جلال أمين في حوار ناري لـ «العرب اللندنية»: الدول العربية يعاد تقسيمها لصالح أمريكا.. معركة نقد التراث مؤسفة والخطاب الدينى لا يتجدد بدعوة رسمية.. ومستقبل الإخوان مرتبط بواشنطن ولا تصالح مع
أجرت صحيفة "العرب اللندنية"، حوارا مطولا مع المفكر جلال أمين، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، والذي كشف فيه عن العديد من وجهات نظره في القضايا السياسية المختلفة.
تقسيم المنطقة
وقال جلال أمين، إن المنطقة العربية تشهد أحداثا ذات طابع جنوني وغير عقلانية أو منظمة، لافتا إلى أن هذه المواصفات لا تجتمع سوى في المخططات الخفية.
وأشار "أمين"، إلى أنه يتفق مع من يرى أن المنطقة تشهد سايكس بيكو جديدة، لكنه لا يتفق مع من يرون أن كل ما يحدث في المنطقة هو وليد مؤامرة كاملة، معللا ذلك بأن الملايين التي خرجت ضد الظلم، ليسوا متآمرين، لافتا إلى أن هذا لا يمنع وجود مؤامرة نسجت خيوطها قوى دولية لها مصالح، ودفعت بالشباب الراغب في الإصلاح، للخروج والتظاهر.
وأكد "أمين"، أن الوضع الحالي لبعض الدول العربية سيئ، والأجواء أشبه بحالة الوجود العربي والإسلامي في الأندلس في أيامه الأخيرة، موضحا أنه لا بد من فهم جوهر التحولات العالمية لمعرفة المستقبل، مثل حقيقة وضع الولايات المتحدة كقوة عظمى وتدهور اقتصادها في ظل المؤشرات الداعمة لذلك، والتي سوف تقود إلى تدهور سياسي وعسكري.
وأشار إلى أنه لا يستبعد أن يكون التخطيط الجديد الذي تتعرض له منطقة الشرق الأوسط ضمن مخطط لمواجهة الصعود المتنامي للصين وروسيا، ووأد محاولاتهما لتغيير مركز قيادة العالم، من خلال إعداد المنطقة على نحو جديد، يمكّن الولايات المتحدة من البقاء فترة أطول على رأس العالم.
نقد التراث الدينى
وانتقد أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية، الدعوات المتكررة لتجديد الخطاب الديني الذي يراه لا يتجدد بدعوة رسمية، منوها إلى أنه يتم دون تدخل السلطة، مبديا تحفظه على دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي، الخاصة بضرورة تجديد الخطاب الدينى.
ودعا "أمين"، الحكومة إلى حماية المجددين، ومنحهم فرصة عرض أفكارهم بحرية، مستنكرا ما تعرض له المفكر الراحل نصر حامد أبوزيد في التسعينات من القرن الماضي، بسبب مواقفه، منوها إلى أنه تم تكفيره والتفريق بينه وزوجته، واضطر إلى السفر خارج البلاد.
وطالب أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، نجل الكاتب الإسلامي الراحل أحمد أمين، بالتعامل مع التراث الإسلامي بأدب وتوقير، لأنه عزيز على المسلمين جميعا، داعيا إلى اعتماد عبارة الاجتهاد بديلا عن التجديد، واستخدام مصطلح الفكر الديني وليس التراث، معتبرا أن الاجتهاد، لفظ أكثر احتراما، ولا يتعارض مع الدعوة إلى التجديد.
ووصف المعركة الدائرة في مصر حول فكرة نقد التراث بـ"المؤسفة ولن ينتج عنها خير، ولن تقدم جديدا"، داعيا السلطة إلى مراعاة الشعور العام وأن يتم التعامل مع هذه القضية، مثل قانون المرور من يتجاوزه يجب إيقافه فورا.
الإخوان والحكم
استبعد "أمين"، عودة جماعة الإخوان الإرهابية إلى الحكم مرة ثانية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة والأوربيين، أخطأوا التقدير عندما راهنوا على مستقبل هذه الجماعة.
وكشف أستاذ الاقتصاد في حواره مع "العرب اللندنية"، عن فحوى حوار قصير دار بينه وبين جون كيري، وزير الخارجية الأمريكى، عقب ثورة يناير بنحو شهرين، حيث حضر عشاء على شرف كيري، عندما كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس أقامته سفارة بلاده في القاهرة، وخلال الحوار، قال "أمين"، إن الإخوان يستفيدون من عاملين ليس لهم فضل فيهما، الأول الحالة الاقتصادية السيئة، والثاني التديّن الطبيعي للشعب المصري.
وأشار "أمين"، إلى أن هذا الأمر، لم يعجب جون "كيري"، الذي رد قائلا:" لا تنسى أنهم أقدم تنظيم سياسي في مصر منذ 1928"، لافتا إلى أن هذا التصريح، كشف له عن رغبة الولايات المتحدة في وصول الإخوان إلى السلطة.
وأكد "أمين"، أن واشنطن أخطأت التقدير ولم تراع حجم الضيق الذي تحمله شرائح واسعة من الطبقة الوسطى والعليا المثقفة تجاه الإخوان، مشيرا إلى أن الانفتاح على العالم وانتشار التعليم وراء ضعف شعبية الإخوان، وعدم القبول بالخرافات والتفسيرات الخاطئة للدين التي كانت تقدم للناس.
وأوضح "أمين"، أن مستقبل الإخوان يرتبط بمن سيكون له الغلبة في المجتمع الدولي، الولايات المتحدة أم أوربا أم روسيا أم الصين، مؤكدا أن لدى الجماعة مزايا عند الولايات المتحدة، أهمها اتباع السمع والطاعة في التعامل مع التعليمات الأمريكية، فضلا عن قدرتهم التنظيمية الرهيبة، والتي تسمح لهم بحشد عناصر في مظاهرات أو فعاليات تحقق مصالح الولايات المتحدة في مناطق مختلفة.
المصالحة مع الإرهابية
وأعرب جلال أمين، عن عدم تأييده أو تعاطفه مع فكرة المصالحة مع الإخوان، لأن قيادات الجماعة يصعب التصالح معها، بعد كل ما اقترفته من خطايا في حق المصريين، علاوة على أن الجماعة نفسها تشهد انقســامات وخــلافات بين القواعد والــقيادات.
ولفت "أمين"، إلى أن الإعلام يضخّم من حجم جماعة الإخوان، عندما ينسب إليها كل فعل أو حدث في مصر، واعترف بعدم تمييزه بين الإخوان والمتعاطفين مع الجماعة، مشددا على أن المتعاطفين من السهل جذبهم إلى صف الدولة، عن طريق تحسين الخطاب الإعلامي، ووقف التصعيد ضدهم، وتحسين الأداء الاقتصادي، وتوفير فرص عمل لهم، في ظل انتشار حالة البطالة التي يعاني منها معظم هؤلاء.