رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا زار السيسي السعودية؟


لا يكفي لتفسير الزيارة الخاطفة التي قام بها دون إعلان مسبق الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنها جاءت بعد التغيرات السياسية التي شهدها البيت الملكي السعودي مؤخرا، وذلك من أجل الاستكشاف عن قرب لتوجهات السياسة الخارجية السعودية.. فهذه السياسة يصنعها خادم الحرمين شخصيا ولا يرسمها وزير الخارجية، فضلا عن أن ولي العهد الجديد وولي ولي العهد الجديد أيضا كان كل منهما مشاركا في الحكم من قبل، وإن كان اللقاء مع القادة في السعودية بعد هذه التغييرات سيكون مفيدا بالطبع.


لكن إذا تذكرنا ما شهدته المنطقة مؤخرا قد يفسر لنا ذلك أسباب زيارة الرئيس السيسي للرياض.. فإن هذه الزيارة تأتي قبل القمة المنتظرة التي دعا إليها الرئيس الأمريكي باراك أوباما قادة دول الخليج في كامب ديفيد منتصف هذا الشهر والتي سيناقش فيها مؤكدا تأمين الأمن القومي العربي بصفة عامة والخليجي بصفة خاصة في مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة، وتحديدا بعد التوصل إلى اتفاق بين مجموعة الخمسة زائد واحد مع إيران بخصوص ملفها النووي.. وهنا تعد الزيارة تأكيدا مصريا مجددا على دعم الأشقاء في الخليج ليضع ذلك أوباما في اعتباره خلال قمته مع قادتهم في كامب ديفيد.

وفي ذات الوقت فإن زيارة السيسي الجديدة الخاطفة للرياض تأتي بعد التطورات الجارية الآن في اليمن والمتمثلة في استمرار تعنت ورفض الحوثيين العودة إلى مائدة المفاوضات مجددا بحثا عن حل سلمي للأزمة اليمنية واستمرارهم في محاولات السيطرة على مواقع جديدة داخل اليمن خاصة عدن وعدم امتثالهم لقرار مجلس الأمن بتشجيع من إيران، وهو ما دفع بعض اليمنيين للمطالبة بضرورة توسيع نطاق العمل العسكري للتحالف العربي في اليمن ليتجاوز الغارات الجوية التي لم تتوقف بعد إنهاء عاصفة الحزم والحصار البحري المستمر للآن على الشواطئ اليمنية ليشمل تدخلا بريا أيضا، وهو ما يحذر منه كثيرون من المشاركين في التحالف العربي حتى لا يتحول هذا التدخل البري إلى تورط في مستنقع يستنزف الأطراف المشاركة فيه بما فيها المملكة العربية السعودية ذاتها.

ويا ليت الأمر اقتصر على ذلك فقط فإن هناك تطورا سلبيا مزدوجا بخصوص الأزمة اليمنية.. من جانب محاولات حوثية للاشتباك بريا على الحدود مع القوات السعودية، وهذا أمر لا تقبله بالطبع مصر ولا تستطيع السكوت عليه، وسبق أن اتفقت مصر مع السعودية خلال زيارة وزير الدفاع السعودي للقاهرة على إجراء مناورات عسكرية مشتركة مصرية سعودية في أراضي المملكة.. وهذا أمر يستحق بحثه مباشرة بين السيسي وسلمان.

ومن جانب آخر فإن ثمة محاولات ليست إيرانية فقط وإنما أمريكية أيضا لتدويل حل الأزمة اليمنية، أي استبعاد الحل العربي لها والذي سبق أن عرضته دول الخليج والذي يلقي دعما مصريا من خلال الجهود التي بذلتها مع أطراف يمنية مؤخرا.. وهذا أمر يقتضي تنسيقا على أعلى مستوى بين مصر والسعودية، حتى لا يفرض حلا غير عربي، حتى ولو كان أمريكيا، في اليمن علينا، لأن ذلك سوف يفتح الباب لدور إيراني غير مرغوب فيه عربيا.
الجريدة الرسمية