رئيس التحرير
عصام كامل

موجة هبلة


شهد الأسبوع الماضى ثلاث موجات متدافعات، محملة بآراء في الدين، حيرت الناس، وصدمت الجميع، وتعرض لها الرئيس السيسي في كلمته إلى طلبة الكلية الحربية، قبل أيام. من الزميل شريف الشوباشي، إلى الراقصة دينا، إلى إسلام بحيري ومناظرته مع رجلين نجلهما ونوقرهما الشيخ أسامة الأزهري، والشيخ الحبيب الجفري.


دعونا الأول نتفق، على أن المجتمع المصري منقسم إلى ثلاث شرائح نفسية، الشريحة الأولى هم دعاة العنف وممارسوه، بدءا من الجماعات الإرهابية إلى البلطجية والعصبيين، وأصحاب الألسنة البذيئة، ومذيعي الشائعات، والمشعللاتية، وأي شخص تصبح عليه، فيقبح عليك فورا.

مجموعة سايكو فعلا لسانا وفكرا وعضلا !

الشريحة الثانية، عصبة المتفرجين، والندابين والمعدداتية، ولاطمو الخدود، وشاقو الجيوب والصدور، لا مانع عندهم أن ينصتوا إليك متعاطفين، ثم ينقلبون عليك تشهيرا، وتوسيخا، مستخدمين، الفيس والتتويت، والفوتوشوب !

أما الشريحة الثالثة، فهي شريحة بث الحنق والحقد والغل، وفيها أو أخفيها، وصارت دكاكين بيع الكراهية، من خلال النص الديني والسياسي،مع خلطة سرية، تدر ملايين، تخصم منها الضرائب، ما تشاء، لكن لا شيء يهم، طالما ماكينة ضخ الغل شغالة ليلا ونهارا، إمدادا وتموينا، للشريحتين المذكورتين أعلاه. في مجتمع سيكو كهذا، متقلب، متفتح مفسوخ، يصبح ظهور القتلة والأمساخ، والبهلوانات، والكسيبة، ومفتي التيسير والتضييق، إفرازا طبيعيا، ومن ثم لا ينبغي أن ندهش حين تدلي راقصة، ذات تاريخ عريق في العرق، بدلوها، وتخش على دائرة النقاش بالخبرات السابقة، وتفتي بوجوب الشعور بالقلق إن رأت الزوجة رجلها يصلي ويواظب على الصلاة، قالت: الست تقلق أول ما جوزها يصلي، لو عرف ربنا حيتجوز عليها، بدل ما يصاحب، هو إحنا متخناش ولا إيه ؟!

قبلها دخل زميلنا الوقور شريف الشوباشي عش الدبابير والصراصير والأفاعي، ودعا إلى مليونية لخلع الحجاب، إعلانا بالمرحلة الثانية من تحرير المرأة، وحدد مكانها بميدان التحرير، وأظن لم يذهب أحد كثيرا. بل أحسب أنها جاءت بردود عكسية، وتعرض شريف لهجوم شرس، بدءا من كونه باحثا عن شهرة، إلى كونه جاهلا بما يدعو إليه، بل استتابه البعض، وقاضاه البعض، بل عرضه المذيع وائل الإبراشي أمام صوت عاقل وقور ووجه هادئ محب، ولسان عف، هم جميعا الزميلة نشوى الحوفي، ثم أمام ماسورة كراهية لشخص!!

الهجمة القوية، وضعف حجة شريف، سحباه من يقينه وأسكناه ملجأ التراجع بسهولة، ففيم كان القتال أصلا ؟! وهل كان من المفيد واللازم، طرح قضية كهذه في أوان كهذا؟! هل المجتمع بتشريحه وشرائحه الاجتماعية، جاهز لإعمال العقل ؟!

ومن قبل الشوباشي جرت معركة بين الأزهر والشاب إسلام بحيري، ومن بعدها جرت مناظرة، خسر فيها الأزهري أسامة الأزهري والجفري التونسي والبحيري، وسهروا الناس حتى الثالثة صباحا، ولم يستفد أحد، وكانت بحق قبضة ريح ! ومع ذلك خرج كل منهم يتوت ويخبط في الحلل، ويصرخ بأنه انتصر، وأن غيره انهزم !

كلكم انهزمتم وصغرتم، لأن الوقت غير مناسب للتفعيص والتمحيص.

ما هذا الذي يحدث لنا وعلينا، لقد زاد الكفر والملحدون، ومن عجب أن عصور التطرف هي عصور الكفر والملحدين، فاخجلوا يا من تدعون أنكم دعاة الله إلى العالمين، واقتدوا بالنبي، رسول الفطرة السوية والعقل والحب والرحمة والتسامح وعفة اللسان. إنه حقا أسبوع المعارك التافهة، بينما يخوض الجيش والشرطة معارك الحياة والشرف والدم الغالي.

الجريدة الرسمية