هل يأكل الجراد أيامنا؟!
ألم تكن مصر فى ظل ما هى عليه الآن فى أزمة اقتصادية طاحنة حيث بات شبح المجاعة يهددها ويحوم حولها.. وحقيقة ليس مصر وحدها التى يتهددها شبح المجاعة بل العالم كله فى ظل ما يعرف بالأزمة المالية العالمية وأزمة الغذاء العالمى أصبح نصف العالم كله يعانى من المجاعة.. ولكن الأمر سيصبح أكثر سوءً بالنسبة للدول ذات الاقتصاديات المتدنية فى الأداء أو التى تعانى من أزمات اقتصادية طاحنة وظروف استثنائية ومنها بالقطع مصر.
ومن المعروف أن الجراد يعد فى حد ذاته كارثة اقتصادية وأنه عادة ما يأكل المحاصيل ولاسيما محصول القمح الذى ليس لدينا رصيد كاف منه وكلنا يعرف ذلك، كما أننا ليس لدينا أيضاً رصيد من العملات الصعبة لاستيراد القمح والحبوب والمواد الغذائية التى نعتمد فى إشباعها على الاستيراد من الخارج وذلك فى ظل الأيام العادية فماذا يصبح الأمر فى كل هذه الظروف الاستثنائية أو التى نحاول تجميلها بتسميتها المرحلة الانتقالية.
خطر الجراد يعنى المزيد من التداعيات الاقتصادية، يعنى ارتفاع الأسعار، يعنى أيضاً تهديد توفير رغيف الخبز الذى يعد على رأس الأولويات.. وإذا كانت هناك بالفعل مشكلة لدينا تتمثل فى زحف أو هجرة الجراد على مصر الآن فنحن لدينا رصيد كبير من المشاكل لا نملك آليات وأدوات مواجهتها وذلك فى ظل هذه الأزمات المتعاقبة ذات الوجه الاقتصادى أزمة الغاز والسولار وأزمة رغيف الخبز وتراجع سعر الجنيه المصرى أمام الدولار وأيضاً ارتفاع معدل البطالة وزيادة التضخم وتراجع الصادرات بما يزيد على 50% وأيضاً توقف قطاع السياحة فى ظل الغياب الأمنى.
وهنا نرى أن الجراد يمثل أحد التحديات والتهديدات فهل لدينا أساليب للمواجهة؟ أعتقد أن مثل ذلك الأمر لم يكن نتوقع وأعتقد أيضاً أن الظروف التى تمر بها وهى عاصفة تعصف بكل شىء لا يمكن أن تكون هناك فسحة لا نقول من الوقت بل حتى من التفكير للخوض فيها.
كما أننا حتى الآن ليس لدينا منهج لإدارة الأزمات ولا نقول لإدارة الأزمات لأننا لدينا ذلك المسمى ولكنه غير مفعل وحتى الآن قد لا يكون لدينا القدرة على رصده وإلا كيف فوجئنا به.. الكل الآن يشتغل سياسة والكل الآن منهمك ومشغول فى هذه الأحداث التى تدور حولنا، وهم معذورون، فالهلع والخوف الذى أحاط بالمصريين وغياب الأمن ونضوب مواردنا والمجهول المرعب الذى بات ينتظرنا كل ذلك قد جعلهم لا يفكرون فى شىء بل شل تفكيرهم كما أن التغيير المستمر للقيادات والإتيان بقيادات قد تكون تمارس ذلك العمل لأول مرة من شأنه أن يقودنا إلى المزيد من التدهور والتراجع فى أدائنا.
نحن فى حاجة إلى خبراء أمناء فى ذات الوقت، أناس لا يهتمون كثيراً بالكراسى والمناصب لديهم القدرة على إنكار الذات والعطاء دون الانتظار للأخذ.. تلك هى مواصفات من يمكن أن يخرجوا بنا من ذلك النفق المعتم الذى يزيد عتامة يوماً بعد الآخر ولعلنا بهم يمكن أن نخرج من تلك السنوات العجاف وتلك السنين التى سيأكلها الجراد، نحن فى حاجة إلى معجزة ولكن علينا أن نكون أهلا لهذه المعجزة.. علينا أن نتوب ونرجع إلى الله لكى ما تأتى أوقات الفرج من عنده ودون ذلك فلا أمل.