارى ببروكسل، والذى أكد على ضرورة تحقيق وتوافر عاملين، هما: النمو الاقتصادى المستدام، والمؤسسات الفاعلة، باعتبارهما المرتكزين اللازمين لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.

وأكد التقرير - الذى حصلت وكالة أنباء الشرق الأوسط على نسخة منه - على أن الدعم المالى المستمر للسلطة الفلسطينية من جانب مجتمع المانحين، والجهود الإصلاحية التى تبذلها هذه السلطة عاملان ضروريان لإدارة العجز التمويلى الذى تواجهه السلطة فى الوقت الحاضر.. بيد أنه لا بد من إعطاء درجة من الاهتمام أكبر بإزالة المعوقات بهدف السماح بتحقيق نمو حقيقى يقوده القطاع الخاص الفلسطينى.
وأشار إلى أنه فى ظل التباطؤ الاقتصادى الحالى، والقيود الإسرائيلية المفروضة على الاقتصاد الفلسطينى، ومحدودية الاقتراض من البنوك التجارية المحلية، فإن عملية توفير السلطة الفلسطينية الخدمات الأساسية للفلسطينيين تضررت هى الأخرى بصورة مطردة، إلى جانب وجود مخاطر تتمثل فى احتمالية تآكل المكاسب التى تحققت على صعيد بناء المؤسسات، وعلاوة على ذلك، فإن التحديات التى تواجه السلطة الفلسطينية فى مجال المالية العامة، وما يقترن بتلك التحديات من حالة الجمود المتطاولة فى العملية السياسية، لها ما لها من الآثار السلبية، لا على النمو الاقتصادى على المدى القصير فحسب، بل أيضا على مدى تنافسية الاقتصاد الفلسطينى على المدى الطويل.
وأكد التقرير على تباطؤ النشاط الاقتصادى تباطؤًا كبيرًا فى عام 2012، عقب النمو القوى الذى تحقق على صعيد الناتج المحلى الإجمالى فى السنوات الأخيرة، ويبين هذا التباطؤ فى جزء منه غياب إجراء المزيد من التخفيف من القيود الإسرائيلية، وانحسار محفز المالية العامة بسبب العجز المستمر فى المعونات التى يقدمها المانحون، والشكوك التى تحدثها التحديات التى تواجهها المالية العامة للسلطة الفلسطينية، وبالرغم من الضغوط المرتبطة بالمالية العامة فقد استمرت السلطة الفلسطينية فى تنفيذ جهودها الإصلاحية.
واستعرض تقرير البنك الدولى عن المراقبة الاقتصادية الإنجازات الجوهرية التى حققتها السلطة الفلسطينية على صعيد بناء المؤسسات، والتى تخضع وما تزال لتحليلات جديرة بالاعتبار وللإبلاغ عن نتائجها.
وبالفعل، فقد أدت هذه المؤسسات دورًا حاسمًا فى تمكين النمو الاقتصادى الإيجابى فى المناطق الفلسطينية فى غضون السنوات الأخيرة، ومع ذلك فما تزال آفاق النمو الاقتصادى المستدام مقيدة فى هذه المناطق.
وأوضح التقرير أن الجهود تضمنت: تحديث عملية إدارة الإيرادات، وبدء ترشيد الإنفاق على القطاع الصحى، واحتواء فاتورة أجور الموظفين العموميين ضمن الميزانية المستهدفة، وتحسين الكفاءة والشفافية فى برنامج التحويلات النقدية ونظام المشتريات العامة، وتحقيق الأداء الذى يبعث على الرضى فى القطاع المصرفى.
وأشار التقرير إلى احتمالية نمو الاقتصاد وقدرته التنافسية فى الأسواق العالمية ضعيفة جدًّا، مما أثر سلبًا على الاقتصاد الفلسطينى، والذى لا يزال يخسر باطراد هذه القدرة منذ عام 1994. فقد أصيب قطاع التصنيع الذى يعتبر أحد المحركات الأساسية لقطاع التصدير على وجه الخصوص بحالة من الركود، على نطاق كبير، خلال الفترة من عام 1994 وحتى الوقت الحاضر، وقد تراجعت حصة هذا القطاع من الناتج المحلى الإجمالى تراجعًا جوهريًّا، كما ضاعف قطاع الزراعة، فى الوقت ذاته، عدد العاملين فيه، ولكن إنتاجية هذا القطاع انخفضت إلى النصف تقريبًا.
كما أشار التقرير إلى هبوط حصة الصادرات من السلع فى الاقتصاد الفلسطينى، التى كانت تقدر بحوالى 7% فى عام 2011 (بعد أن هبطت من نسبة 10% فى عام 1996)، واحدة من أدنى الحصص فى العالم.
وعلاوة على ذلك، فإن الصادرات الفلسطينية متركزة كثيرًا فى السلع والخدمات منخفضة القيمة، وهى تصدر فقط إلى عدد صغير من البلدان، وأكثر من 85 % منها موجهة إلى إسرائيل، وحتى مع إزالة القيود الخارجية المفروضة على الاقتصاد الفلسطينى، فإن هذا الاقتصاد يتبوأ موضعًا ضعيفًا لا يتمكن معه من الاستفادة السريعة والكافية من الفرص التصديرية، وسوف تتطلب التكيفات فى هذا الاقتصاد موارد كثيرة وفترة زمنية كبيرة.
وذكر تقرير البنك الدولى عن المراقبة الاقتصادية أنه ومع تدنى مستوى المشاركة فى القوى العاملة، وارتفاع معدلات البطالة ومدة استمرارها، فإن الكثير من الفلسطينيين ممن هم فى سن العمل لا تتوافر لهم الفرصة لتطوير مهاراتهم وهم قائمون على رأس العمل، وعلاوة على ذلك، فإن تركز القوى العاملة فى مؤسسات صغيرة متخصصة فى التجارة والخدمات لا يشكل بيئة مواتية لتطوير المهارات التى تجعل العاملين الفلسطينيين منافسين فى الاقتصاد العالمى.
لقد عمل النمو فى القطاع العام على دعم عملية استحداث الفرص الوظيفية، ولكن هذا النمو لا يشكل حلًّا مستدامًا على المديين المتوسط والطويل.
وأشار إلى أن التبعات التى تبعث على القلق لهذه الظواهر تتمثل فى إمكانية خسارة القوى العاملة الفلسطينية قابليتها للتشغيل والعمل على المدى الطويل، وبالإضافة إلى التبعات الاقتصادية، فإن تطاول فترة البطالة، ولا سيما فى أوساط الشباب، تميل إلى إضعاف التماسك الاجتماعى.
كما أشار التقرير إلى الأداء الضعيف لقطاعات البنية التحتية، والذى أثر سلبيًّا على تنافسية الاقتصاد الفلسطينى، إن عدم قدرة السلطة الفلسطينية على الإنفاق الكافى على البنية التحتية أثر بشكل سلبى على تراكم ونوعية البنية التحتية المادية وإدارتها، رغم الإسهامات المقدمة من الشركاء فى التنمية، كما أدت القيود المفروضة على الحركة والتنقل والوصول إلى الموارد العامة إلى تدهور نوعية البنية التحتية كما تثبت الأدلة والبراهين المستقاة من مختلف القطاعات، مثل قطاعات المياه، والنقل، والاتصالات، بما لذلك من آثار سلبية هى الأشد وطأة وتأثيرًا فى قطاع غزة.

الجريدة الرسمية