رئيس التحرير
عصام كامل

رأفت الهجان..وصباح السخافة!


للمرة الثانية أعود للحديث عن دور الإعلام التخريبي، واليوم أخص برنامجًا الهدف منه رسم ابتسامة على وجه المواطن كل صباح، ولكن يبدو أن المسئولين عن هذه الشبكة لا يدركون معنى ما يقدم بدعوى إضحاك المواطن والفرق بين الإضحاك وبث السموم والغباء، ومن يعرف تاريخ الإذاعة المصرية يدرك جيدًا أنها دائمًا كانت تقدم برامجًا خفيفة على أعلى مستوى من الإعداد والتقديم بل هذه البرامج كانت مدارس لتقديم الأصوات والإبطال ليكونوا نجوًما في كافة مجالات الإبداع، من منا ينسى إبداع البرامج التي قدمت للفن المصري أعظم نجوم الكوميديا، مثل برنامج "ساعة لقلبك"، والذي قدمه عدد من نجوم الفن الكبار فؤاد المهندس، عبدالمنعم مدبولي، عبدالمنعم إبراهيم، محمد أحمد المصري "أبو لمعة"، خيرية أحمد، جمالات زايد، .... إلخ.


بل أن هذا البرنامج قدم عمدة الإذاعة ورئيسها الأسبق فهمي عمر، والمؤلف العبقري يوسف عوف، بل أن عبد الحليم حافظ كان من مطربي هذا البرنامج، وبرامج أخرى خفيفة منها "بصبح عليك"علا بركات وإسعاد يونس (الممثلة الآن)...إلخ جميعها كانت تقدم الكلمة بروح مرحة ولها هفف أيضًا، حتى البرامج النقدية مثل "همسة عتاب" و"كلمتين وبس" كانا يرسمان بسمة، بالرغم من عرضهما المشاكل، إلا أن الأسلوب الراقي والصدق كان يصل للناس.

بعيدًا عن سخافات كثيرة تحدث، والمبالغة فيها هذا لا يهمني؛ لأن هذه السخافات للأسف تجد من يشجعها ويعجب بتفاهتها، ولكن الأسبوع الماضي وجدت «الست المذيعة» وهى غير قادرة على التحكم في نفسها من الضحك الهستيري، وطبعًا المذيع بشكل أقل وتقول له: لازم نسمع رأفت وشريفة.. وأكدت الست المذيعة أن هذا مطلب من أصدقاء البرنامج؛ لأن مقدم البرنامج يقوم بتقليد الفنانين أو الباعة في الشارع وكانت الصدمة هي قيامه بتقليد الفنان محمود عبدالعزيز _رأفت الهجان_ وهو يتحدث مع عفاف شعيب شقيقته شريفة، والموقف في المسلسل في غاية الإبداع وفى غاية الإنسانية وتتوفر فيه المشاعر والأحاسيس الاخوية بشكل مذهل، وهذا الموقف أبكى الملايين، أما السيد المقدم والست المذيعة فقد جعلوه مسخة ومسخرة واستظراف بتقليد طريقة محمود عبدالعزيز...!

المدهش أن السيد البلياتشو الذي يقلد البطل رأفت الهجان وعفاف شعيب ليس لديهما الوعي بكم السلبيات التي يتم ضخها من خلال البرنامج، ولكن أن يصل العبث إلى أحد الأعمال الوطنية التاريخية الرائعة والتي مجرد سماع موسيقاها أو مجرد ذكر اسم رأفت الهجان يثير فينا الفخر والوطنية والانتماء إلى تراب مصر، فإذا دل هذا التصرف على شيء فإنما يدل على الجهل وانعدام الوعي بأمر يمس روح الانتماء لتراب مصر، وإضحاك المستمع بأي وسيلة حتى لو كانت على ثوابت وطنية يجب الاحتفاء بها وترسيخها في المجتع بدلاً من السخرية منها، الغريب أن هذه النماذج يحتفي بها في الإعلام وكأن هناك مؤامرة ننسجها على تاريخنا بأيدينا بلا وعي..!!
الجريدة الرسمية