رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتورة نادية زخاري وزيرة البحث العلمي السابقة: أتعجب من تصدير القمامة المصرية للصين


  •  يمكن تحويل السولار لبنزين 92 بإضافات رخيصة جدا
  •  المشكلة ليست في ضعف الميزانية المخصصة للبحث العلمى
  •  البحث العلمى يمكنه نقل مصر من دولة مستوردة إلى مصدرة
  • الإعلام غير مساند للبحث العلمى وينظر لنصف الكوب الفارغ
  •  مستوى مصر عالميًا في البحث العلمى جيد 
  •  ما يؤخرنا هو عدم تطبيق نتائج البحث العلمى 
  •  مجهودات الباحثين لا ينظر إليها أحد
  •  "الروتين" و"البيروقراطية" يقضيان على طموح المبتكرين
  •  مصر في مرتبة متأخرة.. و"إسرائيل وإيران وتركيا" حققت طفرات هائلة 
  •  يجب إطلاق حرية المكان البحثى في استيراد الأجهزة من الخارج

قالت الدكتورة نادية زخارى، وزيرة البحث العلمى السابقة، إن المناخ العام في مصر رافض "البحث العلمى" ولا يشجعه، مشيرة إلى أن دولًا مثل "تركيا وإيران وإسرائيل" خطت خطوات هائلة في المجال البحثى بفضل وضع البحث العلمى على رأس اهتمامات الحكومة.
وأوضحت "زخارى" أن ضعف الميزانية المخصصة للبحث العلمى ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه الباحثين وإنما عدم تطبيق نتائج الأبحاث هو العائق الأكبر.
وأشارت إلى أن البحث العلمى من الممكن أن يؤدى إلى نمو مصر اقتصاديًا بشكل كبير وتحويل مصر من دولة مستوردة إلى أخرى مصدره في حالة تنفيذ الأبحاث الناتجة عنه على مستوى عالٍ.. وإلى نص الحوار:


*بداية ما أهم المشكلات التي تواجه البحث العلمى في مصر؟
المشكلة العظمى التي تواجه البحث العلمى في مصر هي عدم تطبيق البحث العلمى وعدم اقتناع المجتمع والمستثمرين بقيمة الباحث، كما أنه من الممكن أن يؤدى البحث العلمى إلى نمو اقتصاد مصر والإضافة إليه في حالة تطبيقه بمستوى جيد، حيث إنه من الممكن أن يحول مصر إلى دولة مصدرة وليست مستوردة.

*وكيف يمكن أن يتم ذلك؟
يمكن من خلال البحث العلمى الوصول إلى قيمة مضافة في كثير من المجالات مثل المواد الخام يمكن أن نستفيد منها ومن تصنيعها بدلا من تصديرها كمواد خام ومنها الرمال البيضاء، حيث إن الباحثين على دراية بتكنيك تصنيعها والاستفادة منها في صناعات مكملة ومنها صناعات الإلكترونيات، كذلك الأعشاب الطبية التي من الممكن أن نستخلص منها المواد الفعالة بدلا من تصديرها كأعشاب مواد خام، بالإضافة إلى الاستفادة من القمامة، حيث إنه من العجب أن نسمع أن الصين تستورد قمامة من مصر دون أن تستفيد الدولة منها، كما أن مجال الطاقة يمكن للباحثين تحويل السولار إلى بنزين 92 بإضافات رخيصة جدًا بدلا من استيراد بنزين 95 وذلك من خلال تكنيك بسيط.

*هل مصر لديها أبحاث قوية في مجال البحث العلمى؟
لا بد من تأكيد أن مصر لديها الكثير من الأبحاث لكن نادرًا ما تكون هناك استفادة فعلية مما يخرج به البحث العلمى في مصر.

*كم تبلغ ميزانية البحث العلمى بمصر؟
لا بد من الإشارة إلى أن ميزانية البحث العلمى ارتفعت في الدستور الجديد لـ1% من الدخل القومى وليس من الموازنة العامة للدولة وذلك يعد إنجازًا كبيرًا، حيث إنه كلما زاد الدخل زادت الميزانية، فمنذ عامين منذ أن كنت أعمل كوزيرة للبحث العلمى زادت الميزانية من 502 مليون جنيه إلى مليار.

*كم تبلغ ميزانية البحث العلمى حاليًا؟
الميزانية حاليًا أقل من مليار تقريبًا.

*هل ميزانية البحث العلمى في مصر مناسبة؟
على الرغم من تضاعف ميزانية البحث العلمى في مصر خلال عام 2012/ 2013 فإنه لا يمكن أن نقول إنها كافية، فكلما زادت ميزانية البحث العلمى كان الناتج أفضل لكن لا بد أن نؤكد أن الميزانية ليست العائق الأساسى أمام البحث العلمى بمصر.

*من وجهة نظرك ما العائق الأساسى أمام البحث العلمى؟
العائق الأساسى إلى جانب عدم تفعيل البحث العلمى هو أن كثيرًا من الباحثين يعيدون الأبحاث دون ابتكار أبحاث جديدة مثلما كان في الماضى، حيث يفترض أن يكون الباحث مبتكرًا، لا يمكن أن نغفل أنه لا بد أن يعتمد على ما قام به الباحثون السابقون لكى يكمل عليهم فلا يمكن لباحث البدء من الصفر، لكن يتم تطوير البحث وتطويعه لما يخدم المجتمع الذي يعيش فيه، ولكن ذلك أدى إلى اختفاء الابتكار بين الباحثين.. فيه أبحاث جيدة وبها ابتكار وأبحاث تقليدية يتم تطويرها لتناسب المجتمع المصرى والبيئة والطبيعة المصرى.

*ما العواقب التي تواجه الباحثين في مصر؟
تعد أزمة تباطؤ المناقصات والأوراق من أكبر المشكلات التي تواجه الباحثين في مصر، حيث إن الباحث بعد وصوله لفكرة معينة ويطلب مواد أو أجهزة لتنفيذها يستغرق وصول طلباته إليه ما بين 8 شهور إلى عام كامل مما يؤدى إلى قلة حماس الباحث.
كما يعانى الباحثون أيضًا عدم وجود معارض لمنتجات البحث العلمى والتي تعد عائقًا أمامهم، حيث إنه من المفترض أن يكون هناك معارض كثيرة للبحث العلمى لتكون واضحة للمستثمرين، كما أنه من الواجب على الدولة تشجيع المستثمرين حتى يهتموا بالبحث العلمى، حيث إنه من الضرورى تنظيم مسابقات وفتح مراكز للابتكار، وكل ذلك يسهم في تنشيط البحث العلمى بمصر.

*ما ترتيب مصر بين الدول في منطقة الشرق الأوسط وعالميا؟
تحتل مصر المرتبة الرابعة في البحث العلمى على مستوى الشرق الأوسط يسبقها إسرائيل تركيا وإيران.. وعلى مستوى العالم تحتل مصر المرتبة الــ28 في مجال النشر والبحث العلمى المجرد في مجال الكيمياء، وفى المجال الهندسى تحتل المرتبة الــ43 عالميًا، ولا بد من تأكيد أن مستوى مصر عالميًا في البحث العلمى جيد ولكن ما يؤخرنا هو عدم تطبيق نتائج البحث العلمى.

*كم تبلغ رواتب الباحثين تقريبًا ؟
ارتفع بدل الجامعة أثناء كونى وزيرة البحث العلمى بالنسبة للأستاذ الجامعى من 30 جنيهًا إلى 3500 جنيه، ولابد من الإشارة إلى أن ذلك كان بدل الجامعة فقط، حيث كان يتراوح راتب الأستاذ الجامعى ما بين 10 و11 ألف جنيه وفقًا للأقدمية، كما أن راتب الأستاذ الجامعى يزيد كلما زاد نشاطه، فبعض المشروعات البحثية تدعم من وزارة البحث العلمى، ويخصص 20% من ميزانيتها كرواتب لفريق العمل الذي يعمل به، وبالتالى كلما بذل الأستاذ الجامعى مجهودًا أكثر زادت مكافآته.

*هل هذا الراتب كافٍ لكى يمكن الباحث من الابتكار؟
لو ميزانية الدولة قادرة على منح الباحث 100 ألف جنيه كراتب شهرى تمنحه فكلما زاد الراتب كان أفضل، ولكنه مقارنة برواتب باقى الوظائف الأخرى فهو جيد، مع العلم أنه بعد زيادة بدل الجامعة إلى 3500 جنيه نظم الموظفون على الكادر العام العديد من التظاهرات للمطالبة بالمساواة بمن هم على كادر بحثى خاص، ولذلك حاولت في هذا الوقت تطبيق الحد الأدنى على كل الموظفين ولم يكن هناك موظف يحصل على راتب شهرى أقل من 1200 جنيه.. ولا بد من الإشارة إلى أن الباحث لا يعمل من أجل الراتب فقط، فحبه وحياته في أن يدخل المعمل وينفذ فكرة جديدة وتطبيق الفكرة على أرض الواقع يكونان أهم عنده من أي شيء آخر، ودائمًا ما تدر الفكرة في حالة تطبيقها فعليًا عائد للباحث نفسه وللمكان الذي نفذ فيه البحث وهذا يمثل انتصارًا كبيرًا جدًا، بالإضافة إلى الانتصار المعنوى الذي يحققه.
فعلى سبيل المثال تعد رؤية "أديسون" للمصباح الكهربائى الذي فشل فيه أكثر من مرة وهو مضىء أجمل لحظات حياته على الإطلاق، فليس كل النصر يقاس بالجنيهات فهناك أشياء الانتصار المعنوى بها أهم.

*ما الإجراءات التي تساعد الباحث على الابتكار بشكل أكبر؟
أول ما يساعد الباحث هو تعديل قانون المناقصات، فيجب أن يكون هناك حرية للمكان البحثى في استيراد مواد البحث والأجهزة من الخارج، حيث سيوفر ذلك للدولة الكثير من العملة الصعبة، كما أنه سيعجل من وصول المواد للباحث ويستغرق ذلك شهرين تقريبًا بدلا من أن يستغرق الأمر أكثر من 8 شهور، كما أن الباحث يعانى أيضًا أن بعض الجهات تطلب منه أن يحدد المواد التي يستخدمها مرة واحدة في السنة، وهذا أمر شاق لأن الباحث شخص مبتكر طول فترة عمله، ومن الممكن أن يطلب المواد أكثر من مرة في السنة.

*هل لمنظمات المجتمع المدنى دور في مساندة البحث العلمى؟
بالفعل لمنظمات المجتمع المدنى دور كبير وهو المساهمة في إنشاء مؤسسات لرعاية المبتكرين، أو دعم المؤتمرات الخاصة بالابتكارات العلمية وتمويلها، حيث إن وزارة البحث العلمى لم تكن تنفق عليها، بالتالى فإن منظمات المجتمع المدنى إما أن تشجع المبتكرين أو تمول المؤتمرات والمشاريع الخاصة بالبحث العلمى، ولا بد من الإشارة إلى أن الجامعات الخاصة بما تنفذه من أنشطة تعتبر تابعة لمنظمات المجتمع المدنى.

*ما دور الإعلام فيما يتعلق بالبحث العلمى؟
الإعلام غير مساند للبحث العلمى فكل ما يقال في الإعلام إن البحث العلمى ليس له دور في مصر، فالإعلام ينظر إلى نصف الكوب الفارغ، ولا يركز على ما يخرج من البحث العلمى والأبحاث المطبقة بالفعل على الرغم من وجود العديد من الأبحاث المطبقة والناجحة.

*ما الأبحاث التي خرجت من البحث العلمى وطبقت بالفعل؟
هناك العديد من الأبحاث التي خرجت من البحث العلمى وطبقت بالفعل، فعلى سبيل المثال المطار الخاص ببرج العرب حصل على المناقصة الخاصة به معهد بحوث البترول التابع لوزارتى البحث العلمى والبترول، وتم عمل الأسفلت الخاص بالمطار، وهو دائمًا ما كان يستورد من الخارج؛ نظرًا لأنه يجب أن يكون على أعلى مستوى وأفضل من الأسفلت الذي يستخدم في الشوارع، وكذلك المواد التي تطعم بها الطيور لحمايتها من إنفلونزا الطيور، كانت تستوردها مصر من الخارج ولم يكن لها التأثير المطلوب، وقام المركز القومى للبحوث بإجراء الأبحاث عليها والتوصل إلى أنواع حققت وقاية للدواجن بنسبة 80% تقريبًا؛ لأنها كانت مخصصة لنوع الفيروس الذي يصيب الدواجن في مصر مما وفر الكثير من العملة الصعبة.

*كم عدد المراكز البحثية بمصر؟
يوجد 12 مركزًا بحثيًا تابعًا لوزارة البحث العلمى بالإضافة إلى أكاديمية البحث العلمى، هذا بخلاف المراكز البحثية التابعة للجامعات فالجامعات لها وظيفة تدريس وبحث علمى، كما يوجد مراكز بحثية تابعة للوزارات مثل وزارات الصحة، الرى، الزراعة.

*هل وزارة البحث العلمى تمول المشروعات التابعة لها فقط؟
وزارة البحث العلمى لا تمول المشروعات التابعة لها فقط بل تمول المشروعات التي تصل لها من أي وزارة، ولكن المهم أن تخضع المشروعات لنظام تنافسى، بمعنى أن المشروعات تعرض وتحكم تنافسيًا، وأحسن المشروعات هي التي تمول من وزارة البحث العلمى فليست كل المشروعات البحثية تستحق تمويلها.. فبعد الإعلان عن فتح الوزارة الباب لتلقى المشروعات البحثية الخاصة بملف معين مثل مشروعات صحية أو مشروعات رى وغيرها يتم تلقى الأبحاث، ويحكمها مجموعة من الباحثين المشهورين الذين يمكن أن يحكموا المشروعات، وكل بحث يحصل على درجة من 100، ويتم اختيار الأبحاث الحاصلة على أعلى الدرجات لتمويلها.
الجريدة الرسمية