8 أسباب موضوعية لرفض السي دي المدرسي!
بهدوء، وبحيادية تتوسط بين العلمية واللغة السهلة سأستعرض الأسباب التي تجعل فكرة تقديم المناهج على سي دي للطلاب؛ بدلا من الكتب المدرسية فكرة على أقل تقدير تزيد مشكلات التعليم ولا تقدم حلولا، وتفتح الباب أمام مساءلة مقترحها، والتعجب من قيام الوزارة بطرحها للاستفتاء المجتمعي.
أول هذه الأسباب عدد أطفال الأسرة المصرية، فعلى افتراض امتلاك كل أسرة مصرية جهاز حاسب آلي، ولن أكون مثل المتشائمين الذين يقولون بأن هناك أسرا لا تمتلك بالمرة كمبيوترات في منازلها، سأحذف هذه الأسر تماما من المعادلة، وأنظر للأسر التي غالبا ترتبط فيها معدلات الأطفال ارتباطا عكسيا بمعدلات أجهزة الحاسب الآلى، فكلما قل عدد أطفال الأسرة وجدت العديد من الأجهزة التي يمكن استعراض المناهج عليها، كالتابلت واللاب، كما زاد عدد أطفال الأسرة كلما أصبح هناك جهاز واحد فقط، فتخيلوا معي الحال عندما يكون جهازا واحدا ومثلا ثلاثة أطفال فقط في الأسرة يرغبون جميعهم في وقت واحد أن يطالعوا كتبهم؟ فمن الذي سيذاكر، ومن الذي سيتم التضحية بمستقبله؟
ثاني هذه الأسباب رداءة أجهزة الحاسب الآلي في مصر، واعتمادها على أنظمة تشغيل غير أصلية، ففضلا عن اعتمادنا على أحد الأنظمة المعروف عنها انهيارها الدائم، واحتياج الحاسب الآلي كل فترة لإعادة تنزيل هذا النظام، ماسحا كل ما تم حفظه في سجلاته، وبالإضافة إلى اعتماد أغلب الناس على نسخ مقلدة و«مكركة»، مما يجعل الانهيار يتم بشكل دوري وسريع، فماذا سوف يفعل طلابنا في الوقت الذي تكون فيه أجهزة الحاسب الآلي في الصيانة، أو في انتظار نزول نسخة جديدة من أنظمة التشغيل سريعة الانهيار؟
ثالث هذه الأسباب استهلاك البصر، فالقراءة من على الشاشات عموما تستهلك حاسة الإبصار بشكل مفرط، خاصة في سن الصغر، وعند إجبار الطلاب على القراءة وحل التمرينات، والمراجعة والمطالعة من على شاشات الحاسب الآلي، فإننا نستهلك أبصارهم سريعا، ونعد جيلا سيفقد إبصاره أو سيضعف على أحسن تقدير، خاصة مع عدم توافر ثقافة التعامل الصحي السليم مع شاشات الحاسب الآلي، ومع عدم توافر الرعاية الطبية.
رابع هذه الأسباب تدمير قيمة الكتاب الورقي، فبينما نحاول أن نغرس في طلابنا فضيلة الكتاب، وسابقا أقيمت مشاريع قومية لنشر الكتب بأسعار معقولة حتى يتمكن الناس من مطالعتها، ولغرس قيمة الرجوع للمصادر الأصلية للحصول على المعلومات، ورغم ذلك فإننا نحاول أن نوجد أجيالا منقطعة الصلة مع الورق، ولا تصبر على البحث والمطالعة في المصادر الأصلية للمعلومات.
خامس هذه الأسباب فشل تجربة التابلت، فبينما قامت الوازرة سابقا بتوزيع مئات آلاف أجهزة التابلت مجانا على طلاب الصف الأول الثانوي العام والفني، فقد أثبتت التجربة فشلها، ليضطر أغلب المديرين والمدرسين لإصدار أوامرهم بعدم إحضار هذه الأجهزة التي استخدمت في غير أغراضها تماما، مما يجعل تجربة السي دي تجربة يتهدد مصيرها الخطر.
سادس الأسباب صعوبة متابعة المعلم لأداء الطلاب في حل التمارين وتقدم مستواهم فيما يحملونه معهم من سي دي، فبينما لا تزال وسيلة المتابعة الأشهر في التعليم المصري هي حل التمارين داخل الكتاب المدرسي، فإن تجربة السي دي ستجعل هذه المتابعة الضعيفة وغير الكافية بالأساس معدومة؛ ليصبح ليس هناك أي وسيلة ممكنة للمعلم لمتابعة تطور الطالب أو التعرف على مستواه الدراسي.
سابع هذه الأسباب زيادة اضطرار المتعلم المصري للكتاب الخارجي، فغالبا سيقوم الطالب بالرجوع للكتاب الخارجي مجبرا لكي يعوض الأوقات التي لا يمكنه مطالعة المناهج على الحاسب الآلي فيها، ومن ثم تصبح سوق الكتاب الخارجي أكثر رواجا.
ثامن سبب، هو زيادة الإقبال على الدروس الخصوصية، وفتح الباب أكثر أمام إجبار الطلاب على الدروس الخصوصية، في ظل عدم تجهيز الفصول المدرسية بوسائل عرض وإيضاح تمكن المعلم من الشرح لأعداد كبيرة من على السي دي المتواجد معهم.
كل هذه الأسباب تجعل فكرة السي دي فكرة ضارة جدا بالتعليم المصري، فكرة تجعلنا نتعجب ممن طرحها، ومن استجاب لها، وفكر فعليا في تعميمها أو تطبيقها.