رئيس التحرير
عصام كامل

احتجاجات بالتيمور تكشف ازدواجية المبادئ الأمريكية.. التفرقة السياسية للحكومة تشعل تاريخ الفصل العنصري.. الديمقراطيون يواجهون فشلا محتملا في الانتخابات المقبلة.. والبرامج الاجتماعية والتعليمية «ال


تتبني الولايات المتحدة الأمريكية سياسة الشعارات للحفاظ على القيم والمبادئ الأمريكية التي تفتخر بها دائما، ولكن الحكومات الأمريكية تجعلها مجرد شعارات وتختلف تماما عما يجري على أرض الواقع.


سياسة التفرقة
ونتيجة لسياسة التفرقة التي تتبعها الحكومة الأمريكية في أماكن مثل فيرجسون وميزوري وبالتيمور، اندلعت الاحتجاجات العنيفة بعد مقتل رجل أسود على يد الشرطة.

ويوضح الكاتب ريتشارد روثستاين، في تقريره بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن تزايد الغضب من الشباب الأسود الأمريكي ما هو إلا رد على وحشية الشرطة، ولعلاج هذه المشكلة لا يمكن في تحسن نوعية الشرطة وإنما في معالجة المشاكل السياسية.

إصلاح التعليم
ويري ريتشارد وهو باحث في معهد السياسات الاقتصادية، أن سد الفجوة التي بين الأمريكيين أصحاب البشرة البيضاء وأصحاب البشرة السمراء يبدأ من التعليم.

وأشار ريتشارد الأستاذ بكلية الحقوق في جامعة كاليفورنيا، إلى تقسيم بالتيمور منذ عام 1910 إلى كتل سكنية للبيض والسود وخلق التمييز بين الإثنين، بوضع الأمريكيين السود في الكتلة السكنية الفقيرة لحماية العقارات للمواطنين الأمريكيين البيض، ومن هنا بدأ عزل سكان بالتيمور السود.

إحباط الأمريكيين السود
ولفت ريتشارد إلى أن مشاركة الشباب السود في احتجاجات عنيفة يعكس حالة من الإحباط بسبب حرمانهم من فرصة المشاركة في المجتمع الأمريكي الذي بدأ معهم عندما كانوا أطفالا في المدارس ووضعهم في مدارس منفصلة للفقراء وكان آباؤهم أقل تعليما وفقدوا أعمالهم وبات العديد من الأسر بلا مأوي والكثير من الأطفال لم يجدوا العلاج.

البطالة
وأوضح ريتشارد أن 64% من سكان بالتيمور من أصحاب البشرة السوداء، في حين أن أصحاب البشرة البيضاء 23% فقط، مشيرا إلى أن ضواحي المواطنين السود منفصلة تماما عن ضواحي الأمريكيين البيض.

وأكد أن 80 % من سكان بالتيمور حصلوا على التعليم الثانوي أو شهادة معادلة للثانوي، و20 % من الكليات، ومعدل البطالة فيها 18% للسود بينما البيض 7% فقط.

ومن غير المعقول أن الأطفال الذين يواجهون عيوبا مثل تلك الموجودة في مدينة بالتيمور يمكن أن يكونوا في متوسط الإنجازات للأطفال من أحياء الضواحي البيضاء في بالتيمور.

تاريخ الفصل العنصري
وأضاف ريتشارد: أنه في عام 1968 حدثت مئات من أعمال الشغب في أحياء السود وجعلوا منطقة البيض منفصلة عن منطقة السود، ما تسبب في فقر الأحياء التي يسكنها الزنوج اليهود، وعلي مدي السنوات الـ50 الماضية أصبح الفارق بين المجتمعين كبيرا للغاية.

وسمح للطبقة الوسطي من السود الاندماج نسبيًا مع التيار الأمريكي الأبيض عما كانت عليه في عام 1968، ولكن بعد قتل الشرطة لمايكل براون في فيرجسون بولاية ميزوري في أغسطس الماضي وقتل فريدي جراي يوم 12 أبريل الماضي تم إحياء تاريخ الفصل العنصري الذي ترعاه الدولة والتي مهدت الطريق للعداء بين الشرطة والمجتمع.

القضاء على الفقر
وفي ذات السياق، أشارت صحيفة ذا هيل الأمريكية إلى أن الديمقراطيين يرون أن أحداث العنف الأخيرة في بالتيمور نتيجة لندرة البرامج الحكومية التي تهدف إلى القضاء على الفقر، ودعت الحكومة إلى الالتزام بشكل أكبر بدعم التعليم، وتدريب القوى العاملة، وتقديم برامج وظائف صيفية وغيرها من المبادرات الرامية إلى مكافحة البطالة.

وأكد عمدة برمنجهام وليام بيل، أن قضية الفقر تتخطى القضية العرقية، وإنها ليست قضية أمريكيين من أصل أفريقى بل إنها قضية أمريكية.

الجمهوريون
ويرفض الجمهوريون فكرة زيادة الإنفاق الحكومى، وتهدف إلى القضاء على العجز في الإنفاق على مدى عشر سنوات بـ 5.3 تريليونات دولار على مراحل لصالح البرامج الاجتماعية والتعليمية الذي يريد أن يعزز من شأنها الديمقراطيون.

وحذر رئيس مجلس النواب جون بوينر من أن العديد من تلك البرامج تخلق نوعا من "الاعتماد" على الحكومة وهو ما يجعل الأمور أكثر سوءا.

وقال: "حكومتنا تنفق مئات المليارات من الدولارات سنويا على برامج حسنة النية تهدف إلى مساعدة الناس على الخروج من الفقر وكنا نفعل هذا منذ عقود ولكن مما رأيناه في جميع أنحاء البلاد، فمن الواضح أن هذا النهج غير فعال".
الجريدة الرسمية