رئيس التحرير
عصام كامل

عاصفة الحزم تنذر «أردوغان»


توقيت اعتبره الكثيرون من المراقبين مفاجئا، فبعد ساعات من إعلان تدخل السعودية في اليمن من خلال قوات الحرس الوطني السعودي أعلنت بعدها توقف عاصفة الحزم التي استمرت على مدى ثلاثة أسابيع لمنع الحوثيين من الاستيلاء على البلاد بحكم السلاح بعد أن أكدت المملكة العربية السعودية تحقيق نتائج الحملة.


توقف عملية عاصفة الحزم لم ينه المعارك العسكرية وهو ما جعل البعض يحتار بين الفرق بين عاصفة الحزم وإعادة الأمل التي أعلنت عنها السعودية بعد أن قالت إن الأخيرة ستكون مصحوبة بعمليات عسكرية.

وخلال اليومين الماضيين ظهرت التكهنات حول توقف العاصفة بشكل مفاجئ، فأعتبر البعض أن لتدخل الدول الكبري دورا في هذا الوقف بينما أكد البعض الآخر أن المبادرة الخليجية التي تعد الآن برعاية أمريكية كان لها أكبر الأثر واتخذ البعض الآخر تفسير وقف العاصفة بعد أن زادت إيران الداعمة للجماعة الحوثية من تحركاتها أمام باب المندب وهو ما جعل الجميع يعلم أننا أصبحنا على حافة الهاوية التي يجب أن تؤخذ في الحسبان وكما يقولون إن حافة الخطر تكون دوما بداية التراجع.

البحث عن حل سلمي لإيقاف نزيف مواطنين أي كان بلدهم وإنتمائهم هو غاية إنسانية خاصة في حالة إمكانية الحل السياسي ولكن بعيدًا عن الأسباب التي تبدو منطقيتها جميعا يبقي سبب آخر ربما دفع السعودية إلى عدم التمادي في عملياتها وهو موقف الدول الأخرى من التدخل البري وقبل أن نستطرد في هذا السبب علينا القول إن العمليات الجوية ماكانت لتحقق شيئًا ملموسا وهي المعروفة في الحروب الدولية باسم تعجيز الخصم أي إفقاده الكثير من أدواته لكنها لا تقضي عليه ومع اليمن المتعددة الفصائل أصبح الأمر أصعب ففي الوقت الذي دكت السعودية معاقل الحوثيين استطاع تنظيم القاعدة تحرير مسجونيه من سجن المكلا وهو ما أنذر الكثير من الدول أن الاستمرار في التحالفات الجوية أعطى الفرصة لتنظيمات أخرى مستغلة انشغال التحالف بالحوثيين لتحقيق نتائج على أرض الواقع.

لم يبق إذا سوى جعل تلك العملية أقصر ما يمكن من خلال إما حوار سياسي وهو ما ترفضه جماعة الحوثيين حتى ذلك الوقت خاصة أن بعد إعلان السعودية وقف العاصفة كان تحرك الحوثيين قويا فيما أظهر رغبة منهم في تحقيق أكبر مكاسب ربما لإدراكهم أن الحديث حول تدخل بري هو أمر مستبعد وهذا يقودنا إلى العنصر الثاني.

منذ بداية العاصفة ولوحت المملكة العربية السعودية بالتدخل البري ولم تعتبره أمرًا مستحيلا خاصة في ظل دعم دول عرفت بكفاءة جنودها وكان على رأسها باكستان ومصر، حتى إذا ما مرت أيام كان للبرلمان الباكستاني رأي آخر بالتصويت على عدم المشاركة الفعلية ،أما مصر فكان لأسطولها البحري الدور الأكبر في المياه الإقليمية.

واذا كانت الدول قبلت أن يكون هناك دعم جوي أو بحري فربما كان للتدخل البري تكاليف أخرى في معظم الدول المشاركة في التحالف الذي يعمل على حماية السعودية أكثر من كونه حفاظ على شرعية رئيس، فهل راجعت الدول حسابتها وقت أن حركة إيران قطعها البحرية وأثبت للجميع أن التدخل البري له تكلفته بالنسبة لمصر التي شبح حرب اليمن ما زال جاثما على أنفاسها، هل كان سبب رفض مصر التدخل البري هو وقف العملية برمتها!.

تصريح بعد وقف عاصفة الحزم هذى به رجب طيب أردوغان مطالبًا بتوجيه العاصفة إلى سوريا للقضاء على بشار الأسد، ورغم اختلاف الظروف من جماعة الحوثيين ونظام بشار المدعوم من روسيا يبقى الدرس الأكبر هو أن التدخل البري ليس بالأمر الهين على كل دولة مهما بلغ درجة كراهيتها لنظام، وفي منطقة تغلي من أقصاها لأدناها يبقي المجازفة أمر أشبه بالمستحيل، لعل وقف عاصفة الحزم تنذر أردوغان الذي دعم السعودية آملًا في تحويل القبلة للأسد ليدرك الآن مدى خيالية تطبيقه!

الجريدة الرسمية