أموالنا المنهوبة عند مرسى وجماعته
انتهى الحديث عن استعادة أموال المصريين المهربة إلى الخارج عند مزاعم إدارة التعاون الدولى بمكتب النائب العام قبل أسابيع، أن المحكمة الفيدرالية السويسرية ترهن تجميد أو التحفظ على أرصدة لدى بنوكها بعودة الاستقرار وتوقف المظاهرات والاعتصامات والإضرابات، وتوقف الحديث عن الأموال الهاربة فى الداخل إلى التصالح مع ناهبيها بمنطق مرسى "نصف العمى".
وخرج الإخوان والمتأخونون مهللين لإعلان حكومة رئيسهم التصالح مع متهمين بالفساد وهاربين بأموال الشعب ومخربين لمشروعات قومية، والاكتفاء بما يجودون به علينا ويسمحون بعودته إلينا من أموالنا المنهوبة، لقاء إعفاءات جديدة لمشروعات يجرى غسيل تلك الأموال فيها، وربما وقفت وراء تلك الإعفاءات صفقات "الشراكة الجبرية" بين رجال الجماعة والمفسدين مقابل التسويات النهائية لقضاياهم بقرارات سيادية.
الأزمة بدأت فعليًّا بامتناع إخوان البرلمان المنحل عن معالجة التشريعات الواقية لقوى الفساد التى وضعها برلمان سرور- عز، لبدء محاولات استعادة الأموال المهربة بالداخل والخارج، والتى وجد لصوصها متسعًا من الوقت طوال عامين لنقلها إلى بنوك جزر الأفيال والثعابين.
الأغرب أن حكومة المتهم بالفساد والإفساد "مبارك" هى من صدّقت على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد قبل عزله بثلاث سنوات، بخلاف اتفاقية مكافحة غسيل الأموال، وظهرت أولى اللجان "الحكومية" المؤسسة لقواعد رصد أسباب تفشى الفساد فى مصر ودواوين حكمها داخل وزارة الدولة للتنمية الإدارية مع الوزير السابق الدكتور أحمد درويش، وأمين اللجنة الدكتور جلال نديم؛ خبير مؤشرات مدركات الفساد.
التقرير الثانى للجنة الصادر فى 2008، والذى أزعج رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء وقتئذ، لفت إلى مؤسسية الفساد فى مصر وحيتانه داخل حكومتها، كسبب رئيسى فى إفساد صغار الموظفين، إلا أن محمد مرسى لم يستدع من التقرير سوى توصية بإنشاء "ديوان المظالم"، الذى تحول إلى جهاز "عرضحالجية" الرئاسة، قبل وأده داخل قصر عابدين على أيدى أتباع أهله وعشيرته.
تصنيف مصر المتدنى فى مؤشرات قياس الفساد العالمية لم تحركه سوى المحاكمات "الصورية" لرموز حكم مبارك، وجرت تبرئتهم لأسباب تتعلق بطبيعة ومحتوى قوانين محاكماتهم، لتتوقف محاولات بلدان كبرى للتعاون مع مصر لأجل استعادة أموال شعبها، بينما قرار الفيدرالية السويسرية الذى تحايلت حكومة مرسى على محتواه، أكد صراحة غياب ثقتها فى نظام يعتدى على القضاء واستقلاله، ويحاصر المحاكم ويضرب الحقوق والحريات للمواطنين، ولا يحقق إنجازًا لصالح ثورتهم.
هذه الدول تتابع وبدقة مؤامرة حكومة جماعة الإخوان على ثروات الشعب المصرى وأمواله بالداخل، والمصالحات المشبوهة عليها دون موافقة شعبية أو تفويض دستورى، وتنتهى إلى قرارات مفادها: "لا نثق فى حكومة تسرق شعبًا قدم أبناؤه دماءهم طلبًا للعيش والحرية والعدالة والكرامة، وتتصالح مع لصوصه وتطلق سراحهم"، لدرجة أن نشطاء أوروبيين بدأوا مقاضاة حكوماتهم المقصرة فى حماية أموال شعوب بلدان الربيع العربى الموجودة لدى بنوكها.
الأخطر فى إجراءات حكومة "مرسى" تجاه ملف "الأموال المهربة" أنها لم تراجع تحفظات حكومات البلدان الموقعة والمصدقة على الاتفاقية الدولية، أو مواد الباب الثالث منها المعنية بالتعاون الدولى لأجل استرجاعها، والتى تلزمها بخطوات قانونية وقضائية واضحة؛ لضمان محاكمات "مقنعة" تسهم فى تشجيع هذه البلدان على اتخاذ "إجراءات" تدعم "طلبات التحفظ" على هذه الأموال أو تجميدها داخل بنوكها لحساب الشعب المصرى.
خلاصة القول: راجعوا التضخم غير المنطقى للقدرة الاقتصادية لرجال أعمال وأنفار الجماعة بعد العام الأول لحكم مرسى، وقدراتهم المادية فى مواسم التنافس الانتخابى المتكررة، ونتائج سياسة الإفقار الممنهج للشعب المنهوبة ثرواته فى مصالحات مشبوهة، وانظروا "قليلًا" إلى وقودنا المدعوم لإخوان حماس مقابل حرمان أهالينا منه، ووعد الثلاثة أرغفة للمواطن يوميًّا، لتعوا حقيقة حكم الجماعة.