رئيس التحرير
عصام كامل

مصر.. وأوباما المحتار!


يقول لنا مقال «الانحدار حول الخراب فى مصر» للكاتب الأمريكى ديفيد إغناتيوس، والذى أعدنا نشر أبرز مضامينه أمس، إن لدى منطقتنا أزمة حقيقية ليس فى دول الربيع العربى، أو سوريا، بل مع الإدارة الأمريكية الحالية التى تعتبر أكثر خطرا من إدارة بوش الابن، ورغم احتلاله العراق!


بوش الابن لم يكن مبادرا، بل تحرك كردة فعل على حدث غير مسبوق تمثل بالعمليات الإرهابية التى وقعت فى 11 سبتمبر (أيلول) 2001 بأمريكا، فبوش الابن كان متحمسا لتخفيض عدد القوات الأمريكية فى الخارج، وليس الحروب، ولم تكن لديه معرفة بالعالم خارج أمريكا، لا دوله ولا أبرز اللاعبين فيه، لكنه، أى بوش، وحتى فى لحظة الانفعال المجنونة التى أعقبت أحداث سبتمبر كان رئيسا يتخذ موقفا، ويقطع عهدا ويحافظ عليه، بينما الوضع اليوم مع أوباما المثقف مختلف جدا.

الرئيس الحالى متردد، وعندما يتخذ موقفا فإنه يؤسر باللحظة العاطفية، والدافع الأيديولوجى، وليس انطلاقا من لغة المصالح، وأبرز مثال هو موقفه من الربيع العربى، وسحب القوات الأمريكية من العراق، وبالطبع موقفه من سوريا.

والحق أنه لو كان من الممكن تبرير موقفه الرافض لتسليح الثوار السوريين رغم توصية أربعة من كبار مسئوليه على أنه موقف طبيعى بسبب الانتخابات الرئاسية، وقتها فإنه لا يمكن تبرير الموقف الأمريكى المتردد بسوريا حتى اليوم، والأخطر من كل ذلك، وهو ما كشفه مقال إغناتيوس، أن إدارة أوباما ما زالت حائرة فى كيفية التعامل مع الإخوان فى مصر المهددة بالإفلاس نتيجة أخطاء الإخوان أنفسهم!

فمما جاء فى المقال بأن بعض منتقدى مرسى يرون أن «على أمريكا تركه يسقط، وتتبنى وجهة النظر هذه قوى المعارضة العلمانية، وبعض العناصر المحافظة فى المنطقة». إلا أنه يقول «إن السياسة الأمريكية تميل نحو دعم مرسى» مع تلميح الكاتب إلى أن واشنطن بدعمها للإخوان تقف موقفا غير مناسب «ضد المحافظين بالمنطقة والنشطاء الليبراليين بمصر، ومن الواضح أن إدارة أوباما ما زالت تراهن على الديمقراطية الإسلامية فى تركيا وفى مصر أيضا»، إلى أن يقول: «تستمر الثورة العربية فى طريقها، وكذلك يستمر الرئيس أوباما فى نهجه الحذر».

وهذا يعنى أن إدارة أوباما ما زالت حائرة، وتتعلق بالأوهام اعتقادا منها بأن إخوان مصر هم إخوان تركيا، رغم الفارق التاريخى، والاجتماعى، والاقتصادى، وقبل كل شىء السياسى، والمذهل أن أوباما لا يزال حائرا رغم أن الأحداث على الأرض مخيفة، وها هى مصر مهددة بالإفلاس، ويدعم أوباما الإخوان رغم غضب الليبراليين والمحافظين، مما يظهر أن موقف الرئيس الأمريكى نفسه يناقض المبادئ الأمريكية، كما أنه يناقض لغة المصالح، ولا يتماشى حتى مع المفاهيم السياسية لقوى عظمى!

لذا، فإن المطلوب والمفروض الآن على قوى الاعتدال فى المنطقة، المبادرة والتحرك الدبلوماسى المكثف فى واشنطن على أمل إيضاح الرؤية، وتدارك ما يمكن تداركه، وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة على الجميع للأسف.

نقلا عن الشرق الأوسط.
الجريدة الرسمية