مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة 4
كان من أهم آثار هزيمة 1967، الإحباط الذى أصاب المصريين.. وعند اليأس، يلجأ الناس تلقائيًا إلى الله. وبذلك، كانت الساحة مؤهلة للجماعات الدينية، لكى تنقض عليها!! زاد على هذا، أن الناس فى أعقاب الأكاذيب المُصاحبة للنكسة، أصبحوا ينظرون إلى الدولة على أنها مُخادعة لهم، ما أدى إلى خلق مناخ موائم لعمل الجماعات الدينية، بحيث يقبل عليها الشارع كبديل، لأن عبد الناصر كان قد ألحق الأزهر بالدولة، وفقًا لقانون تنظيمه عام 1961.
وحينما أتى السادات إلى سُدة الحكم، قام بعمل انفتاح أكبر للحريات.. هذا، بالإضافة إلى خطأه الأكبر فى منح الجماعات الدينية حرية أكبر بالعمل السياسى، أتاح لها قدرة أرحب على استغلال مشاعر الناس الدينية.
وقد تميز عقد السبعينيات حتى بدء الثمانينيات، وعلى امتداد منطقة الشرق الأوسط وليس فقط مصر، بكونه حقبة هجوم الإسلام السياسى.. فظهر الداء بالثورة "الإسلامية" فى إيران من يناير 1978 إلى فبراير 1979، حيث أعدم النظام الجديد الكثيرين، كما هى عادة هؤلاء عند "التمكين" لإخراس المُعارضين.. ثم حادثة الاستيلاء على الحرم المكى بالسعودية، من قبل جُهيمان العتيبى وعصابته، من 20 نوفمبر 1979 إلى 4 ديسمبر 1979.. ثم كانت الحرب السوفيتية على أفغانستان، منذ 24 ديسمبر 1979، ولمدة نحو 9 سنوات، صاحبها ظهور المُجاهدين.. ثم تجسدت قمة الأحداث الخاصة بنا، باغتيال السادات فى 1981!!
ومع تنامى تلك الظاهرة، كان التفكير "الشيطانى"، من قبل الإخوان فى إنشاء "حركة المقاومة الإسلامية – حماس"، التى نشأت فى غزة تحت الاحتلال الإسرائيلى عام 1987، وما كانت لتنشأ هُناك، لولا "غض طرف" المُحتل عنها!!
لقد كان هدف الإخوان من إنشاء حماس، هو تقسيم المُقاومة ما بين دينية ومدنية، كما يحاولون بين المصريين اليوم.. وكانت الغاية الكُبرى، أن يتحكموا بالقضية الفلسطينية، حتى يصير موقف "فصيلهم الخلفى" داخل الأراضى المُحتلة، هو خلق ذريعة أقوى للإسرائيليين لرفض السلام، وقول إنه "لا يوجد شريك للتفاوض".. لقد كان الهدف لصالحهم، وليس أبدًا الشعب الفلسطينى أو مصر أو الأمة العربية، ناهيك عن الأمة الإسلامية!! فبينما يتكلمون عن الخلافة، يظهر أنهم ساهموا بقوة، فى تقسيم الأراضى الفلسطينية، التى نُطالب منذ عقود بدمجها، فأصبح لدى الفلسطينيين، سُلطتين متفرقتين لصالح إسرائيل!!
ولا تحدثونى هنا، عن شباب الاستشهاديين ممن ترسخ لديهم فكر الكفاح المُسلح.. فهؤلاء ممن آمنوا بأهدافهم، لم يكونوا إلا وقود مصالح كبارهم، ممن يدفعونهم بدعوى دخول الجنة، بينما هم يظلون على الأرض مُختلقين جُهنم لشعوبهم، لقاء أثمانٍ بخسة يتلقونها من الطامعين فى بلادنا!!
لقد كان الكفاح المُسلح الذى ادعته حماس، ضد إسرائيل، وهمًا مُصطنعًا من الإخوان، لصالح إسرائيل على المدى البعيد، والإخوان، حينما يصلون إلى السلطة، كى يكون ورقة ضغط لديهم.. وها هم اليوم يتنازلون عن كل هذا لبيريز، صديق مرسى الوفى، ويأمرون حماس بالتخلى عن هذا الكفاح، لقاء منافع مُتبادلة ظهرت للجميع، فى إطار الحرب الوهمية على غزة منذ 4 أشهر تقريبًا، قدم فيها مرسى تنازلات، مساوية لما يُقدم من كبار خونة الأوطان، وقدم الفلسطينيون شُهداء منهم، هم قُربانُ لقادة حماس، على عتبات المذبح اليهودى .. فأين المبادئ والإسلام؟!
ولقد كان الهجوم على أفراد القوات المُسلحة المصرية بسيناء فى رمضان الماضى، من قبل بعض أفراد حماس ضمن آخرين، هو هجوم إخوانى المعالم والأهداف.. فالإرهاب فى سيناء، جُزيئاته إخوانية، لبناء هوية مُتطرفة لمصر وليست إسلامية، على طريق التمكين.. والإخوان لذاك الهدف، يرون العدو الأساسى فى جيش مصر، والسيسى رمزه ...
وللحديث بقية ..
والله أكبر والعزة لبلادى،
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية