رئيس التحرير
عصام كامل

حكومتنا تتربص بنفسها!


أسوأ ما تواجهه حكومتنا برئاسة المهندس محلب حاليا هي أنها تتربص بنفسها.. وهذه مرحلة تتجاوز عدم التعاون بين أعضائها أو وزاراتها!

لقد كنا نشكو دوما من انتقاد التعاون بين الوزارات لأن كل وزير يعمل بمفرده بعيدا عن السرب الوزاري، وأيضا لأن هناك وزراء في حكوماتنا كانوا أكبر من رؤسائها.. لكن الأمر تجاوز ذلك وصرنا الآن أمام حكومة يتربص بعض أعضائها بوزراء آخرين فيها!.. وكأن الحكومة لا تعاني من الانتقادات الكثيرة التي تأتيها من الخارج، أو من الجهاز الإداري الذي تقوده ويرفض ضبط إيقاعه معها ويتخلف عنها ويخذلها في الكثير من الأمور، خاصة فيما يتعلق بجودة ما يقدمه من خدمات للمواطنين وزمن تقديم هذه الخدمات وتكلفتها.. وفوق ذلك كله تعاني الحكومة من تربص بعض وزرائها بزملاء لهم في الحكومة.


ولا يأخذ شكل هذا التربص فقط توجيه انتقادات معلنة أو غير معلنة لبعضهم البعض، كما ظهر بشكل صارخ في البيان الذي أصدرته وزارة الثقافة تنقد فيه ما قامت به وزارة التربية والتعليم في حرق مجموعة من الكتب المتطرفة داخل فناء إحدى المدارس.. وإنما امتد هذا التربص أيضا إلى تشكيك بعض الوزراء في صحة وسلامة وجدوى أعمال يقوم بها زملاء لهم داخل الحكومة.. وقد ظهر ذلك أيضا بشكل صارخ في استنكار داخل وزارة الثقافة لما قامت به وزارة الشباب من رعاية ودعم مشروع سليم سحاب الخاص بتكوين فرقة كورال من أطفال الشوارع، فضلا عن التشكيك في أنهم أطفال شوارع فعلا! وهذه ظاهرة جديدة غير طيبة ومن شأنها إجهاض عمل الحكومة وتشويهه، والأهم والأخطر فقدانها ثقة الرأي العام!

مفهوم بالطبع أن تثور خلافات بين الوزراء بعضهم البعض خاصة إذا كانت تتعلق بالاختصاصات.. بل بقبول حتى إن تكون هناك اعتراضات من قبل بعض الوزراء على ما يقوم به وزراء آخرون من أعمال أو ما يتخذونه من قرارات.. لكن المفهوم والمقبول أيضا أن يتولى رئيس الوزراء احتواء هذه الخلافات وبحث هذه الاعتراضات والوصول إلى حلول أو توافقات بين الوزراء.. فلا يصح أو يستقيم أن يستمر هذا الوضع الذي تسيء فيه الحكومة إلى نفسها حينما تضيف سببا جديدا لتعطيل عملها والتقليل من نتائج هذا العمل، في وقت تزداد فيه شكوى الناس من سوء أداء الجهاز الإداري الذي لم يعد قاصرا على البطء فقط في تقديم الخدمات وإنما اقتران الحصول عليها بإتاوات إدارية على المواطنين.
الجريدة الرسمية