رئيس التحرير
عصام كامل

«دولة غزة» أحدث مخططات الاحتلال لتقسيم فلسطين.. مخطط إسرائيلي برعاية «تركية- قطرية» لفصل القطاع.. حلم «حماس» للاستيلاء على سيناء مرهون بدخول كلينتون البيت الأبيض.. وخبراء


كارثة جديدة تنتظرها المنطقة العربية، تتزايد معدلات تحققها مع توقعات وصول هيلاري كيلنتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، إلى رئاسة الولايات المتحدة، التي تتبنى فكرة «هدنة طويلة الأمد» بين حركة حماس وإسرائيل، وظهر ذلك جليًا في استئناف إطلاق صواريخ حماس مؤخرًا على إسرائيل مرة أخرى؛ تمهيدًا للاتفاق الذي يليه فصل غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية.


محللون اعتبروا أن سعي كل من قطر وتركيا لرعاية هذا الاتفاق يستهدف نزع ملف القضية الفلسطينية من مصر، فضلًا عن عزل سلطة محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، باعتباره أقرب إلى النظام المصري.

موقع «واللا» الإخباري العبري تحدث مؤخرًا عن وثائق وصلت إليه تكشف عن الدور الذي تلعبه قطر من أجل التوصل إلى هدنة طويلة المدى بين حماس والاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا وصول مسئولين قطريين إلى تل أبيب وإجراء مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي من أجل إقناع الاحتلال بالهدنة، وأن الدور المكوكي القطري نابع من حالة التوتر مع القاهرة من أجل نزع دورها الإقليمي.

هدنة طويلة الأمد
«واللا» وصف الدور القطري بأنه «شاذ»، مشيرًا إلى أن الدوحة تبذل جهدًا غير مسبوق للتوصل إلى تلك الهدنة، والتي من بين بنودها تأسيس مطار وميناء جوي، مشددًا على أن «حماس» هي من بادرت بطلب الهدنة، التي إذا تبلورت تتضمن مفاجآت عديدة للأطراف الدولية.

عناصر تابعة لـ«حماس» قالت للموقع العبري أيضًا: إن الحركة موافقة على كل البنود التي طرحتها قطر، كما أن إسرائيل أيضًا أعربت لهم عن أنها لا تعارض ما جاء في تلك البنود.

أمام ذلك، رأى الدكتور منصور عبد الوهاب الخبير في الصراع العربي الإسرائيلي، أن الهدف من الاقتراح القطري التركي هو ضمان بقاء حماس لأنها بعد الإخفاقات التي أصابتها في الآونة الأخيرة، خصوصًا بعد سقوط جماعة الإخوان الإرهابية بدأت تفقد كثيرًا من عناصر الدعم والتأييد بالوطن العربي، ولا تريد قطر وتركيا أن تموت الحركة نهائيًا لأنها إحدى أذرعهما بالمنطقة.

واعتبر عبدالوهاب أن الدوحة وأنقرة تعملان لصالح تل أبيب، وليس لصالح القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مشددًا على أن حماس قادرة على توقيع هدنة مع إسرائيل دون تدخل أطراف عربية، مضيفًا: أنه في السنوات الماضية وحاليًا يوجد تنسيق كامل بين الطرفين.

وتابع: «إطلاق الصواريخ يخدم بنيامين نتنياهو زعيم الليكود، الذي يشكل الحكومة الجديدة حاليًا، ومنهجه يعتمد على ترهيب المواطن والنخبة الإسرائيلية من أن إسرائيل دائمًا معرضة للخطر وأنه الأقدر على مواجهة حماس».

انهيار القضية
وحذر من خطورة قيام دولة غزة في أعقاب اتفاق الهدنة المذكورة لأنه يؤدي إلى انهيار القضية الفلسطينية، موضحًا أنه في حال الانفصال بين الضفة وغزة فإن الحل في هذه الحالة إقامة اتحاد كونفيدرالي بين الضفة والأردن.

ولفت إلى أن الإخوان سعوا أثناء تواجدهم في الحكم إلى تنفيذ هذا المخطط الذي يخدم أمريكا والاحتلال، وبموجبه تأخذ غزة جزءا من سيناء لإقامة الدولة، ورغم فشل مخططهم إلا أن هناك محاولات حالية لإعادة تنفيذه.

الخبير في الصراع العربي الإسرائيلي أوضح أيضًا أنه في حال وصول هيلارى كلينتون إلى البيت الأبيض فلن تقدم واشنطن للقضية الفسطينية أو للعرب ما لا يتفق مع المصالح الأمريكية الإسرائيلية، وما يمليه اللوبي الصهيوني في أمريكا ينفذه أي رئيس أمريكي (سواء كان جمهوريًا أو ديمقراطيًا»، موضحًا أنها حين طرحت هذا الطرح فكان ذلك بالتوثيق الكامل مع إسرائيل.

وأكد طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن هناك مخططًا إسرائيليًا برعاية قطرية تركية لفصل غزة عن الضفة الغربية، وتجرى محولات عدة لتنفيذه، مشيرًا إلى أن هناك تنسيقًا مباشرًا بين الجانب القطري والتركي من جهة وبين حماس وإسرائيل من جهة أخرى.

وقال فهمي: "إن قطر في الفترة الأخيرة نسقت بشكل مباشر مع الحكومة الإسرائيلية في هذا الشأن، واتضح ذلك في عدة صور من بينها تشغيل خط الكهرباء بالوقود الإسرائيلي للقطاع، فضلا عن توقيع اتفاق مباشر مع الاحتلال لدخول السلع الخاصة ومواد البناء".

وشدد على أن قطر تتدخل في غزة بما لا يتفق مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الذي يرفض فصل غزة عن الضفة أو التفاوض السري بين الحركة والاحتلال، مشيرًا إلى أن الجانب التركي يدعم الموقف القطري وحتى زيارة "أبو مازن" لتركيا الأخيرة لم تساعد في تقريب وجهات النظر مع السلطة ولم تحظ بدعم تركي.

وأوضح أن الأتراك والقطريين ويدخل معهم على الخط الإيرانيون يتبعون سياسة فرض الأمر الواقع في غزة ونزع الدور المصري.

قوى الشر
وقال القيادي في هيئة العمل الوطني بقطاع غزة، محمود الزق، في تصريحات خاصة لـ«فيتو»: «لا أشك مطلقًا في أن قوى الشر الدولية وتحديدًا إسرائيل ومن يدعمها والتي تسعى وبكل جهد لفصل قطاع غزة عن سياق الوطن جغرافيًا وسياسيًا واعتماده كمكون سياسي مستقل أو دفعه قسرًا صوب احتوائه جنوبًا مع الشقيقة مصر، بهدف واضح، وهو شطب الهوية الفلسطينية ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة».

وأضاف: «الانقسام الذي بادرت حماس بالقيام به عبر انقلاب دموي في غزة، يأتي في هذا السياق، والحقيقة تؤكد أن قطر ونظام الإخوان بمصر (سابقًا)، سعيا وبكل جدية بالتعامل مع غزة ككينونة مستقلة متجاوزين السلطة الوطنية الفلسطينية".

وأضاف: "جميعنا يدرك مغزى زيارة أمير قطر لغزة مع السيدة الأولى ومراسم استقباله في القطاع (سجادة حمراء ومنصة شرف وسيدة أولى تستقبل سيدة أولى ونشيد وطني فكلها مراسم سيادية لدولة) - على حد قول «الزق».

وتابع: «المشروع الخطير المتبني لإقامة منطقة صناعية بين (مصر وغزة الممول من إخوان بريطانيا)، والذي يعطي الحق لأهل غزة بالتملك للأراضي والاستثمار والأخطر بحصولهم على الجنسية المصرية، كان تنفيذًا لهذا المخطط، ويعلم الجميع أن عشرات الآلاف حصلوا على الجنسية المصرية خلال فترة شهور فقط في عهد مرسي».

وشدد على أن تركيا وقطر حاولتا استغلال العدوان الأخير على غزة لتمرير هذا المشروع عبر مؤتمر باريس (الفاشل)، الذي تجاهل مصر والسلطة الوطنية في محاولة لتمرير حلول في جوهرها التعامل مع غزة كإمارة مستقلة، وفتح مطار وميناء لها باتفاق بين حماس وإسرائيل، ولولا الموقف الصلب لمصر والسلطة والفصائل الفلسطينية لتم تمرير هذا المشروع الخطير.

وأشار إلى أن هذه المناوشات الصغيرة، والتي ربما ستتطور بشكل محسوب تؤزم الوضع وتتيح لقطر وتركيا التدخل مجددًا لتمرير ذاك المخطط الخطير.

وأضاف: «أعتقد أن شعبنا سيدفع الثمن مرة أخرى لهذا المخطط ومؤمن بأن الفشل سيكون مرة ثانية من نصيب قوى الشر وأدواتهم في فلسطين ومنطقتنا العربية والتي تستهدف تمزيق أمتنا وإخضاعها بالكامل لمنظومة القوى الدولية الاستعمارية التي تستهدف إدامة نهب خيرات شعوبنا العربية والحفاظ على كيان إسرائيل كدولة عظمى تحمى مصالحهم».
الجريدة الرسمية