رئيس التحرير
عصام كامل

تأملات في حالة النخوة الطبية



نخوة أم لا نخوة ؟!
شهامة أم ندالة ؟!
جدعنة ورجولة أم خذلان وخيبة ؟!
مروءة ومبادرة إلى فعل الخير أم انحسار وفرار إلى الذات، والتلذذ بعذاب أخيك المواطن ؟!

ما فعله نائب مدير المستشفيات بمستشفي القصر العيني، يندي له جبين المروءة المصرية، وتتواري أمامه خجلا الجدعنة المصرية، وتصفق له كل عصبة الشر والشياطين، تصفيقا حارا ساخنا مقتبسا من نيران جهنم.

ضرب الطبيب المذكور المثل الأعلي في غباء الإدارة الطبية، وتعامل بقلب بارد مع حالة كاميليا مصطفى محمد، سيدة تعدت سن السبعين، ضربتها جلطة ثقيلة، في إحدي الرئتين، وحط حجر أثقل من هضبة المقطم على صدرها، فلا نفس يدخل ولا نفس يخرج، وزرقة بالوجه وغروب في النظرات يوحي باحتضار، وأولادها يهرولون بها ما بين معهد ناصر في الساحل والتأمين الصحي في مدينة نصر، والشوارع، في هلع وجزع، والسيدة تئن وتتوجع، من ساعات الليل الأولى حتى بلغتني استغاثتها في الثامنة صباحا، فاتصلت بالدكتور الصديق فتحي خضير عميد الكلية، أستاذ جراحات التجميل، ينطوي على جدعنة خاصمها الطبيب المذكر عمدا، وعمل على إلغاء كل مكوناتها، بدأب واحتراف.

كان صديقي دكتور خضير في الإمارات، ولم يتردد في الرد، وشرحت له الحالة ومدي ما تتعرض له من الآلام المبرحة، وتضارب التشخيص، وأن الحالة طارئة، وعلي الفور وبشهامة اتصل العميد دكتور خضير، وكلم المذكور أعلاه، ووصاه، وعاد دكتور خضير إلى برقم المذكور أعلاه، الذي اتصلت به من فوري، فألقي فوق رأسي جردلا من الثلج والثلامة، وتثاءب، وقال لي كلمني بعد ساعة، طار صوابي، فهذا رجل نستغيثه، فيتثاءب، ويؤجل.

شرحت الحالة، وأعدت الشرح، وهو متململ، ضائق الصدر، لعل صدره يوما، يضيق بما ضاق به قلب السيدة المحتضرة، فيدرك طعم الألم، لكن نطلب له شفاء الصدر والنفس مع ذلك !

عدت للدكتور خضير، وشرحت له عناد، ومماطلة نائب مدير المستشفيات، فرد برسالة مطمئنة مفادها أنه سيسمح بدخول المريضة المستشفي وأن على أن أطمئن..
عاودت الاتصال بحارس جنة رضوان في القصر العيني، ففاجأني بالقاضية في عقلي وعقله معا، فبحدة مكتومة، ولهجة مبرومة وبرودة إدارية، نصحني آلا أضيع الوقت، وأرسل تقريرا بحالة المريضة !!

قلت: طب ادخلها واعرف ما فيها يا دكتور ؟!
قال: لا أرسل تقريرا الأول !
قلت: اعتبرها طوارئ يا سيدي
قال: طوارئ ايه ؟!
لازم اعرف علشان أحضر لها سرير
قلت: طب نجيبها على باب القصر ونكشف وتعرف، وتشخص وتوزعها كما تشاء على السرير المناسب لعلاجها
قال: برضه انت مش فاهم يا أستاذ
قلت: طب فهمني ازاي حالة طوارئ وانت مش عايز تشوفها ولا تستقبلها
قال: ما هو أصل لازم ولازم تجيب أوراق التشخيص الأول ؟!
طب ما نجيب الحالة نفسها من الشارع وانقذها وشخص براحتك ؟!
عاد يقول بقوة ونفاد صبر: برضه انت مش فاهم يا أستاذ !!

ماذا تقولون في عقلية كهذه ؟!
ما رأيكم يا دكتور يا وزير التعليم العالي، والقصر العيني يتبعكم !؟
أيرضيك بقاء من يحارب حنان الرئيس في شعبه ؟!
ما رأيك يا صديقي العزيز الكريم دكتور فتحي خضير ؟!
أنت أستاذ فن الجمال والتجميل، وهذا رجل يمثلك في موقعه أقبح تمثيل، ويضرب بعرض الحائط كل مظاهر إنسانيتك المعروفة عنك !

هو عبء علينا وعليك وعلي الدولة، ومثال صارخ على عنكبوت إداري متلبك، منطو على تفكير حجري.
أفعال وأقوال أمثال الدكتور المذكور تجعلهم يقفون في خندق واحد مع جرائم الإرهاب، بتهمة عدم الإكتراث !
أتترك أمك في الشارع تصارع الموت، حتى يأتيك ورق يشخص حالتها ؟!

على الجانب الآخر، سنجد أداء طبيا وطيبا ساطعا بالحب والعطاء، للدكتور على أحمد محروس، مدير مستشفى التأمين الصحي بمدينة نصر، الذي بادر وهرول وصحح، وعالج ويعالج، ويتابع، بل بكي من أجل الحالة، وقبل جبينها، لأنها ذكرته بأمه، وأمر بدخولها فورا للعناية الفائقة، فالتحية واجبة لرجل يسكن فيه قلب إنسان، يسخر الإدارة كاملة، أطباء وإدارييين لخدمة المرضي والتخفيف عنهم، والرد على مخاوفهم دون أن تغادر الابتسامة عينيه
طهر قصرك العيني يا دكتور خضير من العنكبوت المتشح بآدمي !.
بئسا وسخطا لطبيب بلا قلب، أقرب إلى مشروع دفان في منصب حكومي.
الجريدة الرسمية