رئيس التحرير
عصام كامل

نص كلمة ولي عهد «أبو ظبي» في الذكرى الـ39 لتوحيد القوات المسلحة.. محمد بن زايد: نطمح للمساهمة في استعادة التوازن للمنطقة العربية.. نسعى لتعزيز ركائز الوطنية وأسس المواطنة.. ونجحنا في مكافحة


أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد «أبو ظبي»، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن الإمارات تطمح للمساهمة في استعادة التوازن للمنطقة العربية.


وأشار إلى أن مشاركة الإمارات في عملية "إعادة الأمل" ضمن تحالف الدفاع عن الشرعية الدستورية في اليمن الشقيق بعد أن شاركت بكفاءة قتالية مشهودة في عملية "عاصفة الحزم" وضمن الجهد الدولي للتصدي لخطر تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا، تأتي ترجمة لمبادئ سياساتنا الخارجية القائمة على ضمان الأمن والاستقرار في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وأعرب بن زايد في كلمة وجهها عبر مجلة "درع الوطن" بمناسبة الذكرى الـ39 لتوحيد القوات المسلحة، عن فخره واعتزازه بهذا الدور وما أثمره من نتائج استراتيجية مهمة تمثل إضافة نوعية وتاريخية إلى سجل أداء القوات المسلحة من ناحية وتعد ركيزة لمرحلة مقبلة في النظام الإقليمي بما وفرته من معطيات وحقائق استراتيجية جديدة على أرض الواقع من ناحية أخرى.

وقال: "إن دولة الإمارات لا تطلب دورًا سياسيًا أو موقعًا أو مركزًا، ولكنها تطمح إلى المساهمة في استعادة التوازن للمنطقة العربية عبر بوابة الأمن والاستقرار، وإننا في دولة الإمارات نسعى إلى بناء قوات مسلحة للمستقبل قادرة على مواجهـة التحـديات وردع أي جهة تحـاول المساس بأمن دولتنا وشعبها".

وأضاف بن زايد: "ننتهز هذه الفرصة لنوجه إلى المشاركين في هذا الواجب الوطني تحية تقدير وإجلال لدورهم البطولي المشرف في حماية وطننا والدفاع عن الشعوب الشقيقة وإرساء قيم العدل والحق".

وأشار إلى "أن ذكرى توحيد القوات المسلحة تحل ونحن نشهد خطوات نوعية جديدة على درب تعزيز ركائز الوطنية والمواطنة وتمكين أسس استراتيجية التمكين وثوابتها حيث صارت الخدمة الوطنية واقعًا ملموسًا نراه في مسارعة أبناء الوطن ذكورًا وإناثًا إلى تلبية النداء لتأدية الواجب الوطني إيمانًا منهم بتحمل المسئولية وبروح الانتماء إلى هذه الأرض الطيبة ويكسبهم كثيرًا من الخبرات العملية".

وفيما يلي نص كلمة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين لتوحيد القوات المسلحة..

الإخوة والأبناء حماة الوطن.. وحُرَّاسه..
تحية تقدير وإعزاز أرسلها إليكم في هذا اليوم الخالد الذي نحتفل فيه بالذكرى التاسعة والثلاثين لتوحيد قواتنا المسلحة.. تلك الذكرى التي تحظى بمكانة عزيزة لدى كل مواطن يعيش على تراب هذا الوطن الغالي وينعم بأمنه واستقراره.

وبهذه المناسبة الغالية يسعدني أن أتقدم بالتهنئة إلى سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة _ حفظه الله _ وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي _ رعاه الله _ وإخوانهما أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات وإلى جميع أبناء هذا الوطن العزيز الغالي.

كما أتوجه بهذه المناسبة التاريخية المهمة إلى كل فرد من أبناء قواتنا المسلحة الباسلة.. لأهنئ بذلكم وإخلاصكم وعطائكم وأشيد بشموخكم ونخوتكم وإيثاركم.. وأقول لكم إن الإمارات تفخر بكم وتقدر صنيعكم وتزهو بشجاعتكم وإقدامكم.

ففي مثل هذا اليوم السادس من مايو عام 1976.. اتخذ المجلس الأعلى للاتحاد برئاسة المغفور له بإذن الله تعالى الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيَّب الله ثراه _.. خطوة تاريخية عندما قرر توحيد قواتنا المسلحة سعيًا إلى دعم الكيان الاتحادي وتوحيد أركانه وتعزيز أمنه واستقراره وتقدمه وإيمانًا بالمسئولية التي تستوجب تكريس روح الاتحاد وتحقيق الاندماج الكامل لمؤسسات الدولة وتحقيقًا لتطلعات المواطنين إلى دمج القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة واحدة لتكون السياج القوي الذي يحمي الوطن ويذود عن بره وبحره وسمائه.

واليوم ونحن نحتفل بالذكرى التاسعة والثلاثين لتوحيد قواتنا المسلحة، تشارك قواتنا المسلحة في عملية "إعادة الأمل" ضمن تحالف الدفاع عن الشرعية الدستورية في اليمن الشقيق بعد أن شاركت بفاعلية عملياتية متميزة وكفاءة قتالية مشهودة في عملية "عاصفة الحزم".

كما تشارك ضمن الجهد الدولي الذي يستهدف التصدي لخطر تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا حيث نشعر بالفخر والاعتزاز للأداء المتميز لطيارينا وقواتنا في هاتين المهمتين الوطنيتين حيث كانوا على قدر التطلعات والمسؤوليات الملقاة على كواهلهم وحققوا الأهداف الاستراتيجية المتوخاة وكانوا - وسيظلون إن شاء الله - درعًا واقية لدرء المخاطر وسدًا منيعًا ضد المؤامرات والمطامع.

وإننا إذ نشعر بالفخر والاعتزاز بهذا الدور وما أثمره من نتائج استراتيجية مهمة تمثل إضافة نوعية وتاريخية إلى سجل أداء قواتنا المسلحة من ناحية وتعد ركيزة لمرحلة مقبلة في النظام الإقليمي بما وفرته من معطيات وحقائق استراتيجية جديدة على أرض الواقع من ناحية أخرى، فإننا ننتهز هذه الفرصة لنوجه إلى المشاركين في هذا الواجب الوطني تحية تقدير وإجلال لدورهم البطولي المشرف في حماية وطننا والدفاع عن الشعوب الشقيقة وإرساء قيم العدل والحق.

ونذكر بأن هذه المشاركات هي ترجمة لمبادئ سياساتنا الخارجية القائمة على ضمان الأمن والاستقرار في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وهي مبادئ مستمدة من مواثيق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي والجامعة العربية.

وترتيبًا على التحديات الاستراتيجية والأمنية البالغة الخطورة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وتهدد العديد من الدول العربية بل تطول تماسكها ووجودها ووحدتها الترابية وسيادتها على أراضيها، فإننا نستشعر مسئولية قومية بالغة لدولة الإمارات العربية المتحدة وقواتها المسلحة تجاه هذه الظروف والمعطيات القائمة وما يتعلق منها بأمن الأشقاء العرب.

ونرى أن تقديم الدعم والعون على صعيد حفظ أمن الشعوب العربية واستقرارها يمثل ترجمة لنهج ثابت وراسخ لدينا فدولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة _ حفظه الله _ ستبقى دائمًا سندًا للأشقاء ولن تبخل بأي دعم يسهم في بسط الأمن والاستقرار ومساعدة الشعوب العربية على تجاوز ما تمر به من محن وما تتعرض له من مؤامرات وتدخلات خارجية، مما تسبب ذلك في تدمير مقدرات هذه الشعوب ونشر الفوضى والاضطراب في أرجاء الكثير من الدول العربية.. إيمانًا منا بوحدة المصير العربي وتحقيقًا للغايات والمبادئ التي تأسست عليها دولة الإمارات العربية المتحدة.

إن دولة الإمارات العربية المتحدة وفي ظل سعيها ودعمها للدول الشقيقة لا تطلب دورًا سياسيًا أو موقعًا أو مركزًا ولكنها تطمح إلى المساهمة في استعادة التوازن للمنطقة العربية عبر بوابة الأمن والاستقرار، فما يجري في عالمنا العربي من عنف وفوضى وتخريب سعره باهض على شعوب المنطقة وتنميتها وعلينا دعم استقرار منطقتنا وحفظ أمنها وإعادة عافيتها.

وتحل ذكرى توحيد قواتنا المسلحة أيضًا ونحن نشهد خطوات نوعية جديدة على درب تعزيز ركائز الوطنية والمواطنة وتمتين أسس استراتيجية التمكين وثوابتها حيث صارت الخدمة الوطنية واقعًا ملموسًا نراه في مسارعة أبناء الوطن ذكورًا وإناثًا إلى تلبية النداء لتأدية الواجب الوطني إيمانًا منهم بتحمل المسئولية وبروح الانتماء إلى هذه الأرض الطيبة ويكسبهم كثيرًا من الخبرات العملية وهو ما يؤهلهم كي يكونوا رافدًا مهمًا وشريانًا حيويًا يمد قواتنا المسلحة بما تحتاج إليه من قدرات بشرية شابة على استعداد لأن تبذل الجهد وتضحي بالغالـي والنفيس من أجـل حماية هذا الوطن والحفاظ على مكتسباته التنموية.

لقد أثبت أبناؤنا أنهم على أتم الاستعداد لأداء الواجب الوطني فلم يترددوا لحظة واحدة في الانضمام إلى الخدمة الوطنية التي هي واجب على كل مواطن أن يؤديه وحق عليه أن يوفيه ولاء وانتماء إلى القيادة والوطن.

ولقد ضرب شبابنا أروع الأمثلة في تأكيد جاهزيتهم وتسابقهم إلى أداء هذا الواجب الوطني والوفاء بهذا الحق حيث أبوا بكل همة إلا أن يبرهنوا على وطنيتهم وولائهم وانتمائهم إلى بلدهم وأرضهم حتى رأينا معسكرات الخدمة الوطنية تفيض بشباب الوطن وكلهم عزيمة لا تلين وإصرار لا ينازعه الفتور على أن يرفعوا راية دولة الإمارات العربية المتحدة عالية خفاقة.

الإخوة والأخوات منتسبي قواتنا المسلحة..
إنكم تؤدون دورًا مهمًا في تقدم دولة الإمارات العربية المتحدة وتحقيق نهضتها ورفعتها عبر الدفاع عن إنجازاتها ومكتسباتها وحماية أمنها واستقرارها وردع كل من تسول له نفسه أن يفكر فيها بسوء وتوفير البيئة الآمنة الهادئة الصالحة للعمل والفكر والإبداع، خاصة في هذه المرحلة التي نواجه فيها تحديات أمنية ضخمة تنبع من تصاعد ظاهرة الإرهاب وجماعات التطرف والعنف التي باتت توجد في بعض الدول وتحاول التسلل إلى بعضها الآخر لفرض مفاهيمها المنغلقة وأفكارها المتشددة.

وانطلاقًا من رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها الرشيدة الساعية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وضمان تطلعات الشعوب إلى العيش الآمن والمساعدة على إحلال السلام ومواجهة الكوارث الإنسانية.

فقد شاركت قواتنا المسلحة في مهام خارجية عديدة تضمنت المشاركة في قوات حفظ السلام في مناطق الأزمات الدولية وأداء مهام إنسانية في الدول التي تتعرض لكوارث طبيعية خلال فترات مضت وهاهي تشارك الآن بفاعلية قتالية تبعث على الفخر والاعتزاز بقدرات مواطنينا في القوات المسلحة في مهام أخرى تستهدف مكافحة جماعات الإرهاب وتنظيماته والدفاع عن الشرعية الدستورية القائمة في بعض الدول العربية.

الأمر الذي يعكس أحد أهداف سياستنا الخارجية ويتمثل في الدفاع عن الأمن والاستقرار ووحدة الدول وسيادتها وحق الشعوب في الحياة الآمنة الكريمة وضمان أبسط حقوقها الإنسانية التي انتهكت على أيدي تنظيمات وميليشيات العنف وسفك الدماء.

ونجحت دولة الإمارات العربية المتحدة بالفعل في أداء دور فعال في مكافحة ظاهرة الإرهاب وجماعات العنف والتطرف سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي.

فقد بلورت الدولة استراتيجية شاملة لمواجهة هذه الظاهرة تقوم على التصدي للتنظيمات المتطرفة والأعمال الإرهابية بأشكالها وأنواعها كافة وتعزيز المجابهة الفكرية والثقافية عبر تدعيم قيم الوسطية والتعايش والتسامح والانفتاح والحوار بين الثقافات والأديان والحضارات وطرح مبادرات عالمية مهمة من أجل القضاء على قوى التطرف والتعصب وتقديم الدعم اللازم للتصدي لها وذلك كله في إطار التعاون والتنسـيق مع المجتمع الدولـي لتحقيق السلم والأمن والاستقرار إقليميًا ودوليًا.

كما تؤدي قواتنا المسلحة دورًا رئيسيًا في هذه الاستراتيجية من خلال الدعم والمساعدات التي تقدمها إلى الدول والأطراف التي تعمل على مواجهة ظاهرة الإرهاب وجماعات العنف والتطرف.

الإخوة والأخوات الضباط وضباط الصف والجنود..
إنكم من خلال دوركم في حماية الوطن والدفاع عن ترابه ووحدة أراضيه تسهمون في مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة نحو تحقيق التنمية المستدامة.

فأنتم الدرع التي تحمي هذه المسيرة وتدافع عن مكتسباتها ومنجزاتها وتتصدى لكل من يفكر في النيل منها.. كما أن خطط التحديث المستمرة التي تنفذها قواتنا المسلحة تسهم في دفع هذه المسيرة أيضًا إذ تساعد هذه الخطط على تشجيع الصناعات الدفاعية الوطنية من أجل تصنيع أحدث المنظومات التسليحية وأفضل المعدات القتالية التي تواكب آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في العالم.

وفي هذا المجال أؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمضي بخطى واثقة في مجال الصناعات الدفاعية، فقد نجحت في تثبيت دعائم صناعتها الوطنية المتطورة في هذا المجال على الخريطة العالمية وفي إكسابها قدرات تنافسية متنامية مع كبرى شركات التصنيع الدفاعي في العالم.

وقد شهدت المنتجات الصناعية الوطنية تطورًا مشهودًا أثار اهتمام العالم وإعجابه خاصة في ظل ما حققته من تقدم كبير أهلها لأن تضاهي مثيلاتها في كثير من الدول العريقة المصنعة للسلاح وأن تكتسب شهرة دولية وثقة عالمية متنامية وقدرة تنافسية عالية استطاعت من خلالها اقتحام الأسواق العالمية إضافة إلى فتح العديد من الأسواق الجديدة في مختلف دول العالم أيضًا.

إن تطوير الصناعات الدفاعية يسهم من دون شك في تحقيق التنمية المستدامة من خلال بناء قاعدة صناعية متنامية ترفد الاقتصاد الوطني بكثير من فرص التنويع في مجالات الدخل عبر تصدير منتجات هذه الصناعات إلى أسواق عربية وخليجية وعالمية وإتاحة الفرصة لدخول المواطنين إلى ميادين هذه الصناعات الدقيقة ما يمنحهم القدرة على الابتكار واستيعاب التكنولوجيا، ومن ثم إنتاج المعرفة باتجاه الاعتماد على اقتصاد المعرفة، فضلاً عما يمثله إنتاج هذه الصناعات من أهمية فيما يتعلق باستقلالية القرار السياسي والتخطيط الاستراتيجي للدول.

إخوتي وأخواتي.. لقد نجح اتحادنا في أن يضع دولتنا في مصاف الدول القوية وعندما نتكلم عن القوة.. فإننا نقصد القوة بمفهومها الشامل الذي لا يقتصر على القوة العسكرية فقط وإنما يتضمن القوى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والإبداعية أيضًا فضلاً عن قوة النموذج الملهم في التجربة التنموية لدولتنا فالقوة أمر أساسي لابد للدول والأمم التي تسعى إلى التقدم من امتلاكه وهي تحمي مسيرة التنمية والازدهار.

وقد قطعت دولة الإمارات العربية المتحدة شوطًا كبيرًا في تحقيق القوة بهذا المفهوم الشامل فعلى المستوى السياسي تعد من القوى الفاعلة والمؤثرة سواء على مستوى المنطقة أو الإقليم أو العالم.

وعلى المستوى الاقتصادي تملك الدولة اقتصادًا قويًا يمكنها من مواجهة الصدمات والأزمات الاقتصادية ويساعدها على تحقيق نهضتها التنموية.

وعلى المستوى الاجتماعي تمكنت من إيجاد مجتمع متماسك يسوده الولاء والانتماء إلى بلاده واتحادها.

وعلى المستوى الثقافي أصبحت الدولة واجهة للمثقفين والمفكرين بمهرجاناتها ومؤتمراتها الفكرية والأدبية والبحثية والفنية.

وعلى المستوى العسكري.. فإننا نملك جيشًا قويًا حديثًا قادرًا على حماية الوطن والذود عن أراضيه كما نملك نموذجًا تنمويًا ملهمًا للدول الساعية إلى الحداثة وتوظيف مواردها المادية والبشرية بالشكل الأمثل.

وانطلاقًا من إيماننا بأن القوة العسكرية تعد عنصرًا رئيسيًا من عناصر القوة الشاملة وأنها الدرع التي تحمي منجزاتنا ومكتسباتنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ومسيرتنا التنموية الرائدة، فإننا نسعى إلى بناء قوات مسلحة للمستقبل قادرة على مواجهـة التحـديات وردع أي جهة تحـاول المساس بأمن دولتنا وشعبها.

وترتكز جهود تحديث قواتنا المسلحة على رؤية استراتيجية شاملة تأخذ في اعتبارها المتغيرات الإقليمية والدولية وتقوم على ثلاثة عناصر رئيسية..

العنصر الأول هو الكوادر البشرية المواطنة المؤهلة وهو العامل الأهم في استراتيجية تطوير قواتنا المسلحة فمن دون كادر بشري مدرب وقادر على استخدام السلاح بكفاء.

لن تكون لأي معدة عسكرية أهمية وتبذل دولة الإمارات العربية المتحدة كل ما لديها من جهد من أجل إعداد عناصر بشرية مؤهلة لتحمل مسئولياتها بكفاءة واقتدار، وذلك من خلال توفير أفضل برامج التدريب العسكري وأحدثها للقوات المسلحة ودعم الكليات والمعاهد العسكرية وتزويدها بالإمكانات والعلوم العسكرية كافة التي تسمح بأن يتلقى الطالب العسكري مختلف العلوم العسكرية الضرورية التي تؤهله لأن يكون قادرًا على استيعاب ما يوكل إليه مستقبلاً من مهام، ولا شك في أن تطبيق الخدمة الوطنية يسهم في رفد قواتنا المسلحة بطاقات جديدة شابة قادرة على تحمل المسئولية.

والعنصر الثاني هو تجهيز قواتنا المسلحة بأحـدث الأنظمـة والمعدات العسكرية ومواكبة التقدم الحاصل في برامج التسلح، وتبذل دولة الإمارات العربية المتحدة جهدها من أجل الحصول على أحدث الأسلحة وأكثرها تقدمًا وتقنية سواء من السوق الخارجي أو من شركاتنا الدفاعية.

أما العنصر الثالث فهو الابتكار والتجديد في أساليب التسلح والتدريب فالابتكار عنصر أساسي يسمح بالتطلع إلى الأحدث والأفضل دائمًا ومن دون التجديد يظل المرء أو المؤسسة في مكانه من دون أن يحقق أي تقدم ويحتاج الابتكار والتجديد في قواتنا المسلحة إلى قاعدة علمية تكنولوجية تعمل على تطوير منظومات التسلح والمعدات العسكرية وترفع من مستوى التدريب وأساليبه.

كما أن التدريبات العسكرية المشتركة التي تجريها قواتنا المسلحة مع قوات الدول الشقيقة والصديقة تعد هي الأخرى عنصر دعم إضافي لخبرات قواتنا وكفاءتها العملياتية وجاهزيتها القتالية.

وفي الختام نؤكد أن سعينا إلى تطوير قواتنا المسلحة وتقويتها إنما يستهدف بالدرجة الأولى الدفاع عن وطننا وعن وحدة أراضيه وعن مسيرتنا الاتحادية ضد أي معتدي أو خطر أو تهديد خارجي.. كما يستهدف الدفاع عن مكتسبات تجربتنا التنموية وحقنا في التقدم والتطور وحماية منجزاتنا والوقوف ضد كل من يفكر في المساس بها والتعاون مع المجتمع الدولي على إيجاد عالم آمن مستقر يسوده الأمن والسلام والاستقرار.

كما نؤكد أن طبيعة التحديات والأخطار والتهديدات الاستراتيجية في المرحلة التاريخية الراهنة تتطلب من قواتنا المسلحة البقاء على درجة عالية من اليقظة والجاهزية والاستعداد الدائم للدفاع عن المكتسبات الوطنية والقومية وحمايتها، وردع كل من يضمر الشر لدولتنا الحبيبة والأشقاء في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمنطقة العربية ودولها وشعوبها والتصدي لفكر الإرهاب وتنظيماته كافة أينما كانت وحل خطرها في دولنا ومنطقتنا العربية وكذلك مواجهة أي مخططات تآمرية تسعى إلى تحقيق مآرب وأطماع توسعية على حساب الدول العربية ومقدرات شعوبها التاريخية والدينية وثرواتها الوطنية.

ونشدد على أن التطورات الإقليمية الراهنة وما أفرزته من واقع استراتيجي متغير يموج بتحديات جسام تفرض على قواتنا المسلحة المبادرة إلى تعزيز قدراتها العملياتية والتسليحية والتدريبية والخططية ودعم جاهزية قدراتنا البشرية المواطنة التي تثبت يوًما بعد آخر عمق ولائها للقيادة الحكيمة وانتمائها إلى الوطن الغالي، وبالقدر نفسه تؤكد كفاءتها القتالية وتميزها النوعي من خلال تنفيذ ما يسند إليها من مهام وطنية بإخلاص وتفان.

كل عام وبيتنا متوحد ووطننا الغالي ينعم بالأمن والاستقرار والرخاء وقواتنا المسلحة في تطور وتقدم.
الجريدة الرسمية