رئيس التحرير
عصام كامل

مخطط تركيا لتوريط السعودية في الحرب السورية.. تقارير: أنقرة مستعدة لإنزال قوات برية في دمشق مقابل الإمدادات الجوية من الرياض.. ومصر ترفض خوفًا من تفتيت المنطقة وتكرار حرب العراق


مع بدء السعودية في خوض عمليات "عاصفة الحزم" ضد جماعة أنصار الله "الحوثيين" والقوات الموالية للرئيس السابق على عبدالله صالح، في اليمن، بدأت التقارير الإعلامية في وسائل الإعلام المقربة من تركيا وقطر والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان حول أهمية تشكيل تحالف على غرار تحالف "عاصفة الحزم" من أجل دعم المعارضة المسلحة ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة تركية لتوريط السعودية في سوريا.


سلمان: لا مكان للأسد
العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، كان واضحًا في هذا الاتجاه، عندما قال: لن يكون هناك أي دور للرئيس السوري بشار الأسد في مستقبل سورية.

الملك سلمان لم يتحدث عن الموقف السياسي أو الموقف العسكري، في الشأن السوري واكتفي بالتأكيد على أنه لا مكان للرئيس السوري بشار الأسد في الحكم.

دور تركيا
وجاءت عملية عاصفة الحزم في فترة تشهد تقاربًا في العلاقات بين المملكة العربية السعودية وتركيا، بدأت بلحظة وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز ومسارعة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لزيارة السعودية، وتقديم التهنئة للملك سلمان بن عبد العزيز في فبراير الماضي، فضلاً عن التعاون العسكري الأخير بين قطر وتركيا، التي بدت تطفو على السطح، عبر تشكيل تحالف دولي يهدف إلى القضاء على نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

ووفقًا لصحيفة «هافينجتون بوست» الأمريكية فإن طبيعة الهجوم على سوريا، تتضمن أن تقدم تركيا القوات البرية، في حين تقدم السعودية الدعم بالغارات الجوية؛ وذلك كله بهدف مساعدة مقاتلي المعارضة السورية المعتدلين للانتصار على نظام الأسد.

تقسيم هذه الأدوار سبقها عقد تركيا والسعودية، وهما دولتان لديهما تاريخ طويل من التنافس، محادثات على مستوى عالٍ مؤخرًا؛ بهدف تشكيل تحالف عسكري للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، ولا يعرف إن كان التعاون التركي السعودي مختلفًا، فالحملة التي تقودها السعودية في اليمن ضد جماعة الحوثيين تظهر أن السعودية أصبحت أكثر جرأة في استخدام قواتها لمواجهة التحديات المحيطة بها، بدلاً من الاعتماد على جماعات وكيلة عنها.

وأجرت تركيا والسعودية مناقشات حول الوضع في سوريا، وأنه يتطلب تعزيز المساعدات للمعارضة وتوسيع نطاق التعاون الشامل في مجال الدفاع والمسائل الأمنية.

الدور القطري
تلعب قطر دورًا كبيرًا في محاولة زج السعودية في تحالف إقليمي وليس عربيًا، من أجل تشكيل تحالف لمحاربة الأسد في سوريا؛ لِمَا تتمتع به المخابرات التركية من علاقات بالجماعات الإرهابية والمعارضة المسلحة في سوريا والمنطقة، وأيضًا بعدد من الدول الإقليمية.

ويري المراقبون أن توقيع اتفاق عسكري بين حكومة أردوغان وحكومة الأمير تميم بن حمد آل ثاني للدفاع مع قطر، وتسهيل تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون العسكري، يعتبر جزءً من التمهيد لتشكيل تحالف إقليمي لمواجهة الجيش السوري بدعم وتشجيع أمريكي وغربي.

المراقبون أكدوا أن قطر لعبت دورًا كبيرًا في تحالف "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن وبدعم تركي كامل، وهو ما شجعهم على تكرار الموقف في سوريا.

وأكد خالد العطية، وزير خارجية قطر في مؤتمر صحفي على هذا التوجه التصعيدي، عندما كشف عن مؤتمر مرتقب للمعارضة السورية في العاصمة السعودية الرياض «لوضع خطة لإدارة المرحلة الانتقالية لما بعد نظام بشار الأسد».

انتصارات المعارضة
وربطت العديد من التقارير بين انتصارات المعارضة السورية المسلحة والجماعات الجهادية وعاصفة الحزم في اليمن، والبعض اعتبر أن هناك دعمًا قويًا قُدِّم للمعارضة لتحقيق انتصارات على الجبهة السورية.

ويرى المراقبون أن هناك تكثيف من الدعم المالي والتسليحي للمعارضة المسلحة، مما أدى إلى استيلائها على أدلب وجسر الشغور شمالاً وبصرى الشام جنوبًا.

استبعاد سعودي
وأكد رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ورئيس جهاز المخابرات السعودية الأسبق، الأمير تركي الفيصل، أن تكرار تجربة «عاصفة الحزم» في سوريا لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، مرتبط بتشكيل قوة عربية مشتركة.

وأشار الفيصل خلال تصريحاته لـ«BBC»، إلى أن كل حديث في هذا الشأن قبل تشكيل القوة العربية المشتركة سابق لأوانه، مؤكدًا أن الهدف من عملية «عاصفة الحزم» كان إعادة الشرعية لليمن، مبديًا رفضه لأي توصيف طائفي لها.

وحول ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن أن هناك خطة لدخول تركيا برًا إلى سوريا تحت غطاء جوي سعودي، قال رئيس مركز القرن العربي للدراسات سعد بن عمر، لـصحيفة "سبق" السعودية: "إن السعودية لن ترضى بدخول تركيا إلى سوريا العربية، وإن ذلك يمكن أن يتحقق على يد أبناء سوريا فقط".

أطراف تهدد التحالف
وأوضح أنه إذا كان هناك رغبة تركية قطرية لتوريط السعودية في تحالف إقليمي لمحاربة الرئيس السوري بشار الأسد، فإن هناك العديد من العقبات التي تهدد فشل هذا التحالف، فـ«روسيا» سترفض أي هجوم محتمل ضد سوريا وستعتبر أي «عدوان» على سوريا، يقابله تزويد الحكومة السورية بالسلاح لمكافحة «الإرهاب»، وسط تأكيدها على ضرورة إيجاد صيغة سلمية لتسوية الأزمة في سورية من قبل السوريين أنفسهم دون تدخل أجنبي وعلى أساس مبدأ احترام سيادة سورية.

رفض مصر
وتابع أن مصر سترفض مثل هذا التحالف؛ نظرًا لأنه سيؤدي إلى تفكيك المنطقة وتحول سوريا إلى دولة فاشلة وتكرار تجربة العراق بعد الاحتلال الأمريكي والتي تدفع بلاد الرافدين فاتورتها حتى الآن، من فشل وسيطرة "داعش" على مناطقها، الأمر الآخر أن مصر تعتبر سوريا خط الدفاع الأول لها وهو ما قد يؤدي إلى تهديد العلاقات المصرية الخليجية، في ظل تأكيد مصر على الدعم الحل السياسي في سوريا بعيدًا عن التدخل العسكري.

العلاقات التركية الإيرانية
وأشار إلى أن إيران تعتبر أن نظام الأسد يمثل عمقها الاستراتيجي، كما أن معدل التبادل الاقتصادي بين تركيا وإيران الذي يتخطى 33 مليار دولار، وتعتمد أنقرة على إيران في مجال الطاقة بشكل كبير حيث تستورد 28% من نفطها، و19% من غازها الطبيعي، و20% من الكهرباء، بينما يميل الميزان التجاري بين البلدين لمصلحة إيران (10 من أصل 14 مليار دولار).

وتابع أن الرأي العام التركي وخاصة من قبل المعارضة والعلويين الشيعة يهدد استقرار الدولة العثمانية، مما يهدد بقاء حكومة أردوغان في ظل سعي حزب العدالة والتنمية الحاكم للحصول على أغلبية في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
الجريدة الرسمية