رئيس التحرير
عصام كامل

لنا إسلامنا ولكم إجرامكم...إرهاب وإلحاد


تجتاح مدينة بالتيمور الأمريكية أعمال عنف وشغب نتيجة تنامي ظاهرة التمييز العنصري في الولايات المتحدة.. وانتظرت أن يوجه الإعلام المصري البوصلة لرصد ما يحدث وفضح شعارات أمريكية كاذبة بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان، خصوصا في ظل عنف مفرط من الشرطة ضد المتظاهرين السود الذين ردوا بحرق عشرات المباني ومئات السيارات.. لكن شيئا من هذا لم يحدث، لأن الإعلام المصري متفرغ للإساءة إلى الدولة ونشر الفتن والتقليل من جهد الرئيس السيسي والحكومة لإصلاح ما أفسدته الأنظمة السابقة وما خلفته 25 يناير من كوارث.


وفي ظل دعم المخابرات الأمريكية والبريطانية والموساد الجيل الرابع من الحروب، اعتمادا على الإعلام مقروء ومسموع ومرئي وإلكتروني، تحولت مهنة "الإعلام" من البحث عن الحقيقة ومعاونة الدولة وحشد الشعب خلف القيادة لبناء البلد، إلى "سبوبة" ووسيلة ابتزاز وتربح، عن طريق تزييف الحقائق وتأليب الشعب ضد الحكومة وبث الفتن وتلميع الأفاقين والباحثين عن الشهرة وفرض أفكارهم الخبيثة على المجتمع.

يلعب الكثير من الإعلام الخاص في مصر دورا سلبيا يكاد يعصف بالأمة، إذ استغل في السابق مناخ الحرية ووفرة الفضائيات، ليستعين بشخصيات ليس لها محل من الإعراب دينيا، وأضحى من أطلق لحيته واقترب من "الإخوان" والجماعات الإسلامية مقدما لبرنامج ديني أو ضيفا على عشرات البرامج الفضائية، يفتي في قضايا خلافية ويشجع على مواجهة الدولة والشعب بالحرق والتدمير والقتل، ثم تكفير من يخالفهم الرأي، وهكذا انتشر الفكر التكفيري والتطرف والإرهاب، الذي دعمه وموله الغرب والماسونية للسيطرة على المنطقة العربية، ممثلا في "الإخوان" والقاعدة وطالبان و"حماس" و"داعش".

عندما فطنت الدول العربية إلى ما يحاك لها، واكتوت من إرهاب الجماعات المتطرفة، بدأت الحرب عليها وأغلقت كثيرا من فضائيات الفتنة والتحريض التي ظلت سنوات تحرض المتلقي وتلقنه أفكارا خاطئة وتنسبها زورا إلى الدين الإسلامي.. ولأن الغرب لا يعترف بالهزيمة بسهولة، ولا يتنازل عن تحقيق حلمه بالسيطرة على المنطقة وخيراتها، قام بتغيير شكل المؤامرة وعمد إلى تقديم وجوه "مودرن" من راغبي الشهرة والثراء، على أنهم مجددون في الدين، يواكبون الموضة والتكنولوجيا ولديهم قدرة على التعاطي مع الشباب والتأثير فيهم سلوكيا بهدف إبعادهم عن الإسلام.

شهدت الساحة العربية نماذج عدة من الدعاة الجدد اتخذ أصحابها من البرامج التليفزيونية منبرا لبث أفكار بعضها صحيح والغالبية خاطئة، تواكب عن عمد أو جهل ما يريده الغرب المتآمر، من توجيه الشباب وتشكيل وجدان النشء دينيا بشكل مغلوط، إلى أن جاءت الجريمة والفتنة الكبرى مع المدعو إسلام بحيري الهارب من أحكام قضائية في الكويت، ليقدم نفسه في مصر كباحث في الشئون الإسلامية، لكن برنامجه في حقيقته عنوان التضليل والتدليس والتشكيك في ثوابت الدين والتطاول على الأئمة والصحابة، ما فتح باب الفتنة على مصراعيه، فما قدمه بحيري أشد جرما وإساءة للدين من الرسوم المسيئة للرسول التي شجبها العالم كله، والتصويب الذي يدعيه بحيري هو في حقيقته طعنا وبغضا في الإسلام لا تصحيحا وحبا، وهو بمفاهيمه المضللة وتعديه على الثوابت الإسلامية كان سيأخذ ضعاف الإيمان إلى الإلحاد!!.

صحيح أن برنامج بحيري توقف بعد لغط وأزمة لكن لم تتوقف الفتنة، ويجب محاكمته على ما سببه من بلبلة وتشكيك في الدين لردع من يفكر في إعادة الكرة بعد ذلك، كما على الأزهر الشريف والأوقاف معرفة من يقف وراء البحيري، خصوصا أنه أشار إلى دراسته في "جامعة ويلز البريطانية التي أهلته للتجديد في التراث وتصويب أخطاء الدين"، رغم أنها لا تؤمن أصلا بالإسلام!!.. وعند بحث جريمة إسلام بحيري بحق الدين والمجتمع يجب أن نضع نصب أعيننا خطة جيمــس وولســي الرئيــس الأسبق للمخابــرات الأمريكية CIA للسيطرة على الدول العربية، حيث قال عام 2006: "سنصنــع للعرب إسلامــًا يناسبنــا، ثــم نجعلهــم يقومــون بالثــورات، ونعمل على انقسامهــم علــى بعــض بنعــرات تعصبيــة، ومــن بعدهــا نحن قادمــون للزحــف عليهم وســوف ننتصــر".

وأد فتنة بحيري لن تقضي على تداعيات جريمته إلا بردعه قضائيا، ومع جهد الأزهر وعلماء الدين في تجديد الخطاب الديني والحفاظ على إسلامنا الصحيح، يجب قصر الفتوى والبرامج الدينية على أهل التخصص وعلماء الأزهر والأوقاف وتجريم التطاول على الثوابت الدينية والصحابة والأئمة.
الجريدة الرسمية