رئيس التحرير
عصام كامل

حرق "الوطن" وعقاب الجلاد


تخيل أربعة أتوبيسات محملة بالرجال ينزلون بعد الفجر، من أجل تدمير وحرق مبنى جريدة مستقلة فى وطن صنع ثورة من أجل الحرية واحترام الكرامة الإنسانية، ويستطيعون نتيجة للانفلات الأمنى وغياب الاستقرار أن يدمروا ويحرقوا جريدة "الوطن" المصرية، وهى ليست الحادثة الأولى فمنذ ثلاثة أشهر اُقتحم وحُرق ودُمر مقر جريدة حزب "الوفد"، ولم يقدم أحد للقضاء ولم يحدث شىء رغم أن ذلك كله حرب على الإعلام والصحافة، وهناك جهات وتيارات تريد أن تكمم الأفواه وتخرس الألسنة وتقضى على كل من يعارضها، ولكن يُفضح مخططها المشبوه من أجل اغتصاب وطن مثل مصر .


سياسة اقتحام مقرات الصحف وتدميرها ظاهرة خطيرة جدًا لمن يفهم ويعى، أن العلاقة بين الصحافة ومعارضيها أصبحت فى خطر، وأصبح هناك من لا يريدون أن يحكموا العقل بينهم وبين من يعارضهم، بل يقومون بتدميره والقضاء عليه، وسياسة الاعتماد على العنف سياسة فاشلة لن تغلق الصحف، ولن تسكت الصحفيين بل ستجعلهم أشد قوة وأكثر عزيمة ورغبة فى إكمال مسيرتهم الصحفية، ورغبتهم فى إظهار كافة المؤامرات التى تحاك على الشعب المصرى .

جريمة اقتحام مقر جريدة "الوطن" على الأغلب حدثت بسبب سياسات الجريدة التحريرية، وهجومها الجاد والممنهج ضد تيار الإسلام السياسى وتحديدًا جماعة الإخوان المسلمين، فجميعنا شاهد بداية الخلافات بين الجانبين، عندما رفض الدكتور محمد مرسى فى لقائه بقناة cbc أن يكون مجدى الجلاد مقدمًا للبرنامج أو محللاً للقاء الرئيس، وتوالت الخلافات بعدها من تحقيقات "الوطن" عن تزوير الانتخابات الرئاسية، وتفجير قضية المطابع الأميرية وتزوير بطاقات التصويت، ثم القضايا العديدة التى كشفتها "الوطن" عن الجماعة وقياداتها مثل خيرت الشاطر وحسن مالك، وتصديها للإعلانات الدستورية واختطاف الدستور، وآخرها قانون الانتخابات، وغيرها من القضايا والأسرار التى انفردت بها الجريدة ووضعت الرئاسة والجماعة فى موقف محرج أمام الرأى العام.

ولكن لن نعتبر هذه الشكوك دافعًا للعنف لتدمير مقر جريدة، ويمكننا أن نعود لفكرة المؤامرة وعودة ظهور الطرف الثالث، الذى يريد أن يرسل رسالة أن من فعل ذلك هم الإخوان لعدائهم مع مجدى الجلاد وجريدة "الوطن"، ولكن فى الأيام المقبلة سننتظر تحقيقات النيابة وكلمة القضاء فى القضية، فكل ما يراودنا من أفكار هو قراءة للواقع وتداعياته، بين الأزمات المتعددة بين الطرفين، فكلاهما يعشق الوطن بطريقته، وكلاهما يرى أنه قلب الوطن النابض الساعى لنهضته وعبوره نحو المستقبل، ولكن أين الحقيقة ؟


السؤال المهم فى قضية حرق مقرات الصحف والجرائد والقنوات الفضائية فى مصر.. لماذا الآن تحديدًا هذه الممارسات البشعة فى ظل حالة ثورية تعيشها البلاد، والرغبة فى الانتقال نحو دولة مدنية تحترم الرأى والرأى الآخر، بل وتدعم الحريات وحرية نقل المعلومات والحفاظ على كرامة المواطنين، والدفاع عن حقوق الإنسان، فمما لاشك فيه أن من يفعل ذلك هم تيار يرى فى وجود الإعلام الحر خطرًا عليه، ويريد أن يعود بمصر لفكر الإعلام الموجه صاحب الفكر الواحد والرأى الواحد، فتعدد المنافذ الإعلامية يجعلهم فى حالة من التوتر، خشية فضح مؤامراتهم على مصر، فدائمًا فى فترات الثورات تظهر كيانات كطيور الظلام، لا تستطيع أن تعيش فى النور، ولا تستطيع مواجهة أعدائها بالحجة والدليل، وتستسهل سلاح القمع والحرق والتدمير.
الثورة المصرية فى خطر وهناك من يريد اختطاف مصر .
dreemstars@gmail.com


الجريدة الرسمية