الاقتصاد والاستثمار في عهد السيسي.. الخسائر مستمرة في «الأعمال العام».. 94% لـ«النقل المباشر» و4 مليارات للغزل والنسيج.. «الحديد والصلب» يستغيث.. ثقوب بـ«الاستثمار ا
مر عام من حكم السيسي على قطاع الأعمال العام، وكأن شيئا لم يكن، فعلى الرغم من الوعود والتصريحات الوردية التي أطلقتها وزارة الاستثمار حول الاتجاه نحو تطوير وإعادة هيكلة القطاع، إلا أن نزيف الخسائر ما زال مستمرا، وكانت آخر الشواهد على حالة التردي التي وصل لها القطاع هي الخسائر التي حققتها شركة النقل المباشر، إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للنقل البحري والبري، التي تجاوزت 94%.
واستمر الوضع على ما هو عليه سواء في شركات الغزل والنسيج التي تعد أكثر الشركات احتياجا للهيكلة، أو في الشركات الأخرى التي تواجه بعض شركاتها التابعة شبح الإفلاس والتصفية، فنجد أن شركة مثل القابضة للغزل والنسيج عليها مديونيات تصل إلى 4 مليارات جنيه.
العمال محبطون
وظل الوضع كما هو عليه بالنسبة للشركات العائدة التي لا ترغب الشركات القابضة في تنفيذ الأحكام الخاصة بعودتها، التي تقتضي إعادتها للإنتاج مرة أخرى، ومن ثم تشغيل العمال، الأمر الذي أصاب العمال في تلك الشركات بحالة من الإحباط الشديد، جراء استمرار الإهمال لهم ولقضاياهم ومستقبلهم.
واستمر الفساد في عدد من الشركات على مسمع ومرأى من الجميع، وظل القطاع خلال العام محلك سر.
ثورة العمال
وعلى الرغم من الدور الذي لعبه العمال في إسقاط حكومة الدكتور حازم الببلاوي، بعدما تصاعد حجم احتجاجاتهم، وعلى رأسها إضراب عمال الحديد والصلب الذي استمر لعدة أيام؛ للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور وتوفير الخامات للشركة من أجل التشغيل الكامل للمصانع، بجانب إضراب عمال شركات الغزل والنسيج ومن بينها شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة، وشركة كفر الدوار للغزل وحلوان، وغيرها من الشركات، إلا أن حكومة محلب لم تفهم الدرس ولم تتعلم منه.
"الاستثمار الموحد" محلك سر
وعلى الجانب الآخر، احتل قانون الاستثمار الموحد مساحة كبيرة على خارطة الأحداث المهمة خلال العام الماضي، فتارة نسمع عن تعديلات، وتارة نسمع عن إصدار قانون جديد للاستثمار الموحد لجذب الاستثمارات وتشجيعها، حتى انتهى الأمر بالاكتفاء بتعديل عدد من مواد القانون، وها نحن مازلنا في انتظار لائحته التنفيذية حتى الآن.
وعلى الرغم من المزايا التي لا تعد ولا تحصى لقانون الاستثمار الموحد، وفقا لتصريحات الحكومة، وبعد إجراء التعديلات عليه وقدرته غير المحدودة على جذب الاستثمار الخارجي وتشجيع الاستثمار الداخلي، إلا أن الانتقادات بدأت تظهر مؤخرا واحدة تلو الأخرى على الساحة، لدرجة طالب فيها البعض بضرورة إلغائه فورا، والرجوع للقانون الأصلي رقم 8 لسنة 1997، مؤكدين أن التعديلات تعمل لصالح المستوردين فقط وتهدد المصانع التي تعتمد على الأسواق المحلية، وفي الوقت نفسه يساعد القانون بعد تعديله على منح الأراضي بدون مقابل ولا ضوابط، كما ألغى الكثير من اختصاصات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة وقلص صلاحيات رئيس الهيئة، وهو ما يعمل على مركزية القرار في يد وزير الاستثمار.
ومن ناحيتهم، أكد المستثمرون بالمناطق الحرة أن التعديلات التي أجريت على القانون كانت في غفلة منهم، وأقرت دون العرض على الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، ولم يعلموا عنها أي شيء إلا بعد إقرارها من قبل رئيس الجمهورية.
نقاط مضيئة
ووسط تلك السلبيات جاءت بعض الأمور الإيجابية مثل قرار شركة بريتش بتروليوم العالمية، معاودة عملها في أكبر مشروعاتها في مصر، بعد توقف دام ثلاث سنوات، وضخ مزيد من الاستثمارات الإضافية في مجال الغاز تقدر بنحو 10 مليارات دولار خلال 5 سنوات.
وافتتاح شركة لوريال الفرنسية لمستحضرات التجميل مصنعها بمدينة العاشر من رمضان الصناعية، الذي يعد الأول من نوعه لشركة "لوريال" في الشرق الأوسط، بالإضافة لتوقيع 3 مذكرات تفاھم بين الهيئة العامة للاستثمار والمنطقة الحرة بعجمان، ومؤسسة دبي لتنمية الصادرات، والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار.
وبلغ إجمالي عدد الشركات الجديدة التي أسسها القطاع الخاص المصري والعربي والأجنبي خلال تلك الفترة نحو 5701 شركة، وبلغت إجمالي رءوس الأموال المصدرة للشركات الجديدة التي تم تأسيسها نحو 10 مليارات و600 مليون جنيه، تحديدا في الفترة من يوليو 2014 إلى فبراير 2015.
كما احتلت مصر المركز الثاني عالميا، من حيث ارتفاع معدل العائد على الاستثمار.
فض المنازعات
وتم عرض 688 منازعة على لجنة فض المنازعات، تم حل 480 منازعة منها، كما تم الانتهاء بعد ذلك من حل نحو 260 مشكلة من نحو 350 مشكلة، وتأسيس شركة «جسور» وهي شركة استشارية مالية سعودية، برأسمال 3 مليارات جنيه؛ للمساھمة في استثمارات مشروع تنمية محور قناة السويس.
مشروعات واعدة
وتضمن ملف المشروعات القومية خلال العام الماضي، عددا من المشروعات في مقدمتها مشروع محور قناة السويس، وعدد من المشروعات الأخرى مثل إنشاء أول مدينة تجارية عالمية في مصر تضم نحو 8 أحياء أساسية، مصممة على الطراز العالمي لتداول السلع بها، بقيمة استثمارية تصل إلى نحو 40 مليار جنيه، وإنشاء مركز عالمي للغلال في مصر ومشروع المنطقة الاستثمارية حول المطار.
ونجحت شهادات استثمار قناة السويس الجديدة، في تعزيز مؤشر ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.
تجاهل تنمية الموارد البشرية
ومن جانبه قال عبد الغفار مغاوري، المحامي المهتم بقضايا عودة قطاع الأعمال للدولة، إن العام الماضي هو الأسوأ على الإطلاق بالنسبة لقطاع الأعمال العام، إذ أن حكومة محلب زادته دمارا فوق دماره، مؤكدا أن وزارة الاستثمار لم تنتهج خلال هذه الفترة، خططا تستهدف التنمية الحقيقية، واكتفت بطرح مشروعات عقارية وسياسية لا تخدم الأيدي العاملة الحقيقية، وتجاهلت مشروعات الصناعات المشتركة، كما تجاهلت تنمية الموارد البشرية.
توقف المصانع
وأكد أن عدم خروج العمال في احتجاجات ليس دليلا على رضائهم على الأوضاع الحالية، إذ أن إحجامهم عن ذلك لا يعكس سوى حفاظهم على استقرار الدولة في الوقت الحالي، التي ترفع فيه شعار محاربة الإرهاب، لافتا إلى أن استمرار الحكومة على هذا النهج سينقص من شعبية الرئيس الحالي، منوها إلى أن العديد من المصانع توقفت، وتحولت السوق المصرية لمستهلك وموزع للصناعات الأوربية والصينية.
مصالح شخصية
وتابع مغاوري، أن الحكومة خلال هذه الفترة تعمدت إلهاء الشعب بالإرهاب الذي يهدد الوطن بشكل مبالغ فيه؛ للتغطية على الفساد، مطالبا بضرورة سحب قطاع الأعمال العام من وزارة الاستثمار، وعزل رؤساء الشركات الحاليين للشركات القابضة، والشركات التابعة، ومن ثم إنشاء هيئة مستقلة بالمشاركة مع وزارة الإنتاج الحربي؛ لإسناد القطاع لها، مؤكدا أن إدارات الشركات القابضة وعلى رأسها شركتا النصر للسيارات وسيمو للورق ترفض الاستثمارات الجديدة التي تستهدف إعادة هيكلة القطاع بعد المؤتمر الاقتصادي؛ لأنهم يريدون استمرار الشركات على الأوضاع الحالية لمصالحهم الشخصية.
ضرب السوق في مقتل
وكشف الدكتور محمد يوسف، مستشار التحكيم الدولي، مدير منفذ المنطقة الحرة العامة، أنه منذ اعتماد التعديلات الأخيرة لقانون الاستثمار الموحد رقم "8" لسنة 1997، خلال العام الماضي، أثار ضجة كبيرة في مجتمع الأعمال، لاعتبارهم تلك التعديلات - وفي مقدمتها التعديلات التي أجريت على المادة "32" - بمثابة ضرب السوق المحلية في مقتل، وإغلاق الباب أمام الاعتماد عليه، مقابل تشجيع الاستيراد من خارج البلاد.
وتابع يوسف: أن قانون الاستثمار بعد التعديلات الأخيرة سيساهم في غلق المصانع بالمناطق الحرة، الأمر الذي يعتبر بمثابة الحرب على الاقتصاد المصري.