رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا الإخوان قوة احتلال؟


ثلاثة أسئلة مغموسة فى الدم، والدهشة ترج جدران مصر فى الوقت الراهن، لها عواقبها الوشيكة:

1- لماذا يشعر المصريون بأن جماعة الإخوان تحتلهم؟

الاحتلال عادة أجنبى، فهل عكست تصرفات وقرارات الإخوان ما خلق ودعم هذه الرؤية الداعية إلى وجوب المقاومة؟ بالطبع؛ فإن الإخوان ليسوا قوة احتلال؛ لأنهم مصريون غير أن أداءهم الغالب يتجاوز مصر إلى مصلحة التنظيم الدولى، ليصب فيما يسمونه بالمشروع الإسلامى، الاسم العصرى للخلافة الإسلامية، الحق إن ما يهتف به الناس من ضرورة تحرير البلاد من الاحتلال الإخوانى هو أشد المفارقات إيلامًا وإثارة للتأمل، لقد ترسخ هذا الشعور الأسود؛ لأن السلطة لا تريد أن تحكم البلاد فحسب، بل تريد أن تكون هى البلاد، ضربت يدها جوة العروق ودخلت، وتسربت إلى الأوردة وسكنت، وفى المفاصل وتحت الجلد أقامت، وفى حجرات الرئة لبدت!

الشعور بالاحتلال هو سبب دعوة الجيش، وفى ذلك إجابة عن السؤال الثانى :
2- لماذا يريد الناس الآن عمل توكيلات باسم الجيش ليدير البلاد بدلا من الرئيس المنتخب؟!.
للتوكيلات عمومًا سيرة ذكية فى التاريخ الليبرالى الوطنى.. مرتبطة بملايين التوقيعات فوّض بها المصريون الزعيم سعد زغلول للتفاوض مع الإنجليز، التوكيلات كانت وقود ثورة 1919، وقتها اعترفت سلطة الاحتلال بشرعية التفويض، الآن تغلق وزارة العدل مقار الشهر العقارى لوقف توكيل الفريق السيسى، ويلجأ الناس الآن إلى التوكيل العرفى، لا ينبغى أن ينسى الناس أنه يوجد رئيس منتخب، أى معه ترخيص شعبى لقيادة عربة البلاد بأمان، القائد تتخبط به السيارة، لا تزال قدماه مرتبكتين فى حوارهما مع" البنزيم" والفرامل.. وحاشا لله أن يكون ثمة "درنك" فى العملية، ما لم يكن هذا الدرنك من نوع خمور السلطة، التى تطيح بالألباب والأفئدة.. أو لعل الخفى عن الناس هو ذلك السائق السرى أو البديل أو الشريك!

أيًّا كانت الأسباب، فإن الشعب غير راضٍ، وتاريخ انتهاء الرخصة ربما يتزامن مع تاريخ انتهاء صلاحية مصر داخليًّا وخارجيًّا، وهذا ما يدفع الناس إلى ملاذ التوكيلات للزج بالجيش، وسط إشارات متناثرة فى صحف غربية بدعم أمريكى على استحياء، خوفًا من انزلاق مصر ومعها المنطقة كلها إلى بحر الفوضى، كأن مصلحتنا تهمهم! يمر هذا كله تحت أنف الرئيس وهو مسترخى النبرات، هادئ النظرات، غائص فى التحليلات والتبريرات!

3- لماذا بلغت رقعة العصيان مدينتى الرقيقة الحالمة الثائرة الآن.. المنصورة؟
كم بكى القلب على الصبى حسام عبد العظيم الذى دهسته مدرعة شرطة! وكم بكى القلب وأهلى هناك يختنقون بغاز القنابل يتسلل إليهم عبر النوافذ، ومن قبلها غاز النشادر تمدد لسنوات من مصنع السماد، عصيان المنصورة منطقى؛ لأنها موطن حرية الخيال والجمال والفن والعشق والتسامح، صعب أن تتوافق مدينة حرة العقل والوجدان مع قبضة السجان. عصيان المنصورة مقدمة لعصيان الدلتا، أظن أننا مقبلون على هاوية.

الجريدة الرسمية