لهذه الأسباب ندافع عن إبراهيم عيسى!
لأن الأعصاب مشدودة طوال الأربعة أعوام الماضية في ظل منعطفات خطيرة مرت بها مصر لذا فإن رد الفعل العصبي على كل قرار أو خطوة بات أمرا غالبا على كل ردود أفعال أي فصيل أو تيار..لا تختلف النخبة عن غيرها..الكل في الانفعال سواء..وعند إبراهيم عيسى نتوقف قليلا بعد الغضب العارم من أنصار الرئيس السيسي ضده رغم أنهم جمهوره الأساسي ومجاله الحيوي والمستقبل الأول خطاب عيسى ورسائله في أغلب قضاياه..والغضب محله الهجوم الذي تعرض له الرئيس السيسي على غير المتوقع في حلقات عيسى الأخيرة..وعلينا هنا بعض الملاحظات التالية ونبدأ فيها من حيث الشكل:
-انتقاد إبراهيم عيسى للسيسي يتم على أرضية مؤيدة وداعمة وليس على أرضية معادية ومختلفة !
-انفعال عيسى هدفه الحشد في اتجاه اتخاذ السيسي خطوات حاسمة ضد الفشلة في حكومته وإدارته وكل من يتسببون في شل أو تعويق خطواته نحو انطلاق مصر وتعويضها ما فاتها في سنوات الارتباك الكبير!
-انفعال عيسى ينفي أن هناك جوقة في الإعلام تعزف لحنا واحدا كما يردد الإخوان دائما !
-انفعال عيسى على السيسي يبرئ السيسي وإدارته من المسئولية عن أي هجوم من عيسى عن حكام آخرين! بل هو نفسه يتعرض للهجوم منهم!
-انفعال عيسى يعطي المبرر للسيسي ويمهد له الطريق شعبيا لاتخاذ إجراءات حاسمة وقاسية ضد كل من يعرقل خطواته أو يتسبب في إفساد علاقته بالجماهير وقد تعتبر حلقات عيسى تمهيد " مدفعية " بلغة العسكريين!
أما عن الملاحظات على مضمون حلقات عيسى الأخيرة نقول:
-عبارات مهمة وخطيرة جدا لم يلتفت لها الكثيرون وردت وتكررت في خطاب السيسي ربما لا تختلف كثيرا عما يقوله عيسى مثل قول السيسي: " مؤسسات كثيرة في الدولة تفتقد للتعاون "!! وكذلك قول السيسي: " نعاني حروب الجيل الرابع بكل ما فيها من شراسة "! فما المؤسسات التي لا تتعاون مع بعضها ؟ وإن كان رئيس الجمهورية يشكو من حروب الجيل الرابع فما فائدة كل الإعلام الوطني والصديق من الإعلام الخاص إذن ؟
-ماذا يعني أن يطلب السيسي من الأزهر تجديد الخطاب الديني ولا يتم شيء ثم يستقبل أسامة الأزهري ويفوضه بالمهمة ؟ وماذا يعني أن يذيع إبراهيم عيسى بالصوت والصورة ما يثبت وجود الإخوان في الأزهر ولم يغادر واحد منهم موقعه ؟ وماذا يعني أن يثبت عيسى تهرب عضو بهيئة كبار العلماء من مراقبة أجهزة الدولة على جمعيته الشهيرة ولم يحاسب حتى الآن ولم يتم التحقيق من أي جهة في جريمة ثابتة بالصوت والصورة ؟ لو كنتم مكان عيسى كيف كنتم ستتصرفون ؟ وما حجم سيطرتكم على أعصابكم ؟ خصوصا أن حربه على الإخوان الإرهاب بالأدلة ويقدم حلولا لما يطرحه من مشاكل دون الاستجابة لشيء واحد طوال شهور طويلة ؟!
الأهم: ليس معقولا أن تقبل أحدهم بشكل مطلق أو ترفضه بشكل مطلق..أنت مثلا ترفض عيسى في معركة لكنك تحتاجه وتحتاج عشرات مثله في معارك أخرى..تحتاجه في معركة الحرية والديمقراطية والتنوير وتجديد الخطاب الديني والإبداع وكذلك المعركة ضد الإرهاب وتحتاج خربشته أحيانا في قضايا إقليمية..ولذلك كل اللوم على أنصار السيسي الذين يذبحون مقاتليهم بغير تدبر وبغير تمهل دون إدراك أن السياسة " فن ترتيب الأولويات " كما حددنا تعريفها سابقا..ولهؤلاء حديث مستقل في مقال قادم أو ربما كان المقال القادم !