رئيس التحرير
عصام كامل

محلب يعيد "الساعة المسروقة"


أخيرا صحح رئيس الوزراء خطأه وأعاد الساعة المسروقة من يوم المصريين صيفا، وأزال عن المصريين الكابوس المسمى بـ "التوقيت الصيفى".

بمنطق التفاؤل علينا أن ننظر لقرار مجلس الوزراء أمس بوقف تطبيق التوقيت الصيفي للعام الحالي بمنظار من يرى نصف الكوب المملوء بالماء، وأبرز إيجابياته أنه يؤكد أن هناك من بدأ يسمع رأى الشعب ويستجيب لرغباته ويعترف بحقوقه.


ولكن لا أدرى لماذا كلف المجلس الوزراء المعنيين بإعداد دراسة علمية متكاملة لجدوى الاستمرار في تطبيقه من عدمه في الأعوام القادمة، فلن يجرؤ أي مسئول في مصر بعد اليوم على التفكير في إعادة هذا التوقيت من دون إرادة الأغلبية الساحقة للمصريين، خصوصا أننى علمت أن 90 % من المواطنين الذين استطلع مركز دعم واتخاذ القرار التابع للمجلس رفضوا استمرار هذا التوقيت القذر لأنه يربك ساعتهم البيولوجية، وأن وزارة الكهرباء أكدت أن هذا التوقيت البغيض لا يحقق أي وفر في الكهرباء، وأن 95% من المواطنين الذين استطلعت وسائل الإعلام آراءهم أكدت رغبتهم في إلغاء هذا التوقيت، وأن جهات سيادية ووزارات عديدة رأت أنه عديم الجدوى.

منذ أيام المخلوع مبارك كتبت عددا من المقالات في جريدة "العربى" الناصرى ضد التوقيت الصيفى، وكنت أكثر المصريين سعادة عندما ألغاه المجلس العسكري بعد ثورة يناير، وكنت أكثرهم اكتئابا وصدمة عندما قرر محلب العام الماضى إعادته فجأة وبدون مقدمات أو استطلاع رأى الناس.

بالأمس تلقيت اتصالات ورسائل على الفيس بوك تهنئنى وتعتبر أننى انتصرت في معركة كافحت بقلمى من أجلها كثيرا، واليوم من حقنا أن نفرح لانتصار حققته إرادة شعب، بإلغاء التوقيت الذي ابتدعه الديكتاتور المخلوع الفاسد مبارك لتعذيب الشعب تنفيذا لرغبته وهواه، باعتبار أن المصريين مجموعة "قطيع" من حقه أن يسوقهم كيفما وحيثما يريد.

من فرط كراهيتى لهذا التوقيت كتبت أكثر من 20 بوستا على صفحتى بالفيس بوك ضده، ومساء نفس يوم السبت 11 أبريل الذي كتبت فيه مقالى في فيتو بعنوان "الصيف وتوقيته اللعين" علمت أن المهندس إبراهيم محلب، على خلفية هذا المقال، كلف مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، بإجراء استطلاع للرأى بين المواطنين، بشأن تطبيق التوقيت الصيفى من عدمه، وناشد وسائل الإعلام المختلفة التي لديها مراكز لاستطلاعات الرأى أن تفعل الشىء نفسه وتوافيه بنتائجه.

وأقتبس هنا نص البوست الذي كتبته على صفحتى بالفيس يوم 14 مايو 2014 وصَدَم الكثيرين في نهايته واعتبروه مزحا ماسخا.
"أعلن المهندس إبراهيم محلب إلغاء قرار إعادة العمل بالتوقيت الصيفى الذي كان مقررا العمل به بعد منتصف ليلة الغد الخميس.
وأكد محلب أن الرضوخ لإرادة الشعب من جانب الحاكم هو أحد الأدبيات التي أفرزتها ثورتا يناير ويونيو، وأنه لا يعيب المسئول أن يتراجع عن قراره إذا كان خاطئا.

محلب اعترف في تصريحات منذ قليل بأنه اتخذ القرار منفردا دون الرجوع إلى رأى الوزراء أنفسهم، ودون استطلاع رأى المصريين أصحاب الشأن.

وأضاف أنه تراجع عن القرار بعدما راقب خلال الأيام السبعة الماضية رد الفعل الشعبى على التوقيت، واكتشف أنه مرفوض من جميع أطياف الشعب، واعترف بأن كل وزراء الكهرباء السابقين رفعوا تقارير سابقة للمخلوع مبارك تفيد بأنه لا يحقق وفرا في الكهرباء طوال شهور تطبيقه سوى 100 ميجا وات.

واعترف رئيس الوزراء بأن هذا الوفر الضئيل لا يتساوى مع حجم العذاب الذي يعانيه المصريون من جراء تطبيق التوقيت الذي وصفه بأنه "عديم الجدوى".

وبعد أن استمعت إلى تصريحات محلب للصحفيين رن جرس الموبايل لاستيقظ من نومى وأنهض من سريرى وأخرج من حلم جميل إلى أمنية ما زال يراودنى الأمل في تحقيقها، هل يصحح محلب خطأه ويتراجع؟

انتهى البوست بمزحة أو بحلم، ولكن ها هو المزح أو الحلم يتحول في 20 مايو 2015 إلى حقيقة، وجاء اليوم الذي أشعر فيه أن هناك من يقرأ لنا بعد أن كدنا نصل إلى قناعة بأن ما نكتبه لا يساوى ثمن حبر القلم.
الجريدة الرسمية